في تاريخ 5/4/3 تشرين الثاني انعقد مؤتمر حول تسريع الاعمال بمبادرة من مصرف لبنان وقد شارك فيه زميل ستيف جوبز في اطلاق شركة أبل Apple التي اصبحت اليوم، قياسًا بالقيمة السوقية، الشركة الكبرى في العالم.
شارك في المؤتمر، محاضرًا ومحفزًا، طوني فاضل وهو مخترع من اصل لبناني ساهم في تطوير الـIpad والـIphone، كما أسس شركة Nest Labs، أي عش الاختبار، وهذه الشركة بيعت منذ وقت قريب لاحدى الشركات العملاقة في مجال التقنيات المعلوماتية بـ3,2 مليارات دولار.
اضافة الى مشاركته محاضراً مميزاً في اليوم الاول للمؤتمر، كتب طوني فاضل مقالاً قدّم فيه الامكانات اللبنانية للانصهار في العصر الالكتروني، وبداية عبر عن تفاؤله بالكلمات الآتية: “لقد لفتني أمران اثنان.
اولاً: أحرز لبنان تقدمًا كبيرًا في ارساء الاسس اللازمة لازدهار الاعمال منذ آخر زيارة لي عام 1998، بما في ذلك عبر تشييد مبان جديدة وانشاء مناطق تجارية، كما بادر مصرف لبنان من خلال التعميم 331 الى اعتماد قواعد تتيح للمؤسسات المالية استثمار حصة أكبر من رساميلها في الشركات الناشئة وتغطية تكاليف حاضنات الاعمال للمساهمة في ظهور شركات جديدة.
ثانياً: لمست انه لا تزال في موطن اجدادي، لبنان، أشواط كبيرة ليقطعها قبل ان يستعيد مكانته العالمية ليس كمركز تجاري فقط، بل كقوة اقتصادية رقمية وتكنولوجية”.
في مقابلة تلفزيونية لاحقة للمؤتمر عبر طوني فاضل عن نيته المشاركة في دعم مشاريع تكنولوجية رقمية في لبنان، والتعميم 331 أدى الى التزام المصارف توفير 400 مليون دولار قد ترتفع الى 600 مليون دولار اوائل السنة المقبلة للمشاريع والشركات الجديدة التي تنشأ للعمل في نطاق المعلوماتية وبرامجها. وقد أبرز أحد المصارف الناشطة في حقل تمويل المعلوماتية انه قد خصص حتى تاريخه 92 مليون دولار لدعم الشركات الجديدة المنبثقة من السعي الى الابتكار في مجالات البرمجة وتطبيقها. ولا شك في ان المصارف كانت من المؤسسات التي ادخلت البرامج الالكترونية المتطورة ليس فقط لضبط الحسابات وحركة بطاقات الائتمان، بل ايضًا لضبط محاولات تبييض الاموال وما شاكل. ووجب على المصارف اعتماد البرامج المتطورة التي وضعتها دائرة المعلوماتية في مصرف لبنان والتي اصبحت تضم 60 خبيراً.
في المقابل الصورة المشجعة نجد انتقادًا بالغ الخطورة بالنسبة لخدمات الانترنت ادرجه طوني فاضل في التوصيات التي يقترحها للحكومة كأول بند.
يقول: “فلنواجه الامر، الانترنت في لبنان سيئ الى أقصى الحدود. بحسب اختبارات سرعة الانترنت في العالم Worldwide Internet Speed Tests يصنف لبنان في المرتبة 172 من أصل 198 بلداً مع بلوغ معدل سرعة الانترنت 3.52 ميغابايت في الثانية. وتظهر اختبارات أخرى ان السرعة لا تتعدى 1,6 ميغابايت في الثانية، مع العلم ان الاتصال بشبكة الانترنت يعتبر بنية تحتية أساسية لتأسيس أي أعمال حديثة في الزمن الراهن. من دون اتصال سهل وموثوق به وزهيد الكلفة بشبكة الانترنت لا تستطيع فرق العمل التواصل في ما بينها وليس بإمكان الاعمال والشركات التواصل مع العملاء. الركائز المطلوبة للبنى التحتية في مجالات الكهرباء والكابلات والالياف والتكنولوجيا اللاسلكية بسيطة ولكن يتعين على الحكومة اتخاذ خطوات فعالة وعاجلة كي تنطلق البلاد بالزخم المطلوب وتسيير الامور كما يجب”.
