تحقيق بدوي حبق
وطنية – الوادي المقدس من مار ليشع الى وادي قنوبين يتبع عقاريا بلدة حدشيت، إنها بلدة من بلدات قضاء بشري ترتفع عن سطح البحر 1350 م. تعود التسمية لهذه البلدة الى زمن الفراعنة أحد الآلهة الستة أو المدينة الحديثة.
يبلغ عدد سكانها حوالي 7475 نسمة حسب لوائح الشطب بين مقيم ومغترب أغلبيتهم في سدني وملبورن في إستراليا وفي سانت لويس في أميركا وفي أميركا الجنوبية وحاليا هناك هجرة جديدة وحديثة الى كندا.
تتصل بلدة حدشيت ببشري مركز القضاء الى نهر ربة نهر مار سمعان، ويقول أحد المربين في البلدة أنها كانت برج مراقبة زمن الرومان لكل المارين والعابرين في الوادي المقدس.
حدشيت كغيرها من القرى والبلدات الرابضة على كتف الوادي المقدس تغمرها الكنائس والأديار فكنيسة الرعية فيها هي كنيسة مار رومانوس شفيع البلدة ويحتفل بعيده في الرابع من أيلول، كما يوجد كنيسة مار سركيس وباخوس، كنيسة سيدة الشقيف والذي يقع الى جانبها برج الوادي المقدس.
أديارها ثلاثة عشر ديرا وجميعهم في الوادي دير مار إنطانيوس البادواني في قعره محبسة مار سلوان وفوقه دير الصليب زمن البطريركية القديمة وكتب القداس في دير الصليب وكتبه سركيس بن كعبوش وفي طابقه الثاني مكتبة كانت تعد من اكبر مكتبة في لبنان، وحرقت زمن المماليك، دير مار سركيس القلعة، مار بهنام، القديسة شمونة أم السبعة، وهي قديسة قبل المسيح ولها مذبح داخل كنيسة مار رومانوس وهذا يدل على ان الكنيسة قديمة العهد، دير مار جرجس، مار شليطا، مار بسكوان، مار يوحنا، مار آسيا وغيرهم.
وعلى تلة جبل مار الياس في البلدة مزار سابق في مغارة في الصخر وقد أنشئت فيه مؤخرا ساحة للاحتفالات والمناسبات وقد أقيمت فيه التنشئة الدينية مع البطريرك بشارة الراعي وقد دشنها حديثا السفير البابوي في لبنان والمطران مارون العمار النائب البطريركي العام على الجبة وزغرتا.
يتألف المجلس البلدي في حدشيت من 15 عضوا برئاسة المحامي إيلي الحمصي ولها ثلاثة مخاتير، أليكسي فارس رئيس رابطة مخاتير قضاء بشري، جوزيف ساسين وميلاد يونس. ويقول رئيس البلدية المحامي الحمصي أن “حدشيت تمتد جغرافيا الى قلب وادي قاديشا وكافة الأراضي في النطاق الجغرافي لها في وادي قاديشا هي أملاك خاصة تعود لأهالي البلدة”.
اضاف: “أن وادي حدشيت يضم العدد الأكبر من الأماكن الأثرية الدينية الذي يعود الى القرن الحادي عشر، ومن ضمن الأعمال التي تقوم بها البلدية يقول بأنها نفذت شبكات للري بالتعاون مع إتحاد بلديات قضاء بشري ووزارة الطاقة ضمن خطة مستقبلية ليصبح ري المزروعات مؤمن بشكل دائم”، مشيرا الى ان “مجلس الإنماء والإعمار وبسعي من نائبي بشري ستريدا جعجع وإيلي كيروز وإهتمام البلدية ينفذ مشروعا لمياه الشفة تبلغ قيمته أربعة ملايين دولار، وكذلك بناء خزانين للمياه تبلغ سعتهما 600 متر مكعب. ونفذ أيضا جدران دعم عند مدخل البلدة. كما نفذ المجلس البلدي مشروع تبليط وتجميل ساحة كنيسة مار سركيس وباخوس كما تبليط الشوارع الداخلية للبلدة وتجميلها ويندرج هذا المشروع من ضمن خطة البلدية لتنمية السياحة الريفية وإستقطاب السياح لزيارة البلدة والتعرف الى معالمها التاريخية والأثرية الغنية بها”.
