احتفلت مؤسّسة “أديان” باللقاء الوطني التاسع للتضامن الروحي في دير كرمل القديس يوسف، المشرف، يوم السبت 31 تشرين الأوّل 2015، تحت عنوان “معًا نحافظ على البيئة التي استودعنا الخالق إيّاها”، بمشاركة أعضاء الشبكات الروحيّة في المؤسّسة من شبيبة ومتطوعين وعائلات، وحضور أصدقاء المؤسّسة من رجال دين ومؤمنين برسالة التضامن والعيش معًا.
شبكات أديان تحتفل بالتضامن الروحي
نظرا لأزمة النفايات التي يعاني منها لبنان، وللتذكير بمسؤولية المؤمنين ودورهم في المحافظة على البيئة، اختارت أديان أن يكون يوم التضامن الروحي هذا العام حول “احترام البيئة” كقيمة روحية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين . شارك في اللقاء حوالي مائة وخمسون شابًا وفتاة من مختلف الشبكات والأندية المدرسية التابعة لمؤسّسة أديان ومن كافة المناطق اللّبنانيّة.
“عملتنا أديان أن الاختلاف والتنوع نقطة قوة لنا وللبنان علينا الاستفادة منها… كما وعلمتنا قيم جديدة ودربتنا حول كيفية التعاطي مع الآخر… في أديان نفكر سويا ونلتقي بأشخاص تجمعنا معهم هموم ورؤى مشتركة” بهذه الشهادات افتتح القسم الأوّل من اللقاء الذي اعتبرته “أديان” يومًا تاريخيًا جامعًا لكافة شبكاتها وأصدائقها، حيث عبّر المشاركون عنتجربتهم في”أديان” التي اعتبروها مصدر أمل في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان.
ثم قدم تلامذة برنامج “ألوان” – للتربية على العيش معًا في ظل المواطنة الفاعلة والحاضنة للتنوّع الديني- شهادات في خدمة المجتمع من خلال المشاريع البيئيّة،عارضين لأنشطتهم المشتركة كنماذج للمواطنة الفاعلة. بعدها تأمّلالمشاركون معًا في الطبيعة وأعدّوا لوحة مشتركة حول قيمة اللقاء، تبعهامحطات فنيّة من تأدية أعضاء الشبكات.
الحفل الرسمي
بعد قراءة دعاء مشترك وزرع شجرة التضامن الروحي في حديقة مدرسة كرمل القديس يوسف،تم افتتاح القسم الثاني من اللقاء بعرض فيلم قصير عن عمل مؤسّسة أديان وانجازاتها تبعه كلمة للأب فادي ضو جاء فيها ” من الواضح أنّ اختيارنا لموضوع المحافظة على البيئة كعنوان للقاء الوطني التاسع للتضامن الروحي يرتبط بهذا الواقع الأليم والعنيف الذي نعيشه، لأنّ العنف الذي يمارس ضد البيئة هو عنف يطالنا أيضًا ولو بشكل غير مباشر في صحتنا وكرامتنا ومعنوياتنا”.وتابع ضو قائلاً: ” ورب متسائل: هل يستطيع التضامن الروحي أن يصلح ما أفسده التشرذم السياسي؟نحن لا نسعى ولا نريد ذلك، أي أن نحرّر السياسيين بسبب فشلهم من مسؤولياتهم التي أؤتمنوا عليها، وأن نبحث عن بديل لعملهم. السياسة هي الوسيلة المفترضة لإدارة العيش معًا بسلام وهناء وتأمين مصالح المواطنين مجتمعين ومنفردين، وبدونها لا قيام لمجتمع بل يصبح غابة بدون ضوابط. أما التضامن الروحي فيمكنه أن يرفع مستوى الوعي لدى المواطنين، بضرورة اجتماعهم على الحق والخير…”
ثم قدّم رئيس جمعية الأرض – لبنان، الأستاذ بول أبي راشد شهادة كمؤمن ناشط في حماية البيئة جاء فيها ” الدافعوراء نضاليالبيئيهوايمانيباللهالخالقالذييرتّبعليَّإحتراموحمايةالخليقةالتيتعكسصورته…ومنهناعلينامسؤوليةكمؤمنينبالتحركمنأجلالدفاعمعاًعنطبيعةلبنان”. كما ودعى أبي راشد إلى “طردتجارالهيكلأيكلمنيعبدالمالويتاجربطبيعةلبنان”.
