يُحتفل في السابع عشر من كانون الثاني يناير المقبل باليوم العالمي الثاني بعد المائة للمهاجر واللاجئ. للمناسبة أصدر البابا فرنسيس رسالة بعنوان “مهاجرون ولاجئون يحاكوننا. جواب إنجيل الرحمة”. أكد البابا في الوثيقة التي نشرها الفاتيكان ظهر اليوم الخميس أن محبة الله تريد أن تشمل الجميع لافتا إلى أن محبة الله تولي اهتماما خاصا بالخروف الجريح، المنهك أو المريض. كما أن يسوع المسيح حدثنا عن الآب الذي ينحني على الإنسان المجروح جسديا ومعنويا، وتظهر بشكل جلي رحمة الله عندما تزداد الظروف سوءا.
بعدها أكد البابا أن سيول الهجرة تزداد في عصرنا الحالي في كل أنحاء الكرة الأرضية حيث يوجد أشخاص لاجئون يهربون من أوطانهم ويحاكون الأفراد والجماعات. وغالبا ما يترك ضحايا العنف والفقر أراضيهم ويعانون من ممارسات المتاجرين بالكائنات البشرية خلال رحلة البحث عن مستقبل أفضل. إن إنجيل الرحمة ـ مضى البابا إلى القول ـ يحاكي الضمائر اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويمنعنا من الاعتياد على آلام الآخر ومعاناته ويدلنا على الحلول التي تتجذر في فضائل الإيمان والرجاء والمحبة، وتتجلى في أعمال الرحمة الروحية والجسدية.
هذا ولفتت الوثيقة إلى أن سيول الهجرة باتت اليوم واقعا بنويا والمسألة الأولى المطروحة اليوم تتعلّق بكيفية تخطي مرحلة الطوارئ لإفساح المجال أمام برامج تأخذ في عين الاعتبار أسباب الهجرة، والتبدلات التي تنتج عنها والتي تطبع أوجها جديدة للمجتمع والشعوب. كما أن الأزمات الإنسانية الناتجة عن هذه الظاهرة والتي نشهدها في مختلف أنحاء العالم تحاكي الجماعة الدولية يوميا. ولفت البابا إلى أن اللامبالاة والصمت يفتحان الدرب أمام التواطؤ عندما ننظر كمتفرجين إلى من يموتون خنقا وغرقا وبسبب العنف.
وذكّر البابا في هذا السياق بأن المهاجرين هم أخوة وأخوات لنا يبحثون عن حياة أفضل بعيدا عن الفقر والجوع والاستغلال والتوزيع المجحف لموارد الكرة الأرضية، التي يجب أن توزّع على الجميع بشكل منصف. وشدد البابا أيضا على أنه في هذه المرحلة من تاريخ البشرية، المطبوعة بالهجرات، تكتسب مسألة الهوية أهمية كبرى. فمن يهاجر ـ كتب البابا ـ يُجبر على تغيير بعض النواحي التي تحدد هويته وشخصيته، كما أن حضور المهاجرين واللاجئين يحاكي بجدية مختلف المجتمعات التي تستضيف هؤلاء الأشخاص، والمدعوة إلى مواجهة وقائع جديدة تحتاج إلى تنظيم وإدارة جيدة.
فيما يتعلّق بالهجرة شدد البابا فرنسيس على ضرورة النظر إلى المهاجرين ليس فقط استنادا إلى وضعهم القانوني غير الشرعي، إذ لا بد من النظر إليهم كأشخاص قادرين على الإسهام في تحقيق رخاء الجميع إذا ما احتُرمت كرامتهم، وهذا يحصل خصوصا عندما يتحمل المهاجرون واجباتهم بمسؤولية حيال المجتمع المضيف، ويحترمون الإرث المادي والروحي للبلد المضيف ويمتثلون للقوانين ويسددون ما يتوجب عليهم من ضرائب.
في الختام أكد البابا أن الكنيسة الكاثوليكية تقف إلى جانب كل من يبذلون الجهود من أجل الدفاع عن حق الجميع في العيش بكرامة، بدءا من الحق في عدم الهجرة من أجل الإسهام في نمو بلد المنشأ. كما أن لا أحد يمكنه أن يشعر أنه ليس معنيا بالأشكال الجديدة من العبودية التي تديرها المنظمات الإجرامية، فضلا عن جرائم أخرى مقيتة يهرب منها اللاجئون في زماننا الذين يحاكون الكنيسة والجماعة البشرية ولا بد أن يرى الجميع في وجوه اللاجئين والمهاجرين وجه الرب “الآب الرحوم وإله كل عزاء”.
زينيت