الأولى بعد ظهر الثامن عشر من أيار 1951، وُلد طفل يزن خمسة كيلوغرامات. علَّق الطبيب ممازحاً: “هالصبي قَد إمّه!”، وترك العائلة لسعادتها. يروي نديم سلامة، شقيقه الأكبر، ولادة الكاتب والوزير السابق غسان سلامة، وطفولته المرحة.
مرَّ التقرير حاملاً ذكريات كفردبيان القرية والطفولة والتعلُّق بتفاصيلها. غسان سلامة في الستوديو، تسأله داليا داغر عن سرّ النجاح. إنجازات تدعو الى الفخر، عُرضت في تقرير اختزل بعض المسيرة في التأليف والمسؤولية والديبلوماسية والسياسة. أطلّ سلامة الإنسان، منذ القرية والنظام المدرسي الصارم في رياق، إلى بيروت وساندويش الفلافل بسعر 35 قرشاً. وغسان سلامة الأب والجدّ، عاشق الحفيد ليونار- غسان، الشاكر زوجته لأنّها تحمّلت رجلاً مثله متعدّد المهنة.
نحبّ أن تضيء أسماء من قامة غسان سلامة الشاشة. في “عسطوح بيروت” (“أو تي في”)، تحدّث عن أب باعَ ثلاثة أرباع أراضيه ليعلّم أبناءه، والسنوات الستّ في مدرسة داخلية صنعت شخصيته العلمية.
أتاحت الحلقة التعرّف إليه من قُرب. من حضور المرأة في حياته، وحبّ الأرض والبيت والزراعة. وماذا بعد؟ حبّ العظيمتين فيروز وأم كلثوم، فيما قلبُ الزوجة ظلّ يميل إلى عظيم آخر: جاك بريل.
جمعت الحلقة غسان سلامة الشخص وغسان سلامة المسؤولية على مستوى الثقافة والوطن، وكلاهما رؤيوي راقٍ. تذكّر بيروت قبل الحرب مدينةً تعجّ بالنشاط، “لا مرجلة للمرء آنذاك إن زاول في الآن عينه أعمالاً عدّة”. ثبّت موقفه الرافض أهوال الحروب وحساباتها، هو العارف أنّ الزمن ملعون، وما بعد كلّ حرب مؤلم وقاسٍ مقدار ألمها وقسوتها. كنا أمام حضور عميق لرجل أبحر في الثقافة والبحوث والجامعات، يؤلّف قبل الظهر بلغة وبعد الظهر بلغة أخرى، وفي الطائرة وخارج الطائرة وكلّما هبَّ عليه وحي الكتابة والغزارة والعطاء. وسرّ النجاح؟ “المثابرة في العمل. إن لم أعمل 15 ساعة في اليوم، أشعر بأنّ وقتي أُهدِر”.
منصب المدير العام لـ”الأونيسكو” أهلٌ بحامل المؤهّلات كلّها.
فاطمة عبدالله
النهار