أعلن الأستاذ في كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتور علي خليفة لـ”النهار” ان “إعداد مناهج جديدة أو تعديلها يجب أن تنطلق من إعادة النظر بملامح المتعلمين التي تهدف المناهج إلى بنائها”. وتساءل عما إذا كنا “نريد متعلمين مع قدرات في التفكير الذاتي والحس النقدي، الأمر الذي يتطلب بناء مهارات إجتماعية تواصلية غير متوافرة في المناهج الحالية”.
يعتبر الدكتور علي خليفة انه يجب أن تكون هناك خارطة طريق لتطوير المناهج، مشيراً إلى أنه “يجدر أيضاً إعداد المعلمين وهي من وظيفة المركز التربوي للبحوث والإنماء، ومن ضمن ذلك يجدر التساؤل عن فعالية ما يقوم به في هذا الصدد”. وقال: “هل نعمل على إعداد معلم على أساس التفكّر لنضع بين يديه مناهج تعليم لتخريج مواطنين فاعلين في مجتمعهم؟”.
واستعاد بالذاكرة واقع المناهج التربوية التي “أعدت عام 1997 وتعتمد على مقاربة المهارات، بينما ثمة مناهج أخرى من ضمن المدرسة القديمة في بناء المناهج ترتكز على الأهداف”. وتوقف عند تجربة الـ1997 الى اليوم والتي “نعتبر أننا حققنا خطوة في تحديث مناهجنا”. ولفت إلى أننا “شهدنا على صعيد المنطقة خطوات كانت تسعى لمواكبة ما هو أحدث من ذلك على صعيد بناء المناهج المبنية على المعايير وأكثرها في المجلس الأعلى للعلوم في قطر وفي الإمارات العربية المتحدة وتعنى بتجربة مناهج مدمجة أي مهارات يمكن أن يتم اكتسابها من قبل المتعلمين من خلال موارد تعليمية مدمجة في إطار مهاري موحد”. ورأى أن “الدراسات التقويمية أثبتت أن هذه التجارب في المنطقة لم تحقق المراد منها”.
أما في لبنان، فوفقاً لخليفة، “ينظم المركز التربوي للبحوث والإنماء في عهده الجديد حالياً، ورشاً لتطوير المناهج لا لتعديلها وأقله في المدى المنظور، كون خطوة التعديل تتطلب مراسيم تنفيذية تقر في مجلس الوزراء”. واعتبر أن “الوضع المأزوم والمتعذر في غياب عمل المؤسسات الرسمية أثر سلباً على انطلاقة المركز التربوي للبحوث والإنماء وتحديد مجال عمله على المناهج وتحديثها”.
وتحدث عن الورش “التي قرأت عنها ولم أشارك فيها، إلا أنها تبدو واعدة على صعيدين، أولاً حيث ترتسم معالم شركة حقيقية مع كلية التربية في الجامعة اللبنانية ومع العاملين التربويين في القطاعين الرسمي والخاص. أما الصعيد الثاني، فيبرز من خلال إرادة للعمل مع فاعلين تربويين من خارج المدرسة لأن العملية التربوية تتخطى إطار المناهج والإعداد لتكون شاملة”. وبرأيه، “يجب أن تنخرط فيها مؤسسات المجتمع المدني وكل من له صلة بالعملية التربوية من خلال التنشئة الاجتماعية”.
وشدد على أن “ما يواكب هذه الورش اتجاه لدى المركز لتشكيل لجان لإعداد مناهج جديدة”. وقال: “هذه الوجهة لم تر النور بعد، إنما أقيمت مباريات لاختيار أعضائها. ويبدو أن هذه الورش ستؤمن أرضية العمل لتنطلق منها هذه اللجان”.
وعن كيفية تطوير المناهج، قال: “يمكن، ومن ضمن مناهجنا الموجودة، أن نقترح إطاراً جديراً بالاهتمام يصب في خانة تطويرها”. وتوقف عند مثال في هذا السياق يرتكز على مقاربة المهارات لجهة جعلها أفقية. “فتصبح من خلال هذا الطرح مهارات التربية الوطنية والتنشئة المدنية مرتبطة أيضاً بمواد تعليمية أخرى من ضمن التربية على المواطنة في المدرسة وتعزيز النشاطات اللاصفية وفتح الباب أمام التعليم اللامدرسي أي من خلال التشبيك مع جمعيات المجتمعين المدني والأهلي”.
وتوقف عند أهمية إدخال المجتمع المدني إلى المدرسة، معتبراً “أنه يعزز مكانة المدرسة في المجتمع من ضمن الفاعلين الاجتماعيين الموجودين أصلاً، ويعزز دورها وحضورها”. وتوقف عند بعض الصعاب، منها الوضع التربوي العام السائد وعدم انتظام عمل المؤسسات الرسمية نتيجة الشلل الحالي للمؤسسات، ما يؤخر انطلاقة المشاريع التربوية ومن ضمنها ما يسعى المركز التربوي لعمله”. ولفت إلى صعوبة ثانية برزت في “إهدار الجهود، خصوصاً من خلال عدم الاستفادة كفاية من دراسات تقويمية سابقة والتي قامت بها جهات عدة على مناهجنا التربوية”.
النهار