في مناسبة مرور 25 سنة على تغييب الراهبين الأنطونيين البير شرفان وسليمان ابي خليل عن ديرهما مار يوحنا القلعة – بيت مري، أحيت الرهبانية الأنطونية ذكراهما بقداس في دير مار أنطونيوس – المعهد الأنطوني، الحدت – بعبدا، احتفل به رئيس عام الرهبانية الاباتي داوود رعيدي يعاونه الاباء جورج صدقه، ريمون الهاشم، شربل بو عبود وبطرس عازار، وتولّت خدمته الالهية جوقة رعية دير مار الياس – انطلياس، بادارة الأب فادي طوق. حضر القداس المطران بولس مطر ممثلاً الكردينال البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، والمطرانان بولس صياح وغي بولس نجيم والأم تمينة هندي الرئيسة العامة لراهبات السانت تريز والأخت نزها خوري ممثلة الرئيسة العامة للراهبات الأنطونيات الأم جوديت هارون والمدبّر حنا الطيّار ممثلاً الرئيس العام للرهبانية المريمية الاباتي بطرس طربيه والأب ميشال الجلخ أمين عام مجلس الكنائس والنائب حكمت ديب ممثلاً العماد ميشال عون والسيد مجيد العيلي ممثلاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، والوزير السابق طوني كرم ممثلاً رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والنائبان ناجي غاريوس والان عون، ورئيس بلدية الحدت السيد جورج عون ورئيس بلدية بعبدا الدكتور هنري الحلو، ورئيس جمعية كشافة الاستقلال القائد طوني صليبي وأهل الأبوين المغيّبين واصدقاؤهما وكهنة ورهبان وراهبات.
قدم الاحتفال بكلمة ترحيب المدبّر الأب جورج صدقه. وبعد الانجيل القى الاباتي رعيدي عظة جاء فيها:
“في هذه المناسبة، ذكرى مرور خمس وعشرين سنة على تغييب أخوينا الأنطونيين، الأبوين سليمان أبي خليل وألبير شرفان، إذا أردنا النظر الى الخلف، ترانا نعيش غنى الحاضر والوعي الشخصي لكلّ من قدّم ذاته للوطن، كما أنّنا نعاني مما آلت اليه أمور اليوم، ونسبة استفادة المواطنين من شهادة اخوينا المغيّبَين، أو من شهادة الكثيرين الذي ماتوا من أجل الوطن. وما يحزننا بالأكثر أن الحالة التي نحن فيها اليوم في لبنان تتجاهل أرواح الكثيرين من الذين فقدوا وغُيِّبوا أو ذابوا في سجون الحقد والاستقواء إن لم نقل الاستكبار، من دون ان نلمس أيّ تطور بالرؤية ونمو على المستوى الانساني يجمع اللبنانيين في قلب واحد، كما نجد أن القسمة بدأت تأخذ مكانها في القلوب، والفرز الطائفي آخذ بالازدياد، لكأنّ أرواح شهدائنا على اختلاف انتماءاتهم قد ذهبت سدى، وهو ما نتلمّسه من عائلات المفقودين والأسرى، وآخرهم العسكريين المخطوفين، الذين ما انفكّوا يطالبون بكشف مصير أولادهم ولا من مجيب”.
وأردف الاباتي رعيدي قائلا: ” لا اعتقد أن احدًا سيتساءل اليوم، وبعد خمس وعشرين سنة، عن سبب ذكرى اخوينا الأنطونيين. فنحن لم ننسهم يومًا، بل كانوا لنا دومًا كالينبوع الحي، يسقون الرهبان من شهادتهم ومن استشهادهم، ولن ننسى ما حيينا أخوينا البير وسليمان ولا من مات من رهباننا على مدى تاريخ الوطن، وفي الحروب جميعها، منذ نشأة الرهبانية، مرورا بأحداث ١٨٤٠ و ١٨٦٠ والحرب العالمية الاولى والثانية، والحرب اللبنانية الأخيرة في كل مراحلها. فصفحة الشهادة والشهداء هي الصفحة الأساسية التي يقرؤها كل راهب ويقيس حياته عليها، ويسعى لان يكون بدوره شاهدًا للحق والاستقامة، ولبناء وطن يعكس القيم الانسانية والمسيحية والأخوية التي اعطت لبنان، وما زالت، سمته الأساس. صفحة الشهادة هي العهد الرئيس الذي عليه نبني رهبانيتنا ومسيرتنا واسهامنا في انماء الوطن، وفي همّ العمل الرعوي والروحي والتربوي”.
