أوّد اليوم التحدث معكَ. أنتَ لا تعرفني ولا تعرف من أنا. اسمح لي ان اقدم نفسي. أنا كاهنٌ إلاّ أنّني أطلب منك ان لا تحكم عليّ حسب موقعي هذا فأنا لن أعِظكَ ولن أهدّدكَ بجهنم ولن ألومكَ على طريقة عيشكَ. أوّد ان أتحدث معك باسم شخصٍ وجد في يومٍ من الأيام كنزًا كبيرًا بدّل كلّ نظرته عن ما مضى.
فأنا كنتُ مثلكَ أبحث عن التسليّة والسعادة. لن أقول إن اللّه اخرجني من بئرٍ عميق لم يكن لأي سلطة بشريّة سبيلٌ الى ذلك بل وبكلّ بساطة أنّني كنتُ أعيش وأكافح من اجل الحفاظ على سعادتي التّي كنتُ اجدها في كلّ ما أفعل وكلّ ما يُفعم قلبي ولو جزئيًا.
إلاّ ان كلّ شيء تبخر عندما بدأت “أُفلسف” واتساءل للمرّة الأولى عن هويتّي فذهبتُ في بحثي الى ما هو أبعد من اسمي الذّي لم يكن يروي ظمأي لمعرفة ما لا أعرفه.
هل كنتُ أصلّي؟ نعم. تعلمتُ الصلاة ولم أكن اعرف أكثر من ما يقوم به السواد الأعظم من الناس عندما يُصلون. إلاّ ان ذلك لم يكفيني فكان قلبي يطوقُ الى شيءٍ أكثر عمقًا. هل سبق لكَ ان اختبرتَ ذلك يومًا؟
كان شيئًا في داخلي يقول لي أنّه لا يسعني ان اكتفي لكوني كائنٌ بشري “يولد فيكبر فيُنجب فيموت” ما دفعني الى اخذ زمام حياتي الروحيّة بيدي. لم اكن أدري ما الذّي يُحركني إلاّ أنّني اعتقد أنّه كان ما يُطلق عليه الكثيرون اسم “الروح” التّي لا نعرف أين هي إلاّ أنّنا “نعي وجودها عندما نتصرف بشكلٍ سيء” على النحو الذّي قالته لي يومًا احدى النساء الحسنوات.
أنت لا تعرف عني شيء سوى كوني كاهن وقد تنظر إليّ لهذا السبب بازدراء أو تفكر أنّني كما يُقال عنا رجلٌ محبط يقوم بغسل الأدمغة ويُتاجر بالإيمان. أقول لك ببساطة إنّني انسانٌ مثلكَ تمامًا يبكي كما تبكي ويحزن، انسانٌ لديه الكثير من الأولاد والنساء والأهل. وكلّهم وفوا بالوعد الذّي قطعوه علّيّ.
هل تعرف أنّني مغرمٌ برجلٍ يجذبني؟ قد يبدو لك ذلك غريبًا ومبتذلاً بعض الشيء إلاّ أنّني وفي كلّ مرّة أنحني فيها أمام هذا الرجل، يرفعني فيجعلني إنسانًا جديدًا. لم يُدينني يومًا بل عرف كيف يهمس في أذنَي بحنانٍ وحبٍ كبير. لم يُغلق يومًا يدَيه ليجعل مني عبدًا بل أعطاني حريّة لم أجدها مع أيّ شخصٍ سواه.
أنا أكيدٌ أنّه سبق لكَ ان وقعت في الحبّ مرّةً أو مرّتَين وقد تكون متشائمًا في مسائل القلب فتعتبره “غباءٌ سخيفٌ لا يؤمن به سوى السذج” وذلك لأن الحبّ البشري غير كامل فيتطلب البناء والتحسين والصبر.
أقترحُ من جهتي حبًّا كاملاً، لا يخيب، يكون حاضرًا في أوقات البكاء والألم والضحك والغبطة. أعتقد انّه آن الأوان لكي تُعطي فرصةً لشخصٍ مختلف عنكَ. فهو يستحقها. أكثرتَ في اعطاء الفرص كما كثُرت خيباتكَ. قد يبدو لكَ الأمر سخيفًا إلا أن هناك “من لن يترككَ أبدًا”.
انظر الى يسوع على الصليب والى يدَيه المفتوحتَين وفكر في الحبّ الذّي يغمركَ به. هو لا يطلب منك أن تؤمن به بل ان تدعه فقط يحبكَ. فهكذا تكتشف هذا الآخر الذّي التقاه رجلٌ يُدعى بولس من ططوس فقال: “اعتبر كلّ شيء باطل من أجل ان اربح المسيح”. ما الذّي يُكبلك؟ المخدرات، الكحول، العلاقات الحميمة؟ يمكنكَ اليوم ان تكون حرًا إذ مات المسيح لهذه الغاية لكي لا تكون بعد اليوم عبد أي شيء أو أي شخص.
لا خسارة في محبة المسيح فالأمر يستحق منك ثقةً مطلقة في شخصٍ أحبك مجانًا لدرجة أنّه بذل حياته من أجلكَ.
إن كان يسوع وهمًا فهو أجمل الأوهام ولا أريد أبدًا ان استيقظ من هذا الحلم الجميل الذّي اصبح كلّ رجائي. لا أريد ان افكر مثل الآخرين ان الحياة عبءٌ كبير بل أنّها رائعة عندما نعيشها من أجله ومن خلاله كما عاشها من أجلنا.
أنتَ غير مؤمن؟ لا يرفض اللّه غير المؤمنين أبدًا إذ لا يتحملوا مسؤوليّة عدم ايمانهم فالمشكلة هن عندما يرفض المرء الحقيقة والتطور والنمو فيعتبر العقل وحدةً متراصة تقوم بتسجيل مفاهيم مدرسيّة فقط. لا خسارة مع يسوع فهو لا يأخذ شيئًا بل يُعطي كلّ شيء ومن الرائع الوقوع في حبّه!
Aleteia