لا شك في ان الفساد المستشري في لبنان بات العنوان الاول المكتوب على ملامح الدولة اللبنانية، وذلك منذ عهود خلت. لكن في هذه المرحلة بالذات طغى على كل العناوين التي تطلق على لبنان، وخصوصاً في مؤسسات الدولة واداراتها. حتى باتت تعاني من حالات متفاقمة يصعب حلّها مهما جرى من إصلاح . ما يعني ان هذه الكلمة اصبحت في غياهب النسيان في قاموس دولتنا، بحيث لا توجد اي محاولة جديّة للارتقاء بالإدارة العامة منذ أكثر من أربعين عاماً…! في ظل غياب العمل الجدّي للهيئة الاولى لرقابة الادارة الرسمية اي مجلس الخدمة المدنية. على الرغم من وضع هيكلية تهدف الى تطوير هذا المجلس من خلال إعادة النظر في نظام تقييم أداء الموظفين. لكن التدخلات السياسية تلعب دورها كالعادة في المشاكل الداخلية، وخاصة في ما يتعلق بالفساد المنتشر بين بعض موظفي الدولة. من حيث ولاء وتبعية كل منهم لمرجعيته السياسية، لان لدى غالبية هؤلاء يصبح الانتماء بحسب مصالح ذلك السياسي او غيره، في حين تغيب مصلحة الوطن وحدها…
من هذا المنطلق يبدو الموظفون الرسميون اقوياء بنفوذهم جراء قوة زعمائهم، الى درجة انهم يتجاوزون سلطة القانون بما يخدم علاقاتهم الشخصية. ما يؤدي الى ارتكابهم مخالفات جديّة للقوانين، من خلال التشبيح والفساد وتوابعهما، الامر الذي يتطلب عملية اصلاح من الداخل، من خلال هيئة تدقيق تعنى بموظفيّ الإدارات العامة على كل المستويات. مع الاشارة الى اننا لا نشمل الجميع انما البعض ممن يستفيدون من وظيفتهم الرسمية، لذا نشدّد على ضرورة إنشاء وزارة فعلية للإصلاح الإداري والمحاسبة، اي ان يكون عملها على مستوى كل لبنان من خلال تشكيل فريق معني بهذه المهمات ويتخذ خطوات استراتيجية لتحقيق الإصلاح الحقيقي .
مع الامل بأن تصبح الرشاوى عندنا ضمن خبر كان، وان تغيب مظاهر “مرقلي تمرقلك” ليس فقط داخل الحكومة بل في كل المؤسسات الرسمية، وان تتخذ اجراءات لمنع كل انواع المخالفات المتغلغلة في لبنان الذي إنضم الى لائحة الفساد الدولية. وهذا بحّد ذاته معيب ومخيف ويؤكد بأن بعض السياسييّن يمنعون تنفيذ الاصلاح الاداري، لانهم يستغلون مناصبهم لتحقيق المكاسب مع ازلامهم .
في الختام نأمل ان تبدأ عملية التغييّر من هنا، اي من قبل بعض رجال السياسة الذين يستفيدون من مراكزهم في الدولة، فبدل ان يكونوا المثال الاعلى للمواطن يصبحون بفضل شهوتهم للمال المثال الاسوأ، اي السرقة على”عينك يا دولة ” من دون ان يبالي احد او يسأل، ما يجعلنا نستذكر ذلك المثل الشائع ” الرزق السايب بعّلم الناس الحرام…”، علّك تستفيقي يا دولتنا العزيزة…
صونيا رزق
موقع الكتائب