نظمت جمعية “كفى عنف واستغلال”، بالتعاون مع نقابة المحامين في بيروت، ندوة بعنوان “الاتجار بالبشر والدعارة ودور الزبون في استدامتهما”، في بيت المحامي، شارك فيها ممثل نقيب المحامين أنطونيو الهاشم رئيس محاضرات التدرج زاهر عازوري، القاضي المنفرد في جب جنين فادي العريضي، المدير التفيذي ل”التحالف العالمي لالغاء الدعارة” غريغوار تيري ومسؤولة وحدة الاتجار في الجمعية غادة جبور.
عازوري
بعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين، تحدث عازوري عن “أهمية هذه الندوة، في وقت ينشىء فيه أشخاص شبكة للدعارة في مكان ما في لبنان في سبيل هز أسس المجتمع السليم والاستفادة المالية من وحشية استعمال البشر والاتجار بهم”، وقال: “عرف بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر المنعقد سنة 2000 بأنه تجنيد اشخاص ونقلهم واستقبالهم بالتهديد بالقوة أو بأي أشكال القصر أو الاختطاف او الاحتيال أو الخداع أو إعطاء المزايا والمبالغ النقدية للسيطرة عليه بهدف الاستغلال في الجريمة. كما عرفته منظمة العفو الدولية بأنه انتهاك حقوق الانسان، بما فيها الحق في السلامة الجسدية والعقلية والحياة والحرية وأمن الشخص والكرامة والتحرر من العبودية وحرية التنقل والصحة والخصوصية والسكن الآمن”.
أضاف: “من أهم وأخطر صور الاتجار بالبشر البغاء. ومن أهم الاشخاص المستهدفين الاطفال من ذكور واناث، إضافة إلى الفتيات والسيدات. وهناك أيضا الاتجار بالأطفال، ومن الضروري توعية الاهل على الجنس الالكتروني ومراقبة تصرف أولادهم طيلة فترة المراهقة. كذلك، هناك تجارة الأعضاء البشرية تحت التهديد لأهداف مالية كالكلى/القرنية، والقلب والكبد. أما أركان ومقومات الاتجار بالبشر، فهي وجود السلعة ومحل الاتجار والوسيط والسوق والزبون”.
وأوضح أنه “من آثار الاتجار بالبشر، الانعكاسات الاجتماعية المتمثلة بانتهاك حقوق الانسان، مما يؤدي الى انهيار البنية الاجتماعية وانخفاض المعدلات الصحية والنفسية للمجتمع، وهناك تفكك الاسر بالمتاجرة بالاطفال، وتمزق شخصية الطفل، مما ينتج طفلا ذا خطورة إجرامية، ما لم يكن مجرما عقب انخراطه في السلوك الاجرامي. وهناك أيضا المتاجرة بالأعضاء البشرية. وكل ذلك يؤدي إلى إشاعة الفساد وخرق الآداب العامة للدول المصدرة، بعد عودة العناصر التي احترفت السلوك الاجرامي، وخصوصا الاخلاقي منها، والذي بات مصدر الدخل الأوحد والسلوك المنفرد الذي يدعى إليه”.
وعن الآثار السياسية والاقتصادية، قال: “هناك أولا دعم الجريمة المنظمة في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية، خصوصا في البلدان التي لها طابع سياحي ويكثر فيها تسهيل الدعارة الموسمية، التي تؤثر سلبا على العائلات، من حيث اجبار اولادهم على ممارسة الدعارة. إن نقيب المحامين وأعضاء المجلس يعطون أهمية مميزة لهذه المواضيع، ونقابة المحامين في بيروت ستبقي أبوابها مفتوحة للندوات والمحاضرات لإضفاءالبعد الإعلامي والقانوني، وممارسة حق الدفاع عن الضحايا ومساعدة القضاء للاقتصاص من المجرمين الذين يتاجرون بعرض الناس لغايات مادية محددة. وندعو النيابات العامة والقضاء إلى التحقيق والاقتصاص من المجرمين والأشخاص الذين يؤمنون لهم الحماية والغطاء لممارسة الجريمة وكشف الشبكات والقضاء عليها”.
وختم : “لا يمكن للدولة مكافحة أي آفة اجتماعية كالدعارة والاتجار بالبشر بمجرد اصدار القوانين العقابية، بل يجب أن تتعداها إلى إيجاد آليات وقائية وحمائية للضحايا. وما تقوم به المجتمعات المدنية كجمعية كفى من تقديم المساندة الاجتماعية وتأهيل الضحايا هو لسد فراغ إهمال وتقاعس الدولة في آداء موجباتها.
العريضي
وتحدث العريضي عن موضوع الاتجار البشر منذ بدء انتشاره، شارحا جريمة الاتجار بالاشخاص في ضوء القانون رقم 164/2011 وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص الذي صادق عليه لبنان بموجب القانون 682 تاريخ 24/8/2005.
ولخص أهداف إقرار قانون 164/2011 المتعلق ب”معاقبة جريمة الاتجار بالاشخاص كالآتي: ايجاد نص جزائي يجرم ويعاقب جريمة الاتجار بالأشخاص على نحو رادع، مما يحد من تفاقمها وازديادها وانتشارها باعتبارها غالبا ما تكون من الجرائم المنظمة العابرة للحدود، كذلك حماية ضحايا الاتجار ومساعدتهم، مع احترام حقوقهم الانسانية كافة، لا سيما النساء والاطفال، والتشديد والتأكيد على تصنيفهم كضحايا وليس كمجرمين ومرتكبين ما لم يثبت قانونا أنهم ارتكبوا جرم الاتجار بالاشخاص. إضافة إلى وضع نصوص تشريعية واتخاذ اي تدابير تعليمية أو اجتماعية أو ثقافية أو أي مقتضيات على مختلف الصعد بهدف صد الطلب الذي يحضر جميع اشكال استغلال الاشخاص، وبخاصة النساء والاطفال”.
وقدم عددا من التوصيات التي” يجب تعديلها للحد من جرائم الاتجار بالبشر، كالآتي:
– تعديل نص المادة 586 (1) بدون كلمة إرغام.
– تعديل نص المادة 586 (5) باستعمال كلمة الاعتقال، بدل كلمة الحبس.
– تعديل المادة 586 (8) بصياغتها على النحو التالي: تعفى من العقاب ضحية الاتجار بالاشخاص عند ارتكابها مخالفة شروط الاقامة والعمل.
– تعديل المادة 586 (1) فقرتها الاخيرة بجعل السن 21 بدل 18.
تعديل المادة 586 (5) فقرة (هـ) بجعل السن 21 بدل 18.
– اعادة صياغة دقيقة لجميع نصوص الدعارة المواد 523 حتى 530 عقوبات، وادخالها ضمن سياق القانون 164/2011 بعد تعديله.
– ايجاد نص يجرم ويعاقب شراء الخدمات الجنسية أو تحفيز الطلب على جميع أشكال استغلال الاشخاص، وبخاصة النساء والاطفال.
– إيجاد نص بحعل كل اجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة في جرائم الاتجار بالاشخاص سرية وتجريم من يخرق هذه السرية.
– إيجاد نص يجعل الملاحقة والتحقيق والمحاكمة في جرائم الاتجار من اختصاص القضاء الدولي، أيا كانت صفة ووظيفة المشتبه به”.
جبور
من جهتها، تحدثت جبور عن “واقع الدعارة في لبنان والترابط بين الإتجار بالبشر والدعارة ودور المشتري والفرق بين المقاربات الثلاث السائدة اليوم في موضوع الدعارة الخطرية والتنظيمية والالغائية”، وقالت: “إن القانون اللبناني يفصل بين الاتجار والدعارة”.
وأوضحت أن “جريمة شي موريس أظهرت أن الإعلام فصل بين الإتجار والدعارة، إذ رسخ فكرة لدى الرأي العام أن الاتجار شيء، والدعارة شيء آخر، مما دفع الرأي العام الى التضامن والتعاطف مع النساء المعنفات وتجريم من يمارس الدعارة”.
وأشارت إلى “وجود ترابط قوي بين الدعارة والاتجار”، وقالت: “جميع النساء يأتين من خلفية هشة ومن مجتمعات تكثر فيها البطالة وممارسة العنف الأسري والجنسي. كما أن الآثار النفسية على من يمارسن الدعارة ومن يتاجر بهن هي نفسها. ويجب ألا ننظر الى الدعارة على أنها مهنة، بل عمل عنفي يضع المرأة في موقع دوني لخدمة ملذات الرجل، الذي لولا طلبه شراء خدمة جنسية لما كانت هناك امرأة تعرض هذه الخدمة”.
تيري
بدوره، تطرق تيري إلى “القانون الفرنسي الجديد الخاص بمكافحة نظام الدعارة ودعم الضحايا وتجريم المتاجرين والمشترين”، لافتا إلى أنه “قانون يعتمد المقاربة الالغائية للدعارة التي تؤمن منظمة “كفى” بأنها الأجدى في مكافحة صناعتي الدعارة والاتجار العنفيين تجاه النساء”، وقال: “إن إقفال بيوت الدعارة في عام 1946 في فرنسا ساهم في الحد من هذه الظاهرة، وأتى القانون الذي دخل حيز التنفيذ في 13/4/2016 داعما لهذه الخطوة، اذ ينص على مكافحة قمع ضحايا الدعارة واقامة مخارج لمسار الدعارة ومساعدة الضحايا معنويا وماديا لتشجيعهم على الاندماج مجددا في المجتمع. كما ينص القانون على حماية الضحية ودعمها حتى لو كانت أجنبية”.
أضاف: “يعتمد القانون على تعميم منع دعارة الغير للحد من هذه الظاهرة بمعاقبة من يقوم بشراء خدمات جنسية. وبذلك، تحمي الدولة الفرنسية الضحايا الذين يعانون من انعدام الامن والضعف”.
نقاش
ثم فتح باب النقاش حول المسائل المطروحة، وعرض فيلم وثائقي بعنوان “أقدم عنف”، الذي يلقي الضوء على واقع الدعارة في لبنان من خلال شهادات حقيقية.
كما تم توزيع تقارير قانونية واجتماعية ل”كفى” حول الموضوع، تضمنت التوصيات العامة الموجهة إلى الدولة من أجل تعديل بعض القوانين والسياسات في هذا المجال، ومرافعة نموذجية عن نساء يحاكمن بجرم الدعارة.
وطنية