مهرجانات أنفة انطلقت بنسختها الخامسة لتحيي هذه البلدة الفينيقية المتوسطية روح الفرح وتراثه الغني وحكايا حضارات توالت. وكما العديد من البلدات استقطب أهلها جمهوراً من المناطق في حركة تنموية اقتصادية فنية.
على مدخل هذه البلدة الشمالية تستقبلك دواليب الهواء الزرقاء بألوان تذكرنا بأيام الطفولة. انفة اليوم تحتل مكاناً في المراتب الاولى كوجهة سياحية مفضلة في لبنان، نظراً لطبيعتها الجميلة وحفاوة اهلها وانتاجها من الأسماك، خصوصاً شاطئها الجميل “تحت الريح” ببيوته البيضاء والزرقاء ومطاعمه “اكل البيت” الذي يقدمه اصحابها. مكان يشبه كثيراً الجزر اليونانية حيث سماه البعض “اليونان الصغيرة”. وحمل الشاطئ اسمه لأنه محمي من الريح بسبب الرأس وشكله الذي يشبه المرفأ الطبيعي. والى جانبه ما بقي من اثار قلعة انفة والعديد من الاثارات الفينيقية وآثارات اخرى وبقايا معاصر وفسيفساء ومغاور بحرية وكنيسة سيدة الريح، وهي من اقدم كنائس المنطقة التي شيدت على اسم السيدة العذراء. وفي انفة “دير الناطور” من عهد الصليبيين وكنيسة القديسة كاترينا وكنيسة القديس سمعان وكنائس قديمة عدة.
هذه الاماكن الجميلة في البلدة جذبت العديد من السياح، حيث نظمت “جمعية مهرجانات انفة” احتفالات سنوية في البلدة في برنامج سياحي ثقافي فني. وتحدث رئيس الجمعية الدكتور اميل نجم عن البلدة وآثاراتها وهي سياحية بامتياز، وقال: “اراد اهل انفة ان يعرّفوا الناس عليها من خلال مهرجانات منوعة وجولات سياحية”. وعن دواليب الهواء التي توزعت في ارجاء البلدة قال انها لإرجاع التراث الى بلدة انفة التي اشتهرت بانتاج الملح، “قمنا بصناعة اول دولاب من صنع الحداد رامح مخول المعروف من اهالي البلدة بـ “ابو الرمح” على الشاطئ قرب الملاحات مع اطلاق اول مهرجان فيها، فهذه الدواليب اشتهرت في الماضي لأنها كانت تستخدم لسحب مياه البحر الى الملّاحات، وهو مصدر رزق اهل البلدة. وقد توقف استخراج الملح لفترة لأنه اصبح مكلفاً بسبب مضاربة الاسعار المنخفضة للملح المستورد. واضيفت 3 دواليب هذه السنة على مدخل البلدة، حيث صدّر الفينيقيون منها زيت الزيتون والخمر. وفي القلعة الفينيقية ما زالت الاماكن والاجران التي كان يطحن فيها الزيتون ويصنع فيها الخمر وترسل عبر البحر الى اوروبا. وقد تابعت “هيئة التراث” نشر هذه الدواليب على طول شاطئ انفة”.
مهرجان هذه السنة قدمته الزميلة سمر نادر في رعاية نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. وفي يومه الاول حفلة لموسيقى الجيش ومسرحية للاطفال، ومعرض فني حرفي وفيه منتجات من صنع اهل البلدة. وفي اليوم الثاني حفلة لغابرييلا نجم ومعرض صور فوتوغرافية لبورتريهات من سكان انفة، ووثائقيين عن الواقع اللبناني لطلاب جامعة الألبا بإشراف البروفسور آلان بروناس. والختام كان امسية مع عاصي الحلاني، على المسرح الحجري في ساحة انفة حيث ساهمت جمعية مهرجانات انفة ببنائه مع البلدية. ورحب الحلاني بأهل انفة على طريقته، وبعد اغنيته “بيكفي انك لبناني”، التي ترافقت مع دبكة من فرقة “المجد” البعلبكية، قدم موالاً للبلدة قائلاً: “جينا يا انفة بعد طول سنين نرجع ليالي الفرح ونرد ماضيكي/ ونعزم جبل صنين على دراجك، ونزّل نجوم السما ليسهروا فيكي”.
النهار