برعاية وحضور غبطة البرطريرك مار بشارة بطرس الراعي، رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، نظم المجلس الرسوليّ العلمانيّ في لبنان المنبثق عن اللجنة الأسقفيّة لرسالة العلمانيين مؤتمرًا (فوروم) للعلمانيين وذلك يوميّ السبت 29 والأحد 30 تشرين الاول 2016 في مركز مار أوغوسطينوس – عين سعادة.
شارك في المؤتمر حوالي الـ 120 شخص من ممثليّ الحركات الرسوليّة والتجمعات الكنسيّة ومندوبي الابرشيات…
طرح الفوروم الإشكاليّة التاليّة: إلى أيّ نداءات يدعونا “فرح الإنجيل” في عالمنا اليوم؟
يهدف الفوروم وذلك إنطلاقًا من الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل” إلى خلق مساحة تفكير وقراءة للواقع على ضوء توجيهات “فرح الإنجيل” كما وتسليط الضوء على تعليم الكنيسة وخاصة الاستراتيجي والراعوي بالإضافة إلى تشبيك العلاقات للعمل المشترك والشراكة وخلق مساحة لتبادل الخبرات والقيام بالمبادرات العمليّة كعمل كنسيّ منظّم.
تناول الفوروم محاور عدّة منها :
1. الكنيسة في عالم اليوم:
– كنيسة تخرج نحو الآخرين المهمشين
– دور الحركات في تنشئة أشخاص يقدّسون النظام الزمني
2. شراكة وتكامل – وحدة وتنوع
كلمة البطريرك الراعي
رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن “الظرف الجديد من حياتنا الوطنية الذي يبدأ، إن شاء الله، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد غد الاثنين، يوجب علينا جميعا المساهمة في النهوض الوطني، فلبنان بحاجة إلى جميع أبنائه لهذه الغاية، فلا تقع المسؤولية فقط على الرئيس العتيد والحكومة والجماعة السياسية، بل تشمل الشعب كله، بحيث يساهم كل شخص وجماعة في القطاع الذي يعمل فيه”.
وقال في كلمة في فوروم العلمانيين – كفرا – عين سعاده: “تعقدون فوروم العلمانيين بموضوع “شركاء في بناء عالم اليوم والغد” في زمن يحتاج فيه مجتمعنا اللبناني والشرق أوسطي إلى مؤمنين بالمسيح شاهدين وفاعلين في العالم حيث يعيشون من دون أن يكونوا من مصاف رجال الكهنوت، أو في الحالة الرهبانية. أنتم منهم، وقد أصبحتم بالمعمودية أعضاء في جسد المسيح، واندمجتم في الشعب المسيحي. وبنعمة مسحة الميرون يشرككم الروح القدس في وظائف المسيح الثلاث: الكهنوتية والنبوية والملوكية. فمن خلال المشاركة في سر الإفخارستيا، تتحدون بالمسيح الكاهن الأسمى وبذبيحته عبر تقدمة ذواتكم وأعمالكم وآلامكم وأفراحكم قرابين روحية؛ ومن خلال قبولكم كلمة الإنجيل وحفظها وتجسيدها في الأفعال والمبادرات، مندِدين بالشر بجرأة، تتحدون بالمسيح “النبي العظيم” (لو7: 16)؛ ومن خلال الصراع الروحي ضد سلطان الشر “وسر الإثم” (أف 6: 12)، تشاركون في ملوكية المسيح من أجل نشر ثقافة المحبة وإحلال العدالة. وهكذا تمارسون رسالة الكنيسة، فيما تتعاطون الشؤون الزمنية”. (راجع العلمانيون المؤمنون بالمسيح، 9 و 14)”.
أضاف: “يسعدني أن أحيي اللجنة الأسقفية لرسالة العلمانيين – المجلس الرسولي العلماني، بشخص رئيسه سيادة المطران جورج بو جوده وأعضاء اللجنة والمجلس الذين ينظمون هذا الفوروم. كما أحيي جميع المشاركين: المرشدين والمسؤولين في الحركات الرسولية، ومندوبي الأبرشيات وكل المحاضرين”.
وتابع: “أتناول في مداخلتي ثلاث نقاط:المواضيع الثلاثة الاساسية، يتناول الموضوع الأول، إعداد الذات للرسالة من خلال تجديد اللقاء الشخصي مع يسوع، على غرار التلاميذ الأول الذين اختارهم ودعاهم ليعيشوا معه، ثم يطلقهم لرسالة الشهادة له. الثاني، إدراك التحديات التي يواجهها التزامكم الجماعي، ولا سيما ما يختص بالخير العام والسلام في المجتمع. ما يقتضي من كل واحد وواحدة منكم وعيَ مواهبه الخاصة وتحفيزها ووضعها في الخدمة المشتركة وهي الكرازة بالإنجيل وتجسيد مبادئه وروحه في نشاطاتكم ومسؤولياتكم الزمنية. الثالث، الاطلاع على الواقع اللبناني والحاجات الراهنة، والانطلاق إلى تلبيتها بحكم الرسالة المسيحية. هذه الحاجات يسميها قداسة البابا فرنسيس “الضواحي” لأنها مهمَلة. ويعني باللفظة لا الأمكنة فقط، بل وبخاصة الأشخاص الذين يعانون من حاجات حسية وروحية ومعنوية، في مختلف القطاعات، ويعانون بالأكثر من عدم الاكتراث بهم، وبحاجاتهم وحقوقهم، ولاسيما بكرامتهم. فالرب يسوع هو أول مَن كان ينطلق كل يوم، في حياته على الأرض، إلى هذه “الضواحي البشرية”: إلى العشارين والخطأة، إلى الفقراء والبسطاء، إلى الأغنياء والرؤساء، إلى المرضى والمعوَقين، إلى التائهين وفاقدي الرجاء، إلى أسرى الأرواح الشريرة والمدمنين على الخطيئة والشر. إليهم جميعا وإلى الكثيرين من أمثالهم حمل كلمته الشافية ومحبته ورحمته وقدرته”.
