في فُسحة Space 27 الفنيّة القائمة في الطيّونة، يجد الفنّان الشاب ملاذه “الزاهي” الذي “يستوعب” نزوات مُخيّلته و”يَتطابق” معها من حيث الإصرار على التعبير بواسطة مُختلف الأنماط الفنيّة.
تستقبل هذه الفُسحة الفنيّة الطموحة، منذ نيسان المُنصرم، الهواة وبعض المُحترفين الذين يُؤمنون بأن التواصل وتبادل الخبرات والإفادة من “النُزهات” الفنيّة التي سَبَقت ساعاتنا الحاليّة. هي جسر العبور الآمن إلى حيث الإبداع وممرّاته المليئة بالتحدّيات… والجنون الخلاق.
كُتب على الصفحة التابعة للفُسحة على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، “إذا بدّكن مساحة لتتمرّنوا، تصوّروا، تبادروا بورش عمل أو عرض…حكونا!”. وطوّر هذه المُبادرة الصغيرة التي يكبر حجمها يوماً فآخر، جانين الخوند (30 سنة) وميرا المير (28 سنة). ووجدت الشابتان بعد التخرّج من كليّة الفنون في الجامعة اللبنانيّة في الفن التشكيلي، أنه في حين كانت الدراسة الأكاديميّة في الجامعة قويّة ومُتطوّرة من حيث تكوين الطلاب ووضع ركيزتهم الفنيّة، بيد أن النقص في العلاقات العامّة بعد التخرّج وقدرة التواصل مع أصحاب الغاليريات الذين يملكون سلطة تقديم أعمال الفنان الصاعد كان عنصراً بارزاً. ومن هذا المُنطلق فإن الطالب الذي يخرج فجأة إلى الحياة – بعد سنوات أمضاها بين دفّتي الكتاب وجُدران حرم الجامعة المُزيّنة بمشاريعه الفنيّة – يجد أنه مُنعزل بعض الشيء. وسُرعان ما يَكتشف أن لا بدّ له من أن يشقّ طريقه من الصفر وكأن السنوات الجامعيّة والجهود الكبيرة التي بذلها فيها كانت ذكرى جميلة لا علاقة لها بالواقع، تقول جانين وميرا، “فكان لا بدّ لنا من أن نؤمّن فُسحة فنيّة يستطيع الفنّان أن يعمل فيها إذا أراد أن يكون برفقة غيره من الفنانين. وأن يفيد في الوقت عينه من الفنانين المُخضرمين الذين يُقيمون ورش العمل وحلقات الحوار ونشاطات فنيّة وثقافيّة محوريّة في الفُسحة”. تضيفان، “كما يُمكن أن يزور الفنّان فُسحة Space 27 ليُعرّف عن عمله وعن طريقه الفنيّ”.
وتؤمن الشابتان أن العزلة من العناصر الخطرة في حياة الفنّان على إعتبار أن الحاجة إلى الإنتشار والتواصل من التفاصيل الأساسيّة في عمليّة التطوّر. وما أن قرّرت الشابتان الطموحتان المضي في هذا المشروع، “كل شي ركب بسرعة!”، تُعلّق ميرا ضاحكة. وتحمّس الأساتذة في الجامعة اللبنانيّة كثيراً مع هذه المُبادرة الرائعة في مضمونها وأهدافها و”هم اليوم يُعلنون عن نشاطاتنا وعن مُبادرتنا في الصفوف كي يصل العلم والخبر إلى أكبر عدد من الطلاب الذين يتخصّصون في الفنون على أنواعها”، وفق قول جانين. حتى مالكة الفُسحة التي إستأجرتها جانين وميرا تفاعلت مع “قضيّة” الشابتين وصارت من الداعمات لأهدافها. وإختارت جانين وميرا رقم 27 لتشملاها بإسم الفُسحة، إنطلاقاً من رقم المًبنى الذي يحمل الرقم عينه. وتُشارك الفُسحة في مختلف النشاطات التي تجعل العاصمة أكثر زهواً وإفتتاناً، منها “بينالي باريس في بيروت”. كما أطلقت الشابتان نشاطاً للأسبوع الجاري يرتكز على مأدبة عشاء تُقام في أحد مقاهي منطقة بدارو الشبابيّة دعتا من خلالها النساء الفنّانات لتكون “جلسة” فنيّة تتمحور حول الفنون وعلاقتها بكون الفنان ذكراً أم أنثى! لتُنهي ميرا المير قائلة، “همّنا أن تُصبح الفنون في مُتناول الجميع وأن تنزل من برجها العالي”. وتُعلّق جانين الخوند قائلة، “ولهذا السبب نُصرّ على إقامة جلسات حوار ونقاش بعد كل نشاط فنّي يُقام في الفُسحة”.
النهار