ثم تحدَّث رئيس دير مار الياس – انطلياس وأستاذ الدراسات في الكتاب المقدّس، الأب د. جوزيف بو رعد الأنطوني عن البيئة والطبيعة في الكتاب المقدس، أمّا الأستاذة والخبيرة في قضايا التصوّف والتراث الإسلامي، الدكتورة سعاد الحكيم تحدثت عن البيئة والطبيعة في التصوّف الإسلامي، بعدها استمع الحضور لإنشاد لجوقة السلام من مدرسة كرمل القديس يوسف.
جائزة التضامن الروحي للسيّدة رباب الصدر والأخت مريم النور عويط
وكما جرت العادة، قدّمت مؤسسة أديان خلال اللقاء جائزة التضامن الروحي السنويّة والتي كانت هذه السنة من نصيب رئيسة مؤسّسات الإمام الصدر، السيّدة رباب الصدر، ورئيسة دير كرمل القديس يوسف – المشرف، الأخت مريم النور عويط تقديراً لتفانيهما في خدمة الحوار وبناء السلام في لبنان، وتضحياتهمافي خدمة الأجيال الصاعدة رغم الصعاب.
“التضامن الروحي ، عنوان هدف على مختلف الصعد، أولها أن يكون الإنسان متضامناً روحياً مع ذاته، ليتسطيع أن يتضامن روحياً مع الإنسان الآخر، مع الطبيعة ، مع الوجود، ليحق له أن يرتقي روحياً إلى من وهب الروح” بهذه الكلمات استهلت السيّدة رباب الصدر كلمتها التي شكرت فيها مؤسسة أديان ودير كرمل القديس يوسف، وكل من شارك بإعداداللقاء الوطني للتضامن الروحي.
أضافت: “أصبح من الشائع بأن الأكل والعمل والتجارة من الأمور المادية مقابل الصلاة والصيام والصدقة على أنها من أفعال الروح.وفي هذا يقول الإمام الصدر أن ( الميزان لمعرفة مادية شيء وروحيته ، في أعمال الإنسان ، هو باعث العمل وغايته فكم من صلاة أو صدقة أو تفكر هو من المادة في الصميم…”
وفي السياق نفسه ألقت الأخت مريم النور كلمة جاء فيها ” إنه لَمِن دواعي التهيّبِ والاعتزازِ أن أقفَ بينَكم في هذه المناسبةِ التكريميّة، التي جادتْ بها عليَّ مشكورة مؤسسةُ “أديان”، ويستحقُّها أكثرَ مني، شابّات وشبّان أديان هؤلاء الذين يعملون في الصمت والخفاء من أجلِ إعلاءِ كرامةِ الإنسان، وترسيخِ قيمِ الحوارِ والتآخي بين الناس.”
الأخت عويط التي عبرت عن اعتزازها بالجائزة وفخرها بالانضمام إلى شبكة أعضاء الشرف في المؤسّسة تساءلت في كلمتها “إذا كان إلهُنا جميعاً، في دياناتِنا التوحيديّة، هو إلهُ الحبِّ والأملِ والرجاءِ والخلاصِ، فماذا نحنُ فاعلونَ من أجله؟ ومن أجلِ دعوتهِ الإلهيّة ؟ ماذا نحن فاعلون من أجل التآخي والتلاقي ليخدم بعضنا البعض الآخر، ولنخدم سويًّا الإنسان ؟ هذا هو السؤالُ ــــــ التحدي، المطروحُ أمامَنا، في هذه المناسبةِ الجليلة، وهذا ما يجب أن نتصدى كلُّنا للإجابة عنه…”
ختام اللقاء بقصيدة للشيخ سامي أبي المنى وعهد مشترك
ألقى فضيلة الشيخ سامي أبي المنى، أمين عام مؤسّسة العرفان التوحيديّة قصيدة من وحي المناسبة، وختم الحفل بتلاوة رسالة اللقاء مع قاضي صيدا الشرعي، الشيخ محمد أبو زيد، والأخت جوزيت باروكي، حيث قطع الحاضرون مسلمون ومسيحيون عهداً مشتركاً أمام الله قائلين:
نحن المجتمعون اليوم هنا، نسأل الله أن ينير عقولنا وقلوبنا، لكي ننفتح على حقيقة الخليقة ونرى جمالها المسبِّح لله، وندرك مسؤوليّتنا تجاهها وتجاه المحرومين من خيراتها، ونعمل على إنقاذها من الفساد الفردي والسياسي، فيكون تضامننا الروحي كسفينة نوح التي أنقذت الخليقة من الدمار الشامل بسبب خطيئة الإنسان وكبريائه، وأن نبقى على التزامنا هذا ثابتين بوجه كل المغرضين والساخرين، فالله يعين المخلصين.