تطبيقاً لتوصيات “الاستعراض الدوري الشامل” الذي يصدر سنويا عقب الاجتماع الذي يعقده “مجلس حقوق الانسان” التابع للأمم المتحدة في جنيف، وتحضره 193 دولة ترفع خلاله كل دولة تقريرا عن تطبيقها اتفاقات المعاهدات الدولية الموقعة عليها، والتزاما لاتفاق مناهضة التعذيب التي وقعها لبنان عام 2008، وتوصيات مؤتمر باريس للأمم المتحدة الذي أوصى بإنشاء هيئات وطنية لحقوق الانسان، أقرّ لبنان القانون 62 تاريخ 3/11/2016، القاضي بإنشاء “الهيئة الوطنية لحقوق الانسان” متضمنة “لجنة الوقاية من التعذيب”.
وأتت هذه الخطوة المهمة ثمرة اجتماعات ولقاءات تنسيقية عقدها رئيس “لجنة حقوق الانسان” النائب ميشال موسى والنائب غسان مخيبر مع عدد من هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المعنية بشؤون التعذيب، مثل مركز “ريستارت”، و”المفكرة القانونية”، وجمعيتي “ألف” و”كفى”، والمجلس النسائي الديموقراطي، بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان في لبنان، رفعا بنتيجتها مشروع القانون الى مجلس النواب الذي أقره خلال جلسات تشريع الضرورة بعد مروره عبر لجنتي حقوق الانسان والادارة والعدل.
وأكد موسى لـ”النهار” انه “بهذه الخطوة يؤكد لبنان التزامه المواثيق والأعراف الدولية التي تتعلق بقضايا حقوق الانسان، وتشمل مهمة هذه الهيئة صلاحيات عدة مثل الزيارات المفاجئة للسجون وأماكن الاعتقال والتوقيف وغيرها، وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الاداري والمالي، كما يتمتع أعضاؤها بحصانة تضمن استقلالية مهمتم”.
مهمتها وصلاحياتها
بحسب القانون، “تعمل الهيئة على حماية حقوق الانسان وتعزيزها في لبنان وفق المعايير الواردة في الدستور اللبناني والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقات والمعاهدات الدولية في هذا الشأن، ولها أن تتواصل في شكل مستقل مع الهيئات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الانسان”. وتناط بها مهمات عدة أبرزها: رصد مدى تقيد لبنان بحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ووضع التقارير الخاصة أو الدورية في شأنها، والمساهمة المستقلة في التقارير المتوجبة على الدولة اللبنانية، وإبداء الرأي في كل ما تستشار به من المراجع المختصة لناحية احترام حقوق الانسان، كما لها من تلقاء نفسها إبداء الرأي في جميع التشريعات والمراسيم والقرارات والسياسات المتبعة في هذا الخصوص، إضافة الى تلقي الشكاوى والاخبارات التي تردها والمتعلقة بانتهاكات حقوق الانسان، والمساهمة في معالجتها من طريق المفاوضة والوساطة أو المقاضاة، وفي رصد هذه الانتهاكات وتوثيقها طيلة فترات النزاع المسلح، والمتابعة بكل الوسائل المتاحة لوضع حد للإفلات من العقاب، إضافة الى نشر ثقافة حقوق الإنسان وتحفيز تنفيذ برامج التربية عليها وتطويرها، وإعداد الدراسات وتنظيم المؤتمرات والدورات التدريبية في هذا المجال، لمختلف الهيئات الرسمية والخاصة ولا سيما القوى الأمنية.
من ناحيتها، تعمل “لجنة الوقاية من التعذيب” ضمن الهيئة، وفق أحكام هذا القانون ووفقا لالتزامات لبنان بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاانسانية والمهينة، وتتولى بموجب هذا البروتوكول مهمات آلية الوقاية الوطنية، وذلك لحماية حقوق الأشخاص المحتجزين والمحرومين حريتهم، وتتمتع بالشخصية القانونية المستقلة في كل ما يتعلق بالتعذيب والوقاية منه. ومن أماكن حرمان الحرية: السجون وأماكن التوقيف والمخافر ومؤسسات الاحداث والمستشفيات والمصحات النفسية وغيرها، ولها الصلاحية المطلقة في زيارة هذه الاماكن والقيام بزيارات دورية او مفاجئة في اي وقت، وإجراء مقابلات جماعية او خاصة او على انفراد مع من تشاء من الاشخاص المحرومين حريتهم، واجراء اي فحص او كشف طبي عليهم.
وبغية تمكينها من القيام بمهماتها، للجنة الحق في الحصول على اي معلومات من الجهات المعنية، وهي غير ملزمة تسليم اي معلومات لأي جهة كانت إلا اذا وجدت أن في ذلك مصلحة لحماية حقوق الأشخاص المحرومين الحرية، وتكون الملفات والمعلومات المتعلقة باللجنة سرية، ولا يمكن الكشف عنها إلا بقرار من اللجنة. وتؤكد المادة 27 من القانون إلزامية تعاون السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات كافة مع اللجنة، وتسهيل عملها بهدف مساعدتها في اتمام مهماتها.
تتشكل الهيئة من 10 اعضاء يكون 5 منهم اعضاء في لجنة الوقاية من التعذيب، يعينون جميعا بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، لمدة 6 سنوات غير قابلة للتجديد، تقترحهم الهيئات التالية: مجلس القضاء الأعلى، نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، نقابتا الاطباء في بيروت وطرابلس، مجلس العمداء في الجامعة اