26 حزيران 2015
عام مرّ على زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للاراضي المقدّسة، تزامنا مع استقبالها البابا فرنسيس. الزيارة التي اعتُبرت تاريخية لأنّها الاولى لبطريرك ماروني او مشرقي في العصور الحديثة، كانت محطة مهمة التقى خلالها اللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل عام 2000، وكانت مناشدات له من أجل “استعادة هؤلاء لأنهم جزء من التركيبة اللبنانية، وقد آن الأوان لطي هذا الملف”.
لم يطرأ جديد على هذا الملف، رغم الدعوات المتكرّرة الى الكنيسة والتوصيات التي يصدرها مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعاته الدورية، وكأنّ جميع الأفرقاء السياسيين من كل الاتجاهات، متواطئون في التعتيم عليه، خشية أن ينفرد أي منهم باستثماره سياسياً، مع ان الظروف الراهنة وما يمر به البلد والمنطقة، قد تكون ملائمة لإعادة فتحه.
“النهار” التقت رئيس أساقفة حيفا والنائب البطريركي الماروني على الأراضي المقدسة والأردن المطران موسى الحاج الذي كان في زيارة راعوية لبلدة القليعة، وسألته عن الجديد في الملف، فأجاب: “عدد اللبنانيين حالياً هو680 عائلة، أي نحو ثلاثة آلاف شخص، ثلثهم من بلدة القليعة والباقون من بلدات وطوائف مختلفة، ويسكنون في مدن اسرائيلية عدة، ذلك ان اسرائيل لم تقم لهم تجمّعات سكنية خشية تكتّلهم، ففضّلت توزيعهم في اماكن متفرقة من الشمال الى الجنوب. علاقتنا بهم راعوية وروحية، نشعر بمعاناتهم وألمهم منذ عام 2000. ليسوا مرتاحين ويسألوننا دوما عن الجهات التي تتابع قضيّتهم. لذا، نناشد الحكومة اللبنانية باستمرار، كما ناشدها غبطة البطريرك، العمل لإيجاد حل لهذه المشكلة. فالبيئة التي يعيشون فيها ليست بيئتهم. صحيح أن الذين ولدوا ونشأوا هناك ليس صعبا عليهم التأقلم، ولكنّ آباءهم لم يتمكّنوا من التأقلم حتى اليوم. معظمهم لا يهمّه ما يجني من أموال ولا الخدمات التي يحصل عليها، ورغم معرفتهم بالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية السيئة التي يعيشها لبنان، إلا أنّهم يفضّلون العودة الى بلدهم. قد تكون هناك فئة محدودة لا ترغب في ذلك لأسباب خاصة، لكنّني أؤكّد أن الباقين، وهم أكثرية، يرغبون في العودة”.
وأشار الى “أن زيارة البطريرك العام الماضي، وإن لم تؤت ثمارا في حلّ المشكلة، إلا انّها ساهمت في تفهّم العرب والفلسطينيين لقضية هؤلاء، لأنّهم سابقاً كانوا يعتبرونهم عملاء، لكنّ زيارته غيّرت هذه النظرة والمفهوم”.
وأوضح “أن معظمهم حصل على الجنسية الاسرائيلية ولا سيما منهم الذين وُلدوا هناك، فيما يعتمد كثيرون الاقامة التي تُجدّد دورياً، وهم يطالبون بالعودة أو السفر الى أي بلد آخر، علّ أولادهم يتمكّنون في المستقبل من العودة الى لبنان بما ان السلام بعيد المنال حالياً، وخصوصاً أنّ الاسرائيليين لا يتعاملون معهم جيّداً، اذ اعتمدوا سياسة تفريقهم وتوزيعهم على مدن اسرائيلية عدة، ولم يسمحوا لهم ببناء هيكلية تتابع شؤونهم أو تطالب بحقوقهم، وفي كلّ مرّة يشكّلون لجنة خاصة للمطالبة بأمور معيّنة “يخرقونها” كي لا تصل الى أهدافها”.
وعن التمييع في متابعة الملف، قال: “نحن نطرق الأبواب دوماً لمعالجة الموضوع، وغبطة البطريرك لديه علاقات واسعة، والكنيسة لن تنسى هذا الموضوع. التجاذبات السياسية أقصت السياسيين عن متابعته، فالجميع تحمّسوا ويتحمّسون بين حين وآخر ثم ينسون الموضوع، وكأنّهم غير مؤمنين بهذه القضية وضرورة حلّها، ويبدو ان الجميع يشعرون بخوف اكثر من اللزوم. نعلم ان للدولة همومها وهواجسها، ونحن جميعا تحت القانون ومع الدولة، ولكن يجب ان يُنظر الى هذا الموضوع بعين إنسانية، خصوصاً انه مرّ عليه 15 عاما”.
يعيش في اسرائيل 7500 ماروني يسمّون “موارنة الداخل”، وهم من جذور لبنانية لكنّهم يعيشون منذ عقود في الأراضي المقدسة وخصوصا في الجليل، وأصبحوا جزءاً من المجتمع الاسرائيلي. فهل يؤدّي إهمال ملف اللبنانيين اللاجئين الى إسرائيل، الى إضافة نحو 2500 ماروني الى هؤلاء، فضلاً عن أبناء الطوائف الأخرى؟