لا شيء يمنع مجلس الوزراء من اختيار اسم وتعيينه رئيساً للجامعة اللبنانية من بين 5 أسماء انتخبها مجلس الجامعة وفقاً للقانون 66 وكان رفعها الى وزير التربية والتعليم العالي، خصوصاً وأن عليه واجب تسمية الرئيس قبل شهرين من انتهاء ولاية رئيس الجامعة الحالي، أي في 13 آب الجاري.
وفق القانون يدخل رئيس الجامعة الحالي الدكتور عدنان السيد حسين ابتداء من 13 آب الجاري في مرحلة تصريف الأعمال، باعتبار أن ولايته تنتهي في 13 تشرين الأول المقبل. وعلى مجلس الوزراء أن يختار اسم رئيس الجامعة الجديد قبل شهرين من انتهاء ولايته. يعني ذلك أن عدم اصدار قرار التعيين من بين الخمسة الذين انتخبهم مجلس الجامعة سيحدث، وفق أكاديميين، خللاً في تركيبته، بين عمداء معينين من مجلس الوزراء ومفوضي حكومة وممثلي أساتذة وبين رئيس يصرف الأعمال، ما يؤدي الى عدم قدرة المجلس على اتخاذ قرارات تعني شؤون الجامعة.
ليست مستحيلة مهمة مجلس الوزراء ومسؤوليته في تعيين رئيس الجامعة الجديد، إذ ان مجلس الجامعة اللبنانية مارس مهمته وأدى دوره بانتخاب 5 مرشحين من طوائف مختلفة، علماً أن منصب الرئيس يعود حصراً الى الطائفة الشيعية وفق توزيع المناصب على الفئة الأولى في الدولة، على رغم أن لا نص في قانون الجامعة يقضي بذلك. وعلى رغم التسويات التي طبخت قبل انتخاب الأسماء الخمسة، تمكن مجلس الجامعة من كسر محاصصة اختيار الأسماء سلفاً، ومارس مهمته ولو جزئياً، فانتخب الدكاترة محمد صميلي (عضو مجلس الجامعة)، فؤاد ايوب (عميد كلية طب الأسنان)، وفاء بري (عميدة كلية الآداب سابقاً)، تيريز الهاشم (عميدة كلية التربية) ورجاء مكي (معهد العلوم الاجتماعية). ويذكر أن أيوب وبري ومكي من الطائفة الشيعية، وعليه قد ينحصر اسم رئيس الجامعة من بين الثلاثة. وبهذا الانتخاب وبإسقاط أسماء كانت مرشحة عبر التسويات، حسم المجلس خياره كمجلس أكاديمي أصيل لم يكن قائماً في تعيين رئيس الجامعة الحالي الدكتور عدنان السيد حسين عام 2011، والذي عينه مجلس الوزراء من خارج الترشيحات الأكاديمية.
أنجز مجلس الجامعة مهمته وانتخب الأسماء الخمسة تجنباً للوقوع في الفراغ واحتمالات التمديد غير القانونية، والتي يدور حولها جدل بين نظام الجامعة الذي يقول بتكليف العميد الأكبر سناً في حال العجز عن انتخاب رئيس وتعيينه، وتعديلات القانون 66 غير الواضحة في هذا السياق. واذا لم يسارع مجلس الوزراء الى اختيار اسم الرئيس، ستدخل الجامعة في حالة جدل انطلاقاً من احتمالين، اما تكليف العميد الأكبر سناً رئاسة الجامعة الى حين تعيين الرئيس، وهو في هذه الحالة عميد كلية العلوم الدكتور حسن زين الدين، بعد إحالة الدكتور غسان شلوق الى التقاعد في تشرين الثاني المقبل بعد انتهاء الولاية الحالية للرئيس، وإما التمديد لرئيس الجامعة الحالي، حيث القانون لا ينص صراحة على هذا الأمر. وفي الحالتين هناك جدال واجتهادات، انما الأمر قد يؤدي الى ارتدادات سلبية على الجامعة، وهي ليست اليوم في عصرها الذهبي، تبعاً للمشكلات التي تعانيها على أكثر من صعيد أكاديمي ومالي واداري. أما المشكلة التي قد تظهر إذا أصر البعض على التمديد، فتكمن في وجود عمداء معينين بمرسوم ورئيس منتهية ولايته. وهذا يعني أن كلمة العميد قد تكون أقوى من كلمة الرئيس الممدد اذا حصل ذلك، علماً أن هناك عمداء بالتكليف في مجلس الجامعة لا يحق لهم التصويت أو الانتخاب، وهو ما ظهر خلال انتخاب المرشحين للرئاسة.
ولعل الحديث عن اهمية تعيين رئيس للجامعة يعزز القانون فيها ويؤمّن الشفافية والمساءلة ويستعيد دورها الاكاديمي ويشرع المحاسبة، وهو أمر مفصلي في المرحلة المقبلة، وان كنا نعلم أن التدخل السياسي يطوق الجامعة. لكن ما حققه مجلسها ولو جزئياً يطرح امكان الإصلاح فيها، لكن شرطه الدفع نحو استقلالية الجامعة والقضاء على الفساد، علماً أن اختيار رئيس الجامعة سيبته مجلس الوزراء بعد تسوية الاسم سياسياً برضى الثنائي الشيعي، لذا يتقدم اسما فؤاد أيوب ووفاء بري على الأسماء الأخرى. وعلى رغم كل ما حصل، اذا اعتبرنا أن هناك شروطاً أكاديمية كان يجب اتباعها، إذ أن تعيين الرئيس محسوم لمصلحة المرجعية السياسية والطائفية، من دون أن يعني ذلك عدم كفاءة الأسماء المنتخبة، فإن تعيين رئيس جديد ضرورة وأولوية قبل أن تتعمق جراح الجامعة، من ممارسات، فيها الكثير من الفساد والمحسوبيات غير الأكاديمية.
النهار