كان لا من أن يكون مَعرض “الصدى الصامت” الذي يُسلّط الضوء، وفق النشرة التي تُعرّف عنه، “على أهميّة المتاحف الموجودة في المواقع الأثريّة، ويستكشف في الوقت عينه، كيف تتحوّل المعالِم والتُحف الأثريّة إلى رموز فيها دلالة على ماض بعيد بائد”، أن يكون في مُستوى متحف بعلبك الأثريّ الذي يَستقبله في 17 أيلول الجاري.
في المؤتمر الصحافي الذي دَعَت إليه جمعيّة STUDIOCUR/ART الفرنسيّة أمس في مكتب الأونيسكو في بئر حسن، كان واضحاً أنه لن يمرّ مرور الكرام على مدينة الشَمس الغائرة في العراقة والإبداع الثقافيّ. هي المرّة الأولى التي تستقبل فيها بعلبك، (ولم لا توظّف دلالها الأنيق في خدمة الفن)، معرضاً فنيّاً مُعاصراً في متحفها، هي المُصنّفة كموقع تُراثيّ عالميّ من مُنظّمة الأونيسكو. وهي المرّة الأولى التي “يُقدّم” فيها مَعبد باخوس فُسحاته المُسيّجة بتاريخ رَحَل مُستأذناً، للفن المُعاصر، مُجسّداً بأعمال فنانين عالميّين هم: أي وي وي، زياد عنتر، دانيكا داكيك، لوران غراسو، سوزان هيلر، تيو مارسيه، مروان رشماوي، باولا يعقوب، وسينتيا زافين. والمعرض في رعاية وزارتي الثقافة والسياحة ومنظّمة الأونيسكو وبلديّة بعلبك وشركة “ألفا” وبالشركة مع جريدتي “النهار” و”السفير” وقناة أل بي سي آي. والجميع مؤمِن بأن المَعرض الذي يُشكّل حواراً لا ينتهي بين الآثار والفن المُعاصر، هو في مُستوى بعلبك، أو تلك العاشقة التي تَنفض عنها بين الفينة والأخرى غُبار طيف الحروب الصغيرة والأخرى الأكبر حجماً التي تُحيطها وتُهيمن أيضاً على أروقتها. وفي المَعرض الأقرب إلى حدث ثقافيّ سيُحكى فيه الكثير بعد أيام قليلة، هي نَظرة إلى الآثار الصامتة التي أكتُشفت والتي تطل في صورتها النهائيّة على شكل أصداء عن حَقبة ولّت، في الوقت الذي تطل فيه الأعمال الفنيّة المُعاصرة وكأنها صدىً عن الآثار المعروضة في المَتحف. وفي السابع عشر من أيلول الجاري سيفتتح المعرض – الحَدَث، في حضور الفنانين اللبنانيين والأجانب المُشاركين وسياسيين وديبلوماسيين وهواة وداعمين ومُهتمّين في الفن المُعاصِر وأُمناء متاحف ومؤسّسات ثقافيّة ومعارض عالميّة، تأكيداً من جمعيّة STUDIOCUR/ART مُجسّدة بمؤسّستها والقيّمة على المعرض كارينا الحلو ،على أن للعراقة أصولها وحوارها الأنيق. وقد إختارت الحلو أن يعمل على المشروع الطموح فريق عمل مؤلّف من شبان من لبنان أكبرهم عمره 34 سنة، بهدف الدعوة إلى التنمية الثقافيّة والسياحيّة في المناطق البعيدة من تمركز النشاطات الثقافيّة في العاصمة بيروت، خصوصاً المناطق المحرومة. وأيضاً لبثّ الروح الإيجابيّة في هذه المناطق، وهنا دور وسائل الإعلام المحليّة والإقليميّة والأجنبيّة.
وشاركت ديان أبيلا الشابة، الحلو في تنظيم المعرض الذي يدرج ضمن مشروع يُرافقه برنامجاً موازياً يشمل مؤتمراً سيُعقد في متحف سرسق وأيضاً مختلف النشاطات التي تهدف إلى التنمية الثقافيّة والسياحيّة والتربويّة في بعلبك بتنظيم من مؤسسة APPEAL ليفيد منها المُجتمع المحلّي والضيوف من مُختلف المناطق اللبنانيّة وأيضاً الزوّار الأجانب وبعض أهل الصحافة من الولايات المُتحدة ودول أوروبيّة عدّة. وفي المؤتمر الصحافي أمس تحدث كل من مدير مكتب الأونيسكو الإقليميّ في بيروت الدكتور حمد الهمامي، ووزيري الثقافة ريمون عريجي والسياحة ميشال فرعون، ومؤسّسِة الجمعيّة المعنيّة كارينا الحلو، ومديرة التواصل والعلاقات العامة للمشروع الزميلة رنا نجّار، والمُستشارة الفنيّة التي ساهمت في التنظيم ديان أبيلا، ومُمثّل شركة “كوميرشال إنشورانس” الراعية للمعرض روجيه زكار، ومُمثّل بلديّة بعلبك الدكتور سهيل رعد، ونائبة جمعيّة “أبيل” ندى خوري. والتقى الجميع حول أهميّة هذا المشروع العالميّ في بعلبك. وفاجأ الوزير عريجي الجميع بإعلانه أن الدخول إلى قلعة بعلبك سيكون مجانيّاً خلال مدّة المعرض الذي يستمر إلى 17 تشرين الأول. واعتبر عريجي أن المعرض هو تحد للصعاب التي تواجه المنطقة باعتبار أن الثقافة مُقاومة إنسانيّة من أجل البقاء وحماية الآثار والماضي من أجل بناء المُستقبل. ومن جهّته، شدّد فرعون على ان وزارة السياحة تعمل منذ عامين لإنعاش المناطق من خلال المهرجانات والمعارض مثل “الصدى الصامت” الذي تفتخر الوزارة في رعايته والإهتمام به، داعياً اللبنانيّين إلى زيارة المعرض نظراً لأهميّته في إيجاد حوار بين الآثار والفن المُعاصر.
إشارة أيضاً إلى وجود عشرات الرُعاة والداعمين لهذا المَعرض.
هنادي الديري
النهار