شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | هل نستطيعُ القول عن يسوع بأنه نبيٌّ، أم هو فقط ابن الله والكلمة المتجسّدة؟!
هل نستطيعُ القول عن يسوع بأنه نبيٌّ، أم هو فقط ابن الله والكلمة المتجسّدة؟!
يسوع والأطفال

هل نستطيعُ القول عن يسوع بأنه نبيٌّ، أم هو فقط ابن الله والكلمة المتجسّدة؟!

من الآن نقولُ: نعم. يسوع هو نبيٌّ. لكنّه ليس فقط مجرّد نبيّ! بل أكثرُ من ذلك. لعلّ موضوع (علم المسيح) هو من المواضيع الطويلة في اللاهوت المسيحيّ. فعلم لاهوت المسيح يتطرّق لشخص يسوع من جوانبه العديدة، آخذا أسماءه وصفاته وهويّته (الإنسانيّة – التاريخيّة والإلهيّة). لا يُهملُ جانبًا على حساب جانب آخر. فمن هو النبيّ؟

النبيٌّ في الإنجيل، هو إنسانٌ يتكلّم بلسان الله، إنسانٌ دُعي وأرسِل ليعلن كلمة الله. وكان أنبياءُ العهد القديم واعين أشدّ الوعي لهذا النداء ولهذه المهمّة. يقولُ الراهب الدومنيكيّ ولفريد ج. هارنغتون في كتابه (يسوع أخونا – إنسانيّة المسيح) : “عندما ننظرُ إلى نبيّ كعاموس، وهوشع، واشعيا، وارميا : ” فأخذني الربُّ وراء الغنم ِ وقال لي : إنطلق وتنبّأ لشعبي اسرائيل” (عاموس 7 : 15)؛ ” وسمعتُ صوت السيّد قائلا : ” مَن أرسل؟ .. فقلتُ : هائنذا فأرسلني” (اشعيا 6 : 8)؛ ” قبلَ أن أصوّرك في البطن عرفتك .. وجعلتُك نبيّا للأمم ” (إرميا 1 : 5) . كان النداءُ استدعاءً قويّا، والمهمّة متحدّية ورائعة، فاقتضيا الإلتزام والشجاعة. لم تكن الكلمة النبويّة لتُسمَع، فشملت المهمّة المعاناة والنبذ، وحتى الموت. كانَ يسوعُ نبيّا، كونه أعلن كلمة الله النهائيّة، فهو سارَ على مسار الأنبياء يُعلن الكلام الإلهيّ ومحبّة الله ووعده وخلاصه. لم يكنْ نبيّا كباقي الأنبياء طبعًا، بل كان النبيّ الأسكاتولوجيّ (الأواخريّ). كلّ ما فعل وقال كان تعبيرًا عن الله الحيّ. يقولُ يسوع نفسه ” يجبُ أن أبشّر سائر المدن أيضا بملكوت الله، فإني لهذا أُرسِلتُ” لوقا 4 : 43).

محاولة البحث عن نبيّ الجليل لا تخلو من إثارة. فنحنُ المؤمنون برغم أننا نؤكّد أنّ الخلاص قد جرى على يد يسوع المسيح، لكننا نعرف أن هذا الخلاص لم يتمّ إلا رمزيّا، وإنّ عالمنا هو هو ووجودنا البشريّ غاطسٌ إلى فمه بالتعقيدات والضبابيّة والفوضى والجنون والتساؤل. نعيشُ متأرجحين بين الشكّ واليقين، بين الثقة والتلمّس. يقولُ المثل الشعبيّ: لم يخرج أحدٌ من الحائط”، فلكلّ إنسان أصل ونسب وعائلة وتاريخ وثقافة، وكلّها تؤثر في شخصيّة الإنسان، فيتعلّم ويتكلّم ويتكيّف وينمو . ليسوع النبيّ تراثٌ قديم نقدر أن نقول عنه ” التراث الجليليّ المعمدانيّ”. يسوعُ كان تلميذا ليوحنا المعمدان لفترة محددة، ثم حدث أن انفصل عنه لكي يتكلّم ويتصرّف على حسابه (كما يقال). فيسوع، كبداية حياته، هو نبيٌّ ملكوت الله الآتي، هكذا نظروا إليه !