“اطمئنوا، يضيف طوني فاضل، هذه ليست مسالة تكنولوجية. يمكن تأمين الانترنت السريع في غضون اشهر قليلة من خلال الاتصال اللاسلكي بالشبكة”…
نتوقف هنا عند كلام طوني فاضل لان الممارسة التي يتحدث عنها باشرها تقني ربط شبكات الانترنت بخدمات لاسلكية في تركيا تحول دون استفادة لبنان منها.
الوزير بطرس حرب يؤكد منذ توليه وزارة الاتصالات يؤكد قرب توافر خدمات الانترنت على افضل وجه، وحتى تاريخه لا تزال الخدمات سيئة كما اكد طوني فاضل، والاسوأ ان الخدمات تنقطع عن مناطق مختلفة ساعات وهنالك من يؤكدون ان الانقطاع يعود الى انشغال آلاف المشتركين بالخدمات الت تقدمها شركة اسمها Virtual Internet Services Provider تربط مستخدمي الانترنت بمركز تخابر لاسلكي في شمال تركيا مربوط بأربعة مراكز في لبنان.
المشتركون اللبنانيون لا يدركون انهم يستخدمون خدمات شركة OffShore مسجلة في دبي وحساباتها غير مدققة ومعروفة في لبنان. وصاحب الشركة يبدو ان هويته غير معروفة حتى لدى رئيس لجنة الاتصالات النيابية، الذي هو ضليع في الخطابة من غير ان يكون صاحب معارف في تقنيات الاتصالات الحديثة.
لقد كانت حصيلة استخدام الانترنت عام 2012 أكثر من 578 مليون دولار، وتدنت عام 2013 الى 154 مليون دولار، أي ان النقص تجاوز 424 مليون دولار، وهذا النقص لا يمكن تفسيره بخفض رسوم استعمال الانترنت.
هنالك أيضاً ما يدعو الى التساؤل. فهيئة الاتصالات الـOgero تمنعت عن بيع خطوط انترنت خلال السنوات المنقضية ما بين 2012 و2015 سنوات اضمحلال عائدات الانترنت وهنا يطرح السؤال على عبد المنعم يوسف اضافة الى وزير الاتصالات ورئيس لجنة الاتصالات النيابية.
على صعيد آخر، تحدث الوزير بطرس حرب مرارًا عن شبكة الالياف البصرية والتي ستفسح في مجال ربطها بهواتف الجيل الثالث G3 وان هذه العملية ستخفض التكاليف وستسرع الاتصالات، وأن الشكوى من تقطع الاتصالات وسوء الصوت على الهاتف الخلوي ستزول.
شبكة الالياف البصرية التي رسم نطاقها ومنافعها الوزير شربل نحاس تحققت أعمال وضعها قيد الاستعمال في عهد الوزير بطرس حرب.
هذه الشبكة المفترض انها الاكثر حداثة تخدم حاليًا 3480 مشتركاً وهي مخصصة للمصارف وشركات التأمين ودوائر الدولة، واشتراك كل خط يبلغ 1500 دولار، وعلى سبيل المثال، أي مصرف لديه 80 فرعاً يود تواصلها بسرعة وفاعلية عليه تخصيص 120 الف دولار لحيازة الخدمة.
ادخل لبنان خدمات الهاتف الخلوي منذ اواخر عام 1993، أي قبل 23 سنة، ومذذاك تطورت خدمات الهاتف الخلوي في جميع بلدان المنطقة اكثر منها في لبنان. والواقع ان شركتين عربيتين، شركة ساويرس الذي ادخل الهاتف الخلوي الى مصر، وشركة زين الكويتية تناوبتا على التعاقد لتقديم خدمات الهاتف الخلوي في لبنان سنوات، ولم نحقق انجاز شركة اختصاصية في لبنان، علماً بان عائلة الحريري تملك شبكة أوسع من الشبكة اللبنانية في تركيا، ولديهما شبكة في جنوب أفريقيا، وعائلة الميقاتي التي كانت مبادرتها في هذا الحقل شريكة في شركة عملاقة في جنوب افريقيا، وقبرص، وسوريا، وهنالك غيرهما ممن انجزوا شبكات في ارمينيا، وجزيرة خرج في ايران، والسودان، كما هنالك شركات متعددة للخدمات الهاتفية الخلوية في بلدان افريقية انجزها لبنانيون، ونبقى ساكتين عن تردي الخدمات وارتفاع التكاليف!
مروان اسكندر
النهار