بقلم الخوري جان بول الخوري / زينيت
1-تجديد العبادة والحرية
كانون الأول، شهر مميز، نحبث فيه،عن معنى عيشنا للحريّة الحقيقيّة، التي لا تتحقق إلا بحسب إرادة الله، لا بحسب مقايس بشرية واهية. حرية نسعى من خلالها في إعتاق نفوسنا من القيود التي تستعبدنا، إنها أصنامناالخاصة،ربما نعبدها دون علم منّا، فعلينا إذا أن نطرحها خارجاً،لأنها وهم وضلال، الله وحده يبقى ويُعبد.
2-التزيين والقلب
إن تزيين الأبواب ومداخل البيوت والمؤسسات والرعايا، يحمل إلينا علامة روحيّة بامتياز…. يسائلنا كانون الأول: “هل نعمل جادين على تزيين نفوسنا بالفضائل الإلهية، كفضيلة الطهارة القلبية والعقلية والجسدية؟” (راجع، مت5: 8) إذا فلا نجعل من أعضائنا سلاحًا للهدم والشر والإنقسام (راجع رو6: 13)، بل الحري علينا السعي الدائم، لأن نكون من صانعيالسلام (راجع مت 5: 9) أي أن نتحسس في أجسادنا ونفوسنا معنى السلام، وأن مسؤولية صناعته هي مسؤولية الجميع، كل بحسب موهبته ودعوته.
3- تجديد الأخوة والبنوّة
شهر كانون الأول، هو شهر ربيع الطبيعة البشرية،فاللهالذي طعّم ثمرته في إنسانيتنا، جدّد فينا طبعنا العتيق، فصرنا إخوة وأبناء للآب(عب2: 17). لذا يضعنا شهر الميلاد، في تجديد فهمنا للبنوّة الحقيقيّة (راجع يو 1: 12)، بالتحرر من آفة التمييز العنصري والمناطقي والعرقي، لأن القضية الأساسية لأبناء الآب الواحد – إخوة للمسيح /أعضاء الجسد الواحد، هوإستبدال ثقافة الإحتقار والإبعاد (راجع كو3: 11) بثقافة الشركة في المحبة.
4-إقتناء قمط الميلاد
إن المسيح الذي لفّ بالأقمطة ووضع في مذود حقير، هو لنا المثال والقدوة في عيش التواضع والقناعة، لهذا يحثنا شهر الأفراح، بأن نعرّي عقولنا من الكبرياء، ونلفّ منطقنا بقمط المحبة والوداعة والبساطة والزهد واللقاء والإستسلام، واضعين قلوبنا- كياننا، في مذود المشاركة والتضامن والتعاطف مع الآخرين ولاسيّما مع الفقراء والمهمشين، لذا فلنقم باعمل تعبّر عن هذه الفضائل.
5-عيش الإنتظار
يدخلنا فرح كانون الأول، الى معنى الإنتظارالمبدع، ولكي يتحقق فينا، فلنطرد منّا: روح الملل والكسل والخمول، متحلين، بروح الصبر وطول الأناة والإنضباط والحضور، لملك الملوك وسيّد الأسياد، لأن الفرح الحقيقي لا يتآلف مع القلب الفاتر والعقل الحائر.
كنوز الميلاد
إذا كانت الأسواق التجارية، تفتح أبوابها أمام المستهلكين لشراء حاجيات العيد، فالله في شهر كانونالأول، يفتح لناكنوزه الميلادية لنشتري منها لا بمال أو بفضة، بل بمجانية لا حدود لها”لكي يحث العيد الكسلان على أن يقوم ويغتني” (القديس افرام السرياني). فالمجتهد هو من يستحق نيل تلك الكنوز، إنها هدايا السماء إلينا.فــ”عار عظيم إذ يرى إنسان رفيقه يخرج كنوزا ويحملها، وهو بين الكنوز يجلس نائماً، ثم يخرج فارغاً” (القديس أفرام السرياني).
7-شهر الجهوزية والحضور
فلنتجتهد في إقتناء الحضور النوعي لعمانوئيل،إن في حياتنا الروحية أوالعائلية والكنسيّة أو حتى الإجتماعية، فعلينا أن نذكّر بعضنا البعض، بأن الله حاضر بقوة محبته، في الكنيسة والأسرار، وفي العائلة التي تحياثقافة المغفرة والمحبة والمسامحة.
شهر السكنى
فكما كانت عائلة الناصرة تبحث عن بيت لتلد يسوع، هكذا شهر كانون، الروح يجول “على كل باب ليرى أين يحلّ” (القديس أفرام السرياني)، وهل بإمكانه، أن يحل في بيت تنخره الإنقسامات؟ الروح يبحث عن قلوب كريمة سخية، تحب الله وتعبده وبالتالي تحب الآخر، فلنكن نحن، تلك القلوب.
معنى الهدية
منذ بداية الشهركانون الأول، نرى الأطفال ينتظرونبفارغ الصبر، إقتراب ليلة الميلاد، يعدّونها بالأيام والساعات،منتظرين موعد اقترابتسليم هدايا العيد،فيلعمل الأهل منذ بداية شهر العيد، إلى تذكير أولادهم، بحقيقة معنىالهدية:أن الإله الذي صار طفلا على مثالهم،هو هديتهمالتي لا تقدربثمن، ولكي يفوزا بها، فليربوا أطفالهم على الطاعة المبينة على المحبة، وعلى الصلاة وقراءة كلمة الله،و التعوّد علىالذهاب إلى الكنيسة. إنها خطوات عمليّة، تسهم في ترسيخ ذهنية حضور المسيح في قلوب الأطفال. فملكوت السماء، يتطلب أولاًقلوباً تحيا براءة واستسلاما لله،كالأطفال (راجع مت19: 14) .
10-إقتناء الرضى الذاتي
يذكرناشهر كانون الأول، بتحقيق وعد الخلاص للأجيال، فنحن مدعوون، الى اقتناء هذا الحس الروحي، أي الشعور بالإنتصار ورضى الله وفرحه نحونا. فلنتعلّم منه كيف يحبنا ويقبلنا كما نحن، في تاريخنا الماضي والحاضر والمستقبل…إن شهر كانون الأول، فرصة للمصالحة مع الذات، فلا ندين أنفسنا أو نحكم عليها ظلمًا، لأن قلب الله أوسع من قلوبنا الضيقة، وفكره أعمق من أفكارنا السطحية، يكفي أن ندمج سرّ نظرته الطفولية في كياننا المجروح، بلسما، يشفي كياننا، من كل نظرة دونية تحقّر الذات.
فلنجعل من شهر كانون الأول، شهرا مميزا، نزينه بزينة الأفعال والأقوال،مجسدين معنىالفرح بالمولود الإله، من خلالالشهادة لرحمةالرب وحنانه وعدله، وذلك في محيطنا ومجتمعنا ورعايانا، ولاسيما في شرقنا الحبيب.
شهر ميلاد مبارك