وقال: “أيها العلمانيون المؤمنون بالمسيح، لقد أصبحتم بالمعمودية “أغصانا في المسيح الكرمة” (راجع يو15: 5)، وتحيون من ماوية المسيح الكلمة والقربان، لكي تحققوا الشركة ببعدَيها: العمودي كاتحاد بالله، والأفقي كوحدة فيما بينكم ومع الجميع. وانطلاقًا من هذا الواقع السري والمنظور تعطون الثمار في حياة الكنيسة ورسالتها. هذا ما يؤكِده لنا الرب يسوع في استعارة الكرمة والأغصان: “أنا الكرمة وأنتم الأغصان. كل غصن يثبت في، وأنا فيه، يأتي بثمر كثير. فبدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئا” (يو15: 5)”.
أضاف: “إذن، الشركة والرسالة مرتبطان ارتباطا عميقا، ومتداخلتان، ومستتبعتان. فالشركة هي في آن منبع الرسالة وثمرتها. وهكذا الشركة الإرسالية، والرسالة تهدف إلى الشركة (راجع العلمانيون المؤمنون بالمسيح، 32). هذه الحقيقة اللاهوتية تجسدونها أنتم في المحاور الثلاثة التي تشكل مواضيع هذا الفوروم: فتجديد اللقاء الشخصي بالمسيح، في المحور الأول، هو الولوج إلى مقتضيات سر العضوية في جسد المسيح، كغصن في الكرمة، وقد نلتموه بالمعمودية؛ والالتزام الجماعي بتثمير المواهب الشخصية، في المحور الثاني، هو عيش الشركة ببعدها الأفقي، بنعمة مسحة الروح بالميرون؛ والانطلاق إلى مساحات الرسالة في “الضواحي اللبنانية”، في المحور الثالث، هو الانطلاق من الشركة إلى الرسالة في قلب الكنيسة”.
وتابع: “أنتم أيها العلمانيون المؤمنون بالمسيح، العائشون في العالم، أنتم مدعوون، كمسيحيين ملتزمين، للعمل في مجتمعاتكم وقطاعات عملكم، كالخميرة في العجين. عنكم يقول المكرم البابا بيوس الثاني عشر: أنتم في الخط الأمامي في حياة الكنيسة ورسالتها. فلا تنتسبون فقط إلى الكنيسة، بل أنتم الكنيسة” (خطاب 20 شباط 1946؛ راجع العلمانيون المؤمنون بالمسيح، 9). إن الالتزام الجماعي في خدمة الخير العام والسلام الاجتماعي، الذي يشكل محوركم الثاني، يمتد على جميع قطاعات الشؤون الزمنية. فالخير العام يشمل “مجمل أوضاع الحياة الاجتماعية” الاقتصادية والثقافية والإنسانية والسياسية والتشريعية والإدارية؛ التي تمكِن الأشخاص والجماعات من تحقيق ذواتهم تحقيقًا أفضل (شرعة العمل السياسي، ص6). والسلام الاجتماعي هو ثمرة العدالة التوزيعية والقضائية التي تحترم الشخص البشري بحد ذاته وفي دعوته وحقوقه الأساسية، كما وفي حرياته الطبيعية، حماية ودفاعا (المرجع نفسه، ص7). والسلام الاجتماعي هو ثمرة الإنماء الإنساني الشامل، الذي يحقق نمو الشخص البشري والمجتمع”. (راجع رسالة البابا بولس السادس العامة: ترقي الشعوب، 87)”.
وقال: “في هذا الظرف الجديد من حياتنا الوطنية، الذي يبدأ، إن شاء الله، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد غد الاثنين، من الواجب علينا جميعا المساهمة في النهوض الوطني. فلبنان بحاجة إلى جميع أبنائه لهذه الغاية. فلا تقع المسؤولية فقط على الرئيس العتيد والحكومة والجماعة السياسية، بل تشمل الشعب كله، بحيث يساهم كل شخص وجماعة في القطاع الذي يعمل فيه. فالدولة كمؤسسات عامة متنوعة ينبغي الدخول إليها والبحث عن وظيفة فيها؛ والدولة اقتصاد بمختلف قطاعاته: المال والزراعة والسياحة والصناعة والتجارة والفنون والثقافة: إن أول واجب وقاعدة اتخاذ القرار بالبقاء على أرض الوطن والإسهام في نهوضه والمحافظة على تراثه وهويته ورسالته في هذا المشرق، على غرار الآباء والأجداد”.
أضاف: “لقد رسمت البطريركية طريقا للالتزام الوطني في ثلاث وثائق، لا بد من الرجوع إليها، وهي: شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان، والمذكرة الوطنية، والمذكرة الاقتصادية”.
وختم الراعي: “فيما أكلف سيادة المطران جوزف نفاع، معاوننا البطريركي، تمثيلنا في محاور هذا الفوروم، نتمنى النجاح لأعماله ولكم كل خير ونعمة من لدن الله. وليتمجد الله في كل شيء”!
وطنية