أكد وزير الاعلام رمزي جريج أن “لبنان العربي الهوية، والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية، كان وسيبقى على الدوام متشبثا بعروبته ومتمسكا بالتضامن العربي في مواجهة الأخطار الهائلة التي تهددنا جميعا ويعاني منها بعض أقطارنا معاناة دامية”.
وقال في مؤتمر وزراء الإعلام العرب في القاهرة: “يشرفني أن أمثل لبنان في هذا المؤتمر الوزاري المنعقد في مقر جامعة الدول العربية، وأن أنقل إليكم جميعا تحيات حكومتي وشعبي بكل أطيافه ومكوناته، وأخص مصر البلد المضيف بتحية أقتبسها من أمير الشعراء الأخطل الصغير الذي قال: مرحبا مصر مرحبا، كل أهل لك أهل… وكل صدر محل، مرحبا مصر، يا شقيقتنا البكر ويحلو ترديد مصر، ويغلو. نحن فرعان ألف الشرق قلبينا على الحب… والعروبة أصل”.
أضاف: “أود بهذه المناسبة، في مستهل كلمتي، أن أؤكد لكم أن لبنان العربي الهوية، والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية، كان وسيبقى على الدوام متشبثا بعروبته ومتمسكا بالتضامن العربي في مواجهة الأخطار الهائلة التي تهددنا جميعا، والتي يعاني منها بعض أقطارنا معاناة دامية، ذلك أنه ليس أمامنا، إلا التكاتف والتعاضد سبيلا لتحديد مكامن هذه الأخطار وأسبابها ومظاهرها، توصلا إلى توحيد سبل المواجهة الكفيلة بالتغلب عليها من اجل تحقيق السلام العام الذي ننشده كلنا. ويبقى عبثا، من دون التضامن العربي، أن نفتش فرادى عن الاستقرار الذي هو بالحقيقة مظلة كل تنمية وتطور. وهنا يهمني التأكيد على أن لبنان جزء من الإجماع العربي، ولا يمكنه أن يكون إلا كذلك، وهو يسعى إليه ويعمل على تحقيقه في كل المجالات وعلى كل الصعد”.
وتابع: “في مثل هذا اليوم لسنتين خلتا شغر في لبنان كرسي رئاسة الجمهورية، فكان هذا إيذانا ببداية سلسلة من الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ترافقت مع خلل على مستوى انتظام عمل المؤسسات الدستورية، فانعكس ذلك في جانب منه على علاقات لبنان مع الخارج، وبالأخص مع أشقائه العرب، الذين لم يتخلوا عنه يوما طوال محنه. وهو لن ينسى أبدا وقوفهم إلى جانبه خلال الحرب الأليمة المنتهية عام 1990 باتفاق الطائف الذي رعته المملكة العربية السعودية والذي أرسى نظاما سياسيا ودستورا جديدا، تأمن بهما السلم الأهلي. ولو أن هذا الاتفاق طبق بكامله، نصا وروحا، لكان لبنان الآن ينعم باستقرار سياسي يؤدي حتما إلى نمو اقتصادي. وكم كنا نود، لولا الشغور الرئاسي، أن نستضيف هذا المؤتمر على أرضنا، غير أننا نعتبر أنفسنا ونحن على أرض الكنانة كأننا في بيروت”.
