تخرج جامعات لبنان ما لا يقل عن 700 حامل شهادة الإعلام سنوياً. وهذا العدد مرجح للإزدياد مع اتساع دائرة الكليات الخاصة المرخصة ويقدر عددها 16 كلية، إضافة إلى كلية الإعلام في “الجامعة اللبنانية”، ما لا ينسجم مع حاجة سوق العمل اللبناني، خصوصاً في ظل الأزمة التي يعيشها اليوم هذا القطاع. إزاء هذا الواقع، لا بدّ من السؤال عن مصير نحو 7051 طالباً في العام الدراسي 2015- 2016 في كليات الإعلام، بمختلف فروعها وسنواتها، بحسب سجلات وزارة التربية والتعليم العالي.
الكليات والوزارة
تحاول كلية الإعلام في “اللبنانية”، وهي أكثر المعنيين بالقطاع الإعلامي وأزماته، العمل على التطوير الذاتي لمواكبة التقدم واستيعاب المشكلات. في هذا الإطار، يؤكد عميدها الدكتور جورج صدقة، لـ”المدن”، إدراك إدارة الجامعة الأزمة وتبعاتها على مصير الطلاب المتخرجين. وهي تعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتلاءم مع حاجة سوق العمل، فـ”البحث جارٍ لتطعيم المناهج بالأدوات التقنية، التي تمكن الطالب من خوض غمار الإعلام الرقمي. إضافة إلى التخلي عن الإختصاصات التقليدية على مستوى الماستر والتحول نحو الصحافة المتخصصة في الإقتصاد والتنمية، وفي الصحة والبيئة”.
في حين تبقى “اللبنانية” أسيرة إرتجال الحلول عند وقوع الأزمات، يبدو أن الجامعات الخاصة تسعى لإرساء خطط مدروسة لاستباقها. هكذا، تعمل إدارة كلية الإعلام والتواصل في “الجامعة الأنطونية” لتوجيه الطلاب المتخرجين نحو الإعلام المرئي والعمل في مجال التواصل، بعيداً من الصحافة التقليدية المكتوبة، التي تتراجع شيئاً فشيئاً. ويروي عميد الكلية، جوزيف مكرزل، أن 80 إلى 90 في المئة من المتخرجين سنوياً ينجحون، بمساعدة من الكادر التعليمي، “في دخول سوق العمل، وذلك بفضل المتابعة المباشرة لإدارة الكلية للمتخرجين وتوجيهها الطلاب بحسب حاجة السوق”.
في المقابل، تؤكد وزارة التربية، وفق المدير العام للتعليم العالي الدكتور أحمد جمال، أن عدداً من المشاريع تم العمل عليها تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، بهدف ضمانة جودة التعليم من حيث المناهج وكيفية اختيار الطلاب، وصولاً إلى متابعتهم بعد تخرجهم. إلا أن هذه المقترحات، لا تزال مؤجلة التنفيذ، ومحفوظة في أدراج مجلس النواب في إنتظار مناقشتها وإقرارها. وكانت الوزارة، وفق جمال، قد بدأت بتجميع المعطيات المتعلقة بأعداد المتخرجين في المجالات كلها، لدراسة حاجات السوق وحجم الفرص المتاحة للعمل في كل من هذه الاختصاصات. وفي هذا الإطار، تحضّر الوزارة للقاء بين شهري تشرين الأول والثاني المقبلين يجمع بين ممثلين عن الجامعات والمؤسسات والنقابات، للتباحث في الطاقة الاستيعابية لسوق العمل اللبناني.
تشاؤم الطلاب
يرخي هذا الواقع ظلاله على الطلاب المتخرجين من كليات الإعلام، إذ يطغى عليهم التشاؤم والخوف على مصيرهم المهني في ظل محدودية فرص العمل. فيحمل بعضهم القانون مسؤولية هذا الواقع، في حصره امتيازات النشر في الصحف الموجودة ما يعطل أي امكانية لضخ تجارب جديدة في هذا المجال. ويلوم بعضهم الآخر نقابة المحررين على تخاذلها في حماية المتخرجين في مجال الإعلام. وتتحمّل المؤسسات الاعلامية جزءاً من المسؤولية، خصوصاً لجهة تراجع الإنتاج وغياب أي تقدم وتطور ما يجعلها خارج المنافسة مع المؤسسات الإعلامية الموجودة في العالم العربي.
على أن ضيق فرص العمل هذه، دفعت بخريجي الإعلام إلى التعدي على مهن أخرى أبرزها التعليم. وأسهم توسع الإعلام الإلكتروني في تقديم العديد من فرص العمل لحاملي شهادة الإعلام. لكن غياب قوانين واضحة تنظم العمل في هذه المواقع حول العاملين في هذا المجال من إعلاميين إلى تقنيين.
ماري مارون
المدن