وختم الاباتي رعيدي: ” نجتمع اليوم لنذكر أخوينا وكلّ من أسهم عبر التاريخ ببناء لبنان، أولئك الذين آمنوا بقضية حقّة وعاشوا وماتوا من أجلها، أولئك الذين لا يمكننا أن نفهم دوافعهم اذا لم نعش يومًا أمانة لقضية بتجرّد وعطاء نسهم بها في حياة الآخرين. من يجتمع اليوم ليصلّي معنا هم أناسٌ يريدون أن يغرفوا من فعلِ أخوتنا وأمثالهم وجودًا لذواتهم، ومن الشهادة معنى لتضحياتهم، أشخاصٌ يستوقفهم الكيان قبل أن يستوقفهم المقنتى، وتجذبهم القيم بدل أن يُغويهم تصريف الأعمال.
لذا شئنا هذه الوقفة تحيّة لمن غذّى جذورنا فصرنا شجرة يتفيأ في ظلها كلّ تعب ومحتاج. شئناها لقاء لمن جمعنا مع الكثير منكم، فأصبحنا عائلة واحدة. شئنا أن نخلد ذكرى أخوينا وشهدائنا لكي من خلالهم نستمد معنى لتضحياتنا اليومية، ونعمل على بناء الرهبانية والوطن ببذل الذات وبالأمانة الشخصية لعهودنا، فنكبر بهم وتكبر الرهبانية بنا ونصبح علامة خلاص لبعضنا وللعالم.
ليقبل الرب تقدمة أخوينا الأبوين سليمان وألبير، وليجعلنا على مثالهما وجوديين، نسهم بتكرّسنا، قبل عملنا، ببناء مجتمع يليق بالانسان ويعكس صورة الله المنيرة”.
وبعد القداس قدم الاباتي انطوان راجح كتاب المناسبة الذي أشرف على تنسيقه وهو بعنوان: الابوان الانطونيان البير شرفان وسليمان ابي خليل، في مجاهل القهر أن عن يمين الآب؟، وقال: ” الرواياتُ متعدّدة، الاّ أنّ حسرتَنا واحدة، وهي على بلد يفاخر بالديمقراطيّة المنتهجة والمختارة بعزم، في حين يعجز عن تأمين حريّة الحصول على المعلومات الصحيحة ونقلِها، متبرقعًا بنقاب القصور، وجاعلًا من الإعلام مجرّد تكهّنات وتوقّعات متخبّطة. وحسرتُنا الكبرى على حقوق للإنسان يعبث بها مقرّوها قبل المتبنّين، لأنّ همَّهم، كلَّ همِّهم على ما يبدو، لا الانسانُ وحقوقُه، بل إخضاعُه واستعمارُ بلاده لنشلِ ثرواتها”.
تابع راجح قائلاً: ” فالكتاب التكريمي الذي أعددناه مع لجنة خاصة شارك فيها رهبان وشلّة عزيزة من أهل الأبوين، يستجمع مقالاتٍ وشهادات بليغة من إخوتهم الرهبان والراهبات، ومن أهلهما ومعارفهما والأصدقاء، يضيئون فيها على مزايا المغيّبين وأنشطتهما، وعلى ما عرفاه عن تغييبهما، أضيفت اليها ملاحق، فيها ما تناولته الجرائد والمجلّات، ونماذج من أنشطتهما، وما قيل فيهما، خصوصًا عظاتُ الرؤساء العامين في القدّاسات الرسميّة السنويّة التي أقيمت على نيّتهما منذ العام 2000، وأقوالٌ سابقة فيهما، وأقوال منهما، من بينها عظةُ الأب البير في قدّاسه الأوّل في روما، كان وجّهها عبر راديو الفاتيكان في 9 نيسان 1962، ودوّنتها شقيقتُه الراهبة المرحومة كلوتيلد شرفان، ورسائلُ من الأب سليمان الى الرئيس العام والى أهله. ومن ثمَ نموذجٌ من خطّ يد كلّ منهما، ومقتطفاتٌ من بعض الصحف، وأرشيفُ صور”.
وفي ختام الاحتفال القى الأب بطرس عازار كلمة شكر فيها باسم الرهبانية والأهل جميع الذين شاركوا في الاحتفال ونظّموه وأكّد على ان الابوين المغيبين قهراً وظلماً يشهدان حيث هما للحق الذي يحرر وللحياة التي تتعزّز بالالتزام بالرجاء، وبالوحدة بين جميع الذي جمعتهم ذكرى الخمس وعشرين سنة.
الرئيسية | أخبار الكنيسة | 25 سنة على تغييب شرفان وأبي خليل: قداس وكتاب. الاباتي رعيدي: الوقفة تحيّة لمن غذّى جذورنا
الوسوم :25 سنة على تغييب شرفان وأبي خليل: قداس وكتاب. الاباتي رعيدي: الوقفة تحيّة لمن غذّى جذورنا