القرار الذي أصدره وزير المال علي حسن خليل بمصادرة اراضي البلدات والقرى وتحويلها من املاك باسم عموم أهالي هذه البلدات او البلديات، إلى ممتلكات للجمهورية اللبنانية يشكل سابقة في تاريخ الملكيات العقارية في لبنان، علما أن البعض يعتبر أن اساسه يعود إلى اجراء اتخذه وزير المال السابق الرئيس فؤاد السنيورة. لكن السنيورة لم يعلن قراره عبر وسائل الاعلام ولا بادر الى الطلب من وزارة الداخلية رفع الحصانة عن المخاتير .
قرار خليل يشمل كل الاراضي التابعة للبلدات والقرى في كل انحاء لبنان. ذلك ان الكثير من القرى والبلدات في الجنوب والبقاع خسرت ملكية مشاعاتها المسجلة باسم “عموم الاهالي” لمصلحة “الجمهورية الفاغرة فاها طمعاً بأراضي البلدات والقرى دون اي احترام للقانون 3339 الصادر خلال عهد الانتداب الفرنسي ولا للقوانين والاعراف اللاحقة التي حددت ملكية كل بلدة” وهكذا وبين التحايل على القانون والتلاعب بمشاعر الاهالي تمت مصادرة الملايين من الامتار، والقرار المتسرع الذي اصدره وزير المال اثار ضجة مدوية فيما يتردد على ألسنة الرافضين للقرار ان الباب العالي العثماني لم يتجرأ وفي عز سطوة السلطنة العثمانية على اصدار مثيل هذا القرار التعسفي بحق المجتمعات الريفية في لبنان. وهو يطال 23 في المئة من اراضي الجمهورية اللبنانية استناداً الى مسح قامت به “حركة الارض” والتي يؤكد رئيسها طلال الدويهي ان القرار التعسفي لا يعني العاقورة والمسيحيين فقط، بل كل اهالي جبل لبنان من اهدن الى بشري والعاقورة وكفردبيان وفالوغا والباروك والقبيات ومعاصر الشوف وغيرها الكثير حيث تتوفر المشاعات دون اي استثناء. وفي القاع وراس بعلبك مثلاً تبلغ مساحة المشاعات ملايين الامتار المربعة وكذلك في جبال الشوف وانحاء البقاع.
والخشية الاكبر لدى الجميع ودون استثناءات طائفية، انه وفي ظل اجواء الفساد والمحسوبيات المستشرية في مؤسسات الدولة وهرمها الاداري وعلى كل المستويات، ان تعمد الحكومة الى تأجير او عقد اتفاقات على هذه المشاعات بعد الاستحواذ عليها وتحت عنوان “ملكية جمهورية”، الى جهات غريبة عن القرى والبلدات صاحبة الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني في هذه المشاعات، وهنا ستقع المشكلة الاكبر حيث ان الكثير من المشاعات والاملاك العامة والخاصة في البقاع والجنوب وضاحية بيروت الجنوبية وطريق المطار تم الاستيلاء عليها من دون وجه حق وفرض امر واقع على مالكيها بأجبارهم على الرضوخ لأسعار معينة عند البيع. وفي موازاة هذا الوضع يؤكد قانونيون ورؤساء بلديات ان قرار وزير المالية علي حسن خليل وكل القرارات السابقة الصادرة عن وزراء المالية السابقين بمصادرة مشاعات البلدات والقرى هي غير شرعية استناداً الى المادة 7 من القرار 3339 والتي تؤكد على حقوق الجماعات المستفيدة من المشاعات او اهالي القرى والبلدات اللبنانية وتالياً هي ملك بلدي خاص لا يقبل اي اعتداء. كما ان وضع اليد على المشاعات يعني تأميماً غير مسبوق لاراضي اللبنانيين وقراراً كبيراً يحتاج الى اجماع مجلس النواب خصوصاً ان اصرار خليل على اصدار القرار ليلة رأس السنة 2015 وفي غياب رئيس للجمهورية يطرح الكثير من علامات الاستفهام الكبيرة، ما يحتاج الى حكمة الرئيس نبيه بري لمعالجة هذا القرار والذي لا يكفي اللبنانيين ما ينزل بهم من ازمات حتى يأتيهم هذا القرار بالمزيد منها.
النهار