تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: نحتفل اليوم بالأحد الثالث من زمن المجيء والذي يتميّز بدعوة القديس بولس: “إِفرَحوا في الرَّبِّ دائِمًا، أُكرِّرُ القَولَ: افرَحوا. لِيُعرَفْ حِلمُكم عِندَ جَميعِ النَّاس. إِنَّ الرَّبَّ قَريب” (فيل 4، 4- 5). ليس فرحًا سطحيًّا أو عاطفيًّا صرف وإنما هو فرح حقيقي، إنه فرح يلمس عمق كياننا فيما ننتظر الذي جاء ليحمل الخلاص للعالم، المسيح المُنتظر الذي ولد في بيت لحم من العذراء مريم. تقدّم لنا ليتورجيّة الكلمة الإطار الملائم لنفهم ونعيش هذا الفرح. يتحدّث أشعيا عن بَرِّيَّة وقَفر وباديَة، ويرى أمامه أَيدِيَ مُستَرخِيَة وركَبَ واهِنَة وقُلوب فزِعة، عميان وصم وبكم. إنه إطار حالة يأس ومصير حتميٍّ بدون الله.
تابع البابا فرنسيس يقول ولكن وفي النهاية تمَّ إعلان الخلاص: “تَقَوَّوا لا تَخافوا هُوَذا إلهُكم … هو يَأتي ويُخَلِّصُنا”. وعلى الفور يتحوّل كل شيء: تُزهر البريّة ويملأ الفرح والعزاء القلوب. هذه العلامات التي أعلنها أشعيا كدلائل للخلاص الحاضر تتحقق بيسوع، الذي يؤكِّدها من خلال إجابته على التلاميذ الذين أرسلهم يوحنا المعمدان: “العُميانُ يُبصِرون والعُرجُ يَمشونَ مَشيًا سَوِيًّا، البُرصُ يَبرَأُون والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومون” (متى 11، 5). ليست مُجرّد كلمات وإنما هي وقائع تُظهر كيف أن الخلاص الذي حمله يسوع يمسك الكائن البشريّ بكامله ويخلقه مجدّدًا. فالله قد دخل التاريخ ليحرّرنا من عبودية الخطيئة ووضع مسكنه في وسطنا ليقاسمنا حياتنا ويشفي آفاتنا ويضمّد جراحانا ويعطينا الحياة الجديدة.
أضاف الأب الأقدس يقول نحن مدعوون لنسمح أن يشملنا شعور الابتهاج هذا الذي يحملنا على السير قدمًا ويعطينا الشجاعة. فالرب يأتي إلى حياتنا كمحرّر، يأتي ليحرّرنا من جميع العبوديات الداخليّة والخارجيّة؛ وهو الذي يدلّنا على درب الأمانة والصبر والمثابرة لكي يكون فرحنا كاملاً لدى عودته. إن الميلاد قريب وعلامات اقترابه واضحة في طرقاتنا وبيوتنا وفي الساحة هنا أيضًا إذ وُضعت المغارة وبقربها الشجرة، تدعونا هذه العلامات الخارجيّة لقبول الرب الذي يأتي على الدوام ويقرع على بابنا ويدعونا لنرى خطواته بين خطوات الإخوة الذين يمرّون بقربنا لاسيما الأشدَّ ضعفًا والمعوزين.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول نحن مدعوون اليوم لنفرح من أجل مجيء فادينا القريب، ولنشارك هذا الفرح مع الآخرين ونمنح العزاء والرجاء للفقراء والمرضى والأشخاص الوحيدين والحزانى. لتساعدنا العذراء مريم “أمة الرب” كي نصغي إلى صوت الله في الصلاة ونخدمه بشفقة في الإخوة لكي نصل جاهزين إلى الميلاد وقلوبنا مستعدّة لقبول يسوع.
وبعد الصلاة حيا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقال يومًا بعد يوم أكون أقرب بالصلاة من أهل حلب. لا ينبغي علينا أن ننسى أن حلب هي مدينة وفيها أناس أيضًا: عائلات وأطفال ومسنون ومرضى… لكننا للأسف قد اعتدنا على الحرب والدمار وإنما لا ينبغي علينا أن ننسى أبدًا أن سوريا هي بلد مليء بالتاريخ والثقافة والإيمان، وبالتالي لا يمكننا أن نقبل بأن يتمّ إنكار هذا الأمر من قبل الحرب التي ليست إلا تراكُم تعسُّفات وزور. لذلك أوجّه نداء في سبيل التزام الجميع كي يتمّ اختيار الحضارة: لا للدمار! نعم للسلام ونعم لأهل حلب وسوريا.
أضاف الحبر الأعظم يقول نصلّي أيضًا من أجل ضحايا بعض الاعتداءات الإرهابيّة التي ضربت خلال الساعات الأخيرة بلدان عديدة. تختلف الأماكن ولكن وللأسف واحد هو العنف الذي يزرع الموت والدمار، وواحد أيضًا هو الجواب: الإيمان بالله والوحدة في القيم الإنسانية والمدنيّة. وبالتالي أريد أن أعبّر عن قربي بشكل خاص من الأخ العزيز البابا تواضرس الثاني وجماعته بالصلاة من أجل الموتى والجرحى.
تابع البابا فرنسيس يقول اليوم في فينتيان في لاوس يتمّ إعلان تطويب ماريو بورزاغا كاهن من مرسلي خدام مريم سلطانة الحبل بلا دنس وباولو تهوي كسيوي علماني وأستاذ تعليم مسيحي وأربعة عشر رفيقًا لهم قُتلوا بسبب إيمانهم. لتكن أمانتهم البطوليّة للمسيح تشجيعًا ومثالاً للمرسلين ولاسيما لأساتذة التعليم المسيحي الذين، وفي أراضي الرسالة، يقومون بعمل رسولي ثمين، تشكرهم عليه الكنيسة بأسرها.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | البابا فرنسيس: لتساعدنا العذراء مريم لكي نصل إلى الميلاد وقلوبنا مستعدّة لقبول يسوع