كلام رئيس الجمهورية خلال خطاب الاستقلال الاول عن “ان الارض ليست سلعة للبيع” وضرورة الحفاظ عليها وعدم بيعها، واضح وصريح وموجه الى المسيحيين والدروز، من رجل يعرف معنى التهديد الذي يعتري مسار الشركة والعيش المشترك الواحد في حال خسارة هذين المكونين التاريخيين لعامل الارض او الديموغرافيا العقارية في مناطق جبل لبنان، وتالياً في كل المناطق شمالاً وجنوباً وبقاعاً، ويضاف الى ذلك الفقرة التي خصصت للكلام على تنمية المناطق الحدودية والاهتمام بها.
ليس من قبيل كشف الأسرار الكلام على رعاية عون لنشاط “حركة الارض” ومواكبتها في حركتها للتصدي لعمليات بيع الاراضي المشبوهة عندما كان زعيماً لـ”التيار الوطني الحر”، في موازاة رؤساء احزاب اخرى بادر أحدهم الى التفوه بكلام بذيء عندما لفته وفد “حركة الارض” الى عملية انتقال ملكية ضخمة جداً تجري في منطقة أعالي المتن التي تعني هذا الزعيم تماماً سياسيا وانتخابياً. ولعون دور كبير لا ينساه كل من ساهم في عملية استرجاع تلة الوروار في منطقة بعبدا ممن اشتراها، عندما بادر الى التواصل مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله طالباً منه التدخل لحل المشكلة واعادة ملكية الوروار الى المسيحيين، حرصاً على العيش المشترك في المنطقة. وهذا ما كان. وكذلك فعل عون عندما تدخل في البقاع والشمال لإنقاذ عشرات العقارات واسترجاعها الى ملكية المسيحيين. وكلام رئيس الجمهورية على الارض يستدعي من وزراء “التيار” ونوابه وكل الوزراء المعنيين بحفظ العيش الواحد، العمل على إقرار قانون واضح يمنع انتقال الملكيات العقارية التي قد تتسبب بتهديد العيش المشترك واثارة النعرات وانشاء مناطق مذهبية وطائفية خالصة، أو بكلام آخر إقامة غيتوات مغلقة، الامر الذي تم التصدي له بقوة خلال عهد حكومة الرئيس تمام سلام من خلال وقف مشروع رفع عامل الاستثمار في منطقة الدبية – الدلهمية عند ساحل الشوف استجابة لطلب الاهالي وغالبية اعضاء بلدية الدبية الشوفية.
وفي انتظار تشكيل الحكومة العتيدة وصدور موقف منها عن الكثير من الامور العالقة، تستعد “حركة الارض” لعقد مؤتمر اقليمي ثان لها عن التصدي لبيع أراضي المسيحيين في منطقة البقاع، وذلك في مدينة زحلة لجمع جهد رؤساء البلديات والمخاتير في البقاع لمواجهة هذه الظاهرة التي تتهدد العيش المشترك في بلدات عدة لجهة القضاء على الحضور المتنوع فيها وتغيير نمط العيش، لمصلحة الاحادية والمذهبية الواحدة. وتقسم “حركة الارض” نشاطها في البقاع الى قسمين، الاول يمتد من زحلة الى البقاع الغربي والاوسط والشرقي، والثاني يشمل منطقة البقاع الشمالي، أي دير الاحمر والقاع ومحيطهما، مع تعدد المشكلات التي تواجه كلا من المنطقتين. والهدف هو أن يكون المؤتمر منصة لتبادل المعلومات وتنسيق الجهد للتصدي لهذه الآفة المرضية التي تضرب الحضور المسيحي بدرجات عدة.
وهذا المؤتمر البقاعي الاقليمي ليس الاول لـ”حركة الارض”، بل سبقه مؤتمر اقليمي اول خصص لمنطقة الساحل الشمالي لقضاء زغرتا – الزاوية، وعقد في دير مار يعقوب في كرمسدة برعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، حيث ناقش المؤتمرون من رؤساء بلديات ومختارين وناشطين ما يمكن تسميته تغيير أنماط الاجتماع في تلك البلدات، لجهة شراء الاراضي من المسيحيين، اضافة الى وضع اليد على عقارات كثيرة من دون اي مسوغ قانوني، كما يجري في علما (بلدة الوزير جان عبيد) والفوار (قرب زغرتا) وغيرهما، والتي وصفها احدهم بأنها “خطوط تماس نائمة” على أمل الا تصحو يوماً ما، وعندها يكون قد فات الاوان.
بيار عطاالله
النهار