وقال: “يتزامن انعقاد الدورة العادية السابعة والأربعين لمجلس وزراء الإعلام العرب مع حدثين، الأول تكريم معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي المنتهية ولايته قريبا، لما بذله من جهود مضنية طوال توليه مسؤوليته، وهو الذي لم يأل جهدا في سبيل توحيد الكلمة ورص الصفوف في ظل ظروف عصيبة عصفت بمنطقتنا، فاستطاع بحكمته وديبلوماسيته أن يجنب الجامعة تداعيات ما يحصل على أرض الواقع في أكثر من دولة من دولنا. فله منا جزيل الشكر. أما الحدث الثاني فهو الإحتفال بيوم الإعلام العربي، في ظل ما يمر به إعلامنا من ظروف صعبة، وما يواجه من تحديات، تتطلب منا جميعا كوزراء إعلام، كل من موقعه، أن نقدم له كل أنواع الدعم والمؤازرة لكي يؤدي رسالته بأمانة، وخصوصا في هذه الأوضاع الدقيقة التي تستلزم منه الجرأة في قول الحق والحكمة في التعبير عن الرأي بحرية. ولا يخفى ما للاعلام من دور مهم في ترسيخ السلم العام في أوطاننا والمحافظة على استقرارها في مواجهة الأخطار التي تحيط بها من كل حدب وصوب، وفي نشر ما يختزن تراثنا من قيم دينية وحضارية بعيدا عن التشويه المتعمد للصورة الحقيقية للانسان العربي”.
أضاف: “إن الحرية الإعلامية في لبنان مكرسة في نصوص الدستور، ونحن، كحكومة لبنانية، نحرص كل الحرص على صونها وتعزيزها لما لها من أهمية في ترسيخ مناخات الديموقراطية، لكن الحرية لا يمكن أن تعني الفوضى واستباحة القيم والتعدي على الآخرين، بل يجب ممارستها دائما تحت سقف القانون، الذي يحمي حقوق الناس، وكراماتهم ويضمن حسن العلاقة مع الدول الشقيقة والصديقة بتحريم التعرض لها ولرؤسائها بالتشهير أو القدح والذم. وعلينا في هذا المؤتمر أن نتوصل بعد المناقشات إلى الخروج بخطة عمل واضحة الأهداف وقابلة للتنفيذ، وبالأخص في ما يتعلق بدور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب، التي تجتاح أوطاننا، بما تمثله من خطر داهم يهدد الجميع، وبما تنطوي عليه من تشويه لصورة الدين الحنيف، خصوصا وأن جميع المرجعيات الدينية ولا سيما الأزهر الشريف قد دانته واعتبرته مناقضا لرسالة الإسلام القائمة على الرحمة والمحبة والتسامح”.
وتابع: “من هنا يكون على إعلامنا العربي، بما لديه من إمكانات، أن يشجع حركات الإعتدال في مجتمعاتنا، وان يسعى الى تفعيل دورها. فيكون أمضى سلاح في محاربة التطرف، وفي نشر ثقافة الحوار والانفتاح، والعيش معا. ومن المفيد ايضا الإضاءة على ما يتضمنه جدول أعمال الدورة السابعة والاربعين من محاور مهمة، أشبعت درسا وتمحيصا في اللجان المتخصصة التابعة لجامعة الدول العربية، ومن بينها مواضيع نأمل في أن تتخذ في شأنها قرارات تنفيذية لكي تبصر النور في القريب العاجل، أهمها وضع استراتيجية اعلامية عربية وإقرار خطة جديدة للتحرك الإعلامي العربي في الخارج، فضلا عن مواضيع ذات أهمية كبرى كالإعلام الألكتروني وضرورة مقاربته من زاوية سرعة وصوله إلى الجمهور، وعلاقة الإعلام بالتنمية المستدامة، باعتبار ان التطورات الهائلة والمتسارعة التي شهدتها وتشهدها وسائل الإعلام وتقنياته، جعلت منه، في الوقت نفسه، أداة فصل او وصل، أداة فتنة او سلام، أداة دمار او بناء. فينبغي لنا إذا أن نعتمد سياسة إعلامية تسمح بالاستفادة بشكل ايجابي من الفضاء الإعلامي المترامي الآفاق”.
وختم جريج: “من لبنان الذي اختبر أهمية تعايش الأديان في بوتقة وطنية، والذي يعاني ما يعانيه من ازمات ومن بينها خطر الإرهاب التكفيري، آتي اليكم حاملا ما تنبض به أفئدة ابنائه من محبة لجميع إخوانهم العرب، يحدوني الأمل في أن نراهم جميعا يتقاطرون إلى ربوعه التي اشتاقت إلى لقائهم، والسلام”.
وطنية