وفّق الصديق مارون حداد بين الوظيفة الحكومية والصحافة الاقتصادية، مثلما وفّقت انا بين الوظيفة المصرفية والصحافة الاسبوعية.
التقينا في مجلة “الجمهور الجديد” على السراء والضراء. وكان قلمه الاقتصادي يفتش في الزوايا عن مرتجى الاقتصاد اللبناني وعن واقع الاقتصاد العربي والعالمي.
يُجري الاحاديث الاقتصادية مع من تشهد لهم الساحة الاقتصادية بجدارتهم. وهمّه أن يكون الاقتصاد اللبناني في منأى عن كل تجريح أو نقد، لأنه اذا انهار انهارت البنية اللبنانية. فالاقتصاد فعل ايمان بلبنان تسود فيه العدالة والطمأنينة وراحة البال.
تنقّل مارون حداد في صفحات اقتصادية لصحف يومية واسبوعية ودورية. يعرف كيف “يدوزن” الخبر لأنه كان جاداً في ملاحقته. والذين التقاهم من رجال الاقتصاد أمدّوه بأخبار تفرّد بها.
امتهن الوظيفتين فأتقنهما. وكانت له صداقات مع المسؤولين فيهما. ولعشقه الصحافة الاقتصادية كان مع كوكبة الزملاء الاقتصاديين احد مؤسسي “جمعية الاعلاميين الاقتصاديين”.
كدّ وثابر وضحى لتكون الصحافة الاقتصادية مرآة ينعكس عليها وجه الاقتصاد اللبناني الساعي ابداً الى النجاح والانتشار خلف الحدود. وكانت الدول العربية جادة في درس اقتصادنا المبني على الحرية والانفتاح على الغير. فهو اقتصاد غير موجه، ولا حدود لتطلعاته المستقبلية.
انتكست صحته بعد معاناة المرض. لم يعد قلبه يجاري قلمه: فحزن هذا القلم وانطفأ النور في عيني صاحبه.
أخي مارون ،
عشنا معاً الايام الملاح، والايام العجاف. وتبقى في الذاكرة كلما تصفحنا الصفحات الاقتصادية في الصحف اليومية والاسبوعية والدورية. لقد كنت شاغلها لأعوام طويلة. كانت مطواعة في يديك المتسلحة بيراع حر، أستقيت اخبارها من مصادر موثوق بها ورحلت.
ابرهيم عبده الخوري
النهار