ويعمل رئيس البلدية المحامي الحمصي ولإظهار وجه بلدته حدشيت على التحضير لنشر كتاب عن تاريخ البلدة منذ وجودها وحتى اليوم يتضمن كافة المعلومات التاريخية الأثرية السياحية التربوية الإقتصادية للبلدة كما يتضمن دراسة عن النمو فيها والهجرة الى بلاد الإغتراب. ويعمل على إنجازه أساتذة في الجامعة اللبنانية ومهتمين بالشأن التاريخي كالدكتور الياس القطار والأب الدكتور سركيس الطبر، ميشال أبو فاضل، جان نخول، نافذ الأحمر والدكتور عصام خليفة. وعملت البلدية على توأمة البلدة مع بلدة فرنسية Sauve tere de guyenne، في 11 نيسان 2015 بهدف التبادل الثقافي والسياحي.
أضاف الحمصي بأنه “سيصل الى حدشيت وفدا من المدينة الفرنسية في آب 2016 المقبل، سيقام على شرفه ضيافة الهريسة التي هي تقليد يقام في الأعياد”.
وبحسب ما يقوله أهل البلدة أنهم كانوا يعيشون في الوادي الذي يوجد فيه طواحين على المياه ومدرس زيتون على الحصان وهذا يدل على أن حدشيت بلدة غنية بالزيتون والدليل على ذلك كان يوسف بك كرم عندما يصل إليها ينزل عن حصانه ويقول هذه العبارة الله معك يا حدشيت الكاملة”.
وتشتهر حدشيت بزراعة كروم العنب في جبل مار الياس وهو فريد من نوعه ويعرف بالحلبوني والزيتاني ويعمل أهل البلدة على إنتاج النبيذ والعرق من العنب المحلي. كما تشتهر كغيرها من البلدات الجبلية بالتفاح والإجاص والكرز والمشمش.
تتميز حدشيت عن غيرها من البلدات المجاورة لأن عددا كبيرا من أبنائها ويتجاوز عددهم 300 عائلة تظل فيها في فصل الشتاء ويتكلون بشكل أساسي على الزراعة حيث تعمل البلدية مع المغتربين من أهالي البلدة في سيدني ومالبورن على مساعدة الأهالي والقيام بعمليات التحسين والتأهيل لتثبيتهم في أرضهم. وقد أنشىء حديثا خزان لتأمين المياه الشفة الى البلدة بتمويل من إبن البلدة جرجس صعب وعلى نفقته الخاصة. كذلك فإن التعليم يؤمن لأبنائها المقيمين مع أبناء البلدات المجاورة من خلال مدرسة حدشيت الرسمية وهي تكميلية تعطي اللغتين الفرنسية والإنكليزية وتتلقى الدعم من البلدية، كما مدرسة خاصة هي مدرسة راهبات القديسة تريزيا الطفل يسوع وفيها 400 تلميذ كما يوجد فيها مدرسة مهنية تابعة لها.
وفي بلدة حدشيت العديد من الدعوات الكهنوتية والرهبانية فهي بلدة القيم البطريركي في الديمان الخوري طوني الآغا. كما فيها العديد من الأخويات التي تهتم بالنشاطات الروحية والدينية والخدمات الإجتماعية وتأمين المساعدات لأهل البلدة. منها أخوية الحبل بلا دنس، أخوية قلب يسوع، أخوية القديسة تريزيا، جمعية مار منصور دي بول، وجوقة القديس رومانوس.
حدشيت بلدة تضج بالوطنية حيث يوجد من ابنائها حوالي 400 رجل أمن يتوزعون على الجيش والأمن الداخلي والأمن العام كما تضج فيها الحياة الثقافية والفكرية حيث يوجد فيها العديد من رجال الفكر والثقافة والشعر والأدب والفن. هي بلدة القاضي أنطوان الشدياق والشاعر قزحيا ساسين والنحات الياس البزعوني. هي بلدة البروفسور غوستافو خوري الذي بنى مستشفى على إسمه وجامعة أيضا في الخارج. إنها بلدة البطريرك دانيال الحدشيتي الذي حارب المماليك لمدة أربعين يوما وإستشهد بخدعة. وهي أيضا بلدة المطران جوسلين بن داود الحدشيتي.
وتجدر الإشارة الى أنه في تلك الحقبة كان هناك 30 كاهنا من بلدة حدشيت.