هناك أيضا أمرٌ مهمّ يكشفُ أن يسوعَ كان على مسار الأنبياء. يقولُ يسوع عن أورشليم، في متى 27 : “أورشليم أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها. ….” . لقد توقّع يسوعُ، أن يموتَ رجمًا بالحجارة وليس بالصليب (أي توقّع ميتة دينيّة وليست سياسية !) . إذن، توقع يسوع الناصريّ أن يموت كالنبيّ ارميا رجما، ولم يتوقع الصلب. اعتقد يسوع أن ” زمن السيف ” سيعقب موته ( لوقا 22 : 35 )، وأن التلاميذ سيشاركونه آلامه ( مرقس 14 / 27)، بل ستكون آلامه بداية آلام ومخاض جماعيّة. لكن هذا لم يحدث، ويسوع لم يُرجَم مثل اسطفانوس ( أع 7 : 54)، لكنه صُلب على يد الرومان.

الحادثة النبويّة التي قام بها يسوع تجاه الهيكل، عندما طردَ منه الباعة والصيارفة ( مرقس 11 : 15 – 16). إنّ موقف يسوع هذا هو حكمٌ على الهيكل، مثلما عمل النبيّ إرميا يوم قال للشعب :” لا تتكلوا على الكذب قائلين : هيكل الربّ .. هيكل الربّ، أفصارَ هذا البيت الذي دعي باسمي مغارة لصوص؟” فيسوع إذن هو على مثال الأنبياء القدامى، يحكمُ على الشعب من خلال حكمه على الهيكل.

لكن، سوف لن يكتفي كاتبوا الأناجيل بصورة النبيّ على يسوع (على الرغم أنه كان فعلا نبيّا !)، لكنّهم سوف يرون فيه ما هو أكثرُ من نبيّ، سيرون وجه يسوع الحقيقيّ. سيرونَ فيه، من بعد القيامة، إنه رجلٌ حرّ، محيّر، مختلف، مميّز، تصرّفاته جعلت الجميع في حيرة كبيرة، وقسمًا قالوا عنه ” لقد جُن!”. سيرونَ ويكتشفون أنه لا يمكنهم السيطرة َ عليه. سيدركون أنه النبيّ الممسوح من الله، ولهذا سيتركُ التلاميذ لاحقا لقبَ النبيّ لحساب لقب ” المسيح”، لان الخبرة الفصحيّة علّمتهم أنّ لقب النبيّ ضيّق لا يشملُ كلّ جوانب شخصيّة معلّمهم. زد على ذلك، ما ستؤول إليه آلامه وصلبه من زيادة على مفهوم النبوءة. سيرون أنّ في كلامه وأفعال الغريبة لهم، أنّ هذا الشخص لا يكفي أن يقالَ عنه مجرد نبيّ ! ، فتصرّفاته مع الله ودعوته ” أبي”، جعلت الجميع في حيرة ٍ وبأنّ هناك غصّة في حلقهم! مشاعره تجاه الآب، وكلامه عنه، وتغييره لمفهوم الشريعة، كلّ هذه الأمور جعلتْ التلاميذ يدورون 180 درجة في فهمهم هويّة يسوع، والقيامة هي المقياس الأكبر في تغيير نظرتهم.

ليسوعَ أكثر أسماء وألقاب كثيرة: منها النبيّ، النجّار، ابن يوسف ومريم، الجليليّ، ابن المبارك، ابن داود، الربّ، السيّد، المعلّم، المسيح، النبيّ، ابن الإنسان، المخلّص، المسيح الحيّ، الابن، الكلمة، ابن الله، الطريق، الحياة، القيامة، الراعي الصالح …. الخ هذه الألقاب والأسماء ليست إعتباطيّة أتت من لا شيء، بل جاءت ثمرة شهادات إيمانيّة عاشوها الرسل وكشفوها في سرّ شخص يسوع الكبير.
عدي توما
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).