هناك من سمائه، لا يزال القديس شربل حاضرا معنا حضور الله ولا تزال السماء بفيض من محبتها فاتحة يديها لكل من التجأ اليها ولا تردّه خائبا، النعمة المناسبة في الوقت المناسب..والشفاء المناسب في الوقت المناسب. الله وحده يعرف التوقيت وهو وحده يرسل الشفاءات التي لا تقتصر على الشفاء الجسدي. فكم من انسان زار عنايا طالبا شفاءً جسديا فعاد بالشفاء النفسي والروحي ولم يعد يسأل عن الشفاء الآخر. وما كانت الاعجوبة الا نعمة خاصة للمعنيّ الّا أنّها تترك آثارها الايجابية في نفوس الآخرين وقد تقودهم الى شفاء من نوع آخر ربما من نوع الارتداد..طبعاً وبحسب تعليم الكنيسة الكاثوليكية ليست الأعجوبة شرط الايمان وان كانت تفعّله الا ان الايمان شرطٌ للاعجوبة!!
وتبقى عنايا الحدث في أية ساعة قصدتها، هناك حيث ضريح القديس شربل ومحبسته اللذان تحوّلا نبعاً للشفاءات المختلفة ومع كل شفاء يؤكد الله انه لا يزال ذاك الأب الذي يهتم بشعبه ويرعاه وان كانت تلك العناية لا تقتصر على الاعاجيب انما مجرد التأمل في تفاصيل يومياتنا وحياتنا لندرك يد الله التي حقا معنا!
شربل مخلوف ابن بقاعكفرا الشماليّة والرهبانيّة المارونيّة اللبنانيّة أعلنه البابا بولس السادس قديساً في التاسع من شهر تشرين الأول 1977، لا يزال مقصداً لكل من يحمل همّا وهاجساً وألماً ووجعاً وحتى فرحاً لأية طائفة انتمى..ولا يزال كلّ مؤمن يقرع بواسطته باب السماء!!
فيض من المعجزات يحققها الله من خلال القديس وسجّلت دوائر عنايا احدى وثلاثين أعجوبة منذ عيد مار شربل في تموز الماضي وفق ما يوضح مسجّل عجائب القديس منذ العام 1981 الأب لويس مطر مشيرا الى أنّ الله هو الذي يقوم بالأعجوبة ولا يرفض طلباً لقديس عاش كل حياته له.
ويعدّد الأب مطر عدداً من الأعاجيب التي حدثت بواسطة القديس شربل في الآونة الأخيرة وهي لا تقتصر على المسيحيين مشددا على أن كل تلك الاعاجيب مثبتة بتقارير طبيّة يفوق بعضها الخمسين صفحة ونورد منها:
– شفاء إمرأة روم ارثوذكس من حمص اكتشفت “درنة” سرطانيّة في الكلى ولم يكن بإمكانها اجراء العمليّة في حمص وطلِب منها التوجّه الى الشام او الموت! وتقرّرت العملية في السادس عشر من ايلول الفائت وليل الخامس عشر منه وهي نائمة يأتي اليها القديس شربل ويعرّف عن نفسه ويقول انه آتٍ ليشفيها وفعلا هكذا حصل بعدما مرّر يده على بطنها وغادر. الأمر الذي اكده الاطباء في اليوم التالي وهو ما أبرزه إبنها الذي زار عنايا مؤخرا وأبرَزَ التقارير التي صوّرها عبر هاتفه.
– ومن الروم الارثوذكس الى السريان الارثوذكس، الفتاة ايلينا سيدة بسيم كوريّة ولِدت في 23/11/2011 بفسخ في جمجمتها وخلل في شكل وجهها وهي لا تسمع ولا ترى ولا تمشي بسبب شلل، تسكن مع اهلها في هولندا وهم في الاصل من سدّ البوشرية اللبنانية وفي زيارة الى لبنان اصطحبتها جدّتها الى عنايا حيث نزلت الفتاة فجأة من السيارة ومشت وحدها الى المحبسة ثم عادت سيرا على الاقدام أيضاً وهي علامة شفاء أولى. وبعد ثلاثة أسابيع وأثناء الليل زارها القديس شربل وتحقّق الشفاء الكليّ وحتى في الشكل فعاد بها أبوها الى هولندا حيث كانت المفاجأة كبيرة للأطباء وقدّمت احدى الطبيبات شهادتها قائلة للوالد:”ما حصل مع ابنتك أجبرني على الايمان”.
الاعجوبة تمّت في 1/8/2015.
– أعجوبة أخرى مع طفلة روم كاثوليك تقلا شربل موسى من الميّة وميّة في جنوب لبنان وتقيم مع اهلها في الولايات المتحدة الاميركيّة. تبيّن في الشهر السابع من الحبل بها أنّ ثمة خللا في الرأس بحيث يبلغ حجم الماء فيه 19 سنتم ونصف عوض التسعة.
وأكد الطبيب جوزف معوّض للأهل ان الطفلة بحاجة فور الولادة الى عمليّة زرع شريان من المخ الى المعدة. إتصل الأب من الخارج بأمه في لبنان وشرح لها الوضع. فقصدت مار شربل ومشت من دير مار مارون الى المحبسة مصليّة للجنين.
وحضر القديس شربل على الأم فحصل الشفاء وهو ما أكّده الطبيب معوّض معلنا ان الفحص بيّن ان 19.5 سنتم من الماء باتوا 9 سنتم . وهكذا حضر الأهل الى لبنان شاكرين بعد ولادة تقلا.
وهكذا النعَم لا تقتصر على المسيحيين ونورد الآن أعجوبتين حصلتا مع شيعي وآخر سنّي.
– الشيعيّ هو محمد أحمد يونس مغترب لبناني وتاجر في ابيدجان. أصابه شلل نصفي فقام صديق له اسمه جوزف بوضع زيت له اصطحبه من عنايا بشكل صليب على جبهته وخدّه وكتفه فكان الشفاء.
– السنيّ هو الطفل يوسف بسام مرعي وهو ابن أم مسيحية وأب سنيّ من قب الياس. نتيجة خطأ طبيّ تحجّرت كليتا يوسف الذي بات يلزمه غسيل للكلى فاتصلت الام بوزير الصحة وائل بو فاعور للشكوى وقامت باحضار “دخيرة” من القديس شربل ووضعتها في ثوب الطفل داخل العناية المركّزة فحصل الشفاء وعادت الأم عن شكواها!
وبالأرقام، يشير الأب لويس مطر الى ان تسع أعاجيب حصلت الواحدة تلو الأخرى مع تسعة أشخاص من طوائف مختلفة كاشفا عن حصول 26000 أعجوبة بواسطة القديس شربل منذ الخمسينيّات حتى اليوم.
ويضيف:”يقصد دير مار مارون عنايا اربعة ملايين و500 ألف شخص في السنة وتوزّع المناولة لمليون و200 ألف مؤمن سنويّا” لافتا الى أنّ مواطنين من 133 بلدا يراسلون دير عنايا وأن ثمة 300 ألف رسالة محفوظة في أرشيف الدير.
ويبقى مار شربل منارة على الجبل لكلّ من ضلّ الطريق وسدّ الأفق في وجهه..فعندما يعجز الطبّ يبقى الدواء سماويّا وعندما تضع الأرض حدودا تفتح السماء أبوابها وعندما تتعرقل في الأرض يبقى “ليس عند الله أمر عسير”!
المصدر: aleteia