قررت بلدية البترون اقفال المكتبة العامة في المدينة التابعة للبلدية، حيث بدأت، إعتبارا من مطلع الشهر الجاري، بتوزيع الكتب “مجانا” على المدارس والمهتمين. وقد فاجأ القرار الاوساط الثقافية والتربوية في البترون التي رأت في الإقفال “جريمة لا تغتفر”.
والواقع، انه منذ سنوات بدأ مسار المكتبة العامة بالتراجع السريع، وقيل ان لذلك أسباباً عدة أبرزها: دخول العامل السياسي اليها مع بعض الذين دخلوا حديثاً الى المركز الثقافي البلدي، إضافة الى عدم الاهتمام من فئة واسعة من الشباب بالمطالعة، والاكتفاء بالانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى.
وردت مراجع مقربة من البلدية أسباب الاقفال الى عدم اهتمام الناس بالقراءة وغيابهم عن المكتبة وصالاتها لفترات طويلة، ما جعل بقاءها يشكل عبئاً ماديا على البلدية التي رات في الاقفال وصرف الموظفين أمراً لا مفر منه.
وبعدما أقفلت المكتبة العامة في البترون أبوابها نهائياً ووزعت كتبها وصرفت موظفيها وأعيد المبنى الى أصحابه، فهل كان مسموحاً ان توافق بلدية البترون على الاقفال؟
هذه المكتبة افتتحت اواسط ثمانينات القرن المنصرم ورعتها بلدية البترون في زمن رئاسة كسرى باسيل للبلدية، والذي أسس المركز الثقافي البلدي ليهتم بالنشاط الثقافي والفني في البترون. وعلى رغم سنوات الحرب عرفت البترون نهضة ثقافية وفنية مميزة حتى أضحت المكتبة العامة تضم اكثر من 40 الف كتاب، فيما تأسست في المركز فرقة فنية سميت “بوتريس” وهو اسم مدينة البترون في اللغة الاغريقية.
بعد انتهاء الحرب استمر نشاط المكتبة العامة التي زارها معظم وزراء الثقافة، ووقعت اتفاقيات ثقافية مع سفارات عدة ومراكز، واصدر المركز الثقافي البلدي مجلة دراسات بترونية اعتبرت من أبرز المجلات الثقافية والتاريخية على مستوى لبنان، وكان للمكتبة نشاطات عديدة مع تلامذة المدارس وأعضاء الجمعيات البترونية.
وبإقفال المكتبة، طويت صفحة ثقافية مشرقة من تاريخ البترون، فهل سيأتي يوم ويعاد فيه تأسيس مكتبة عامة جديدة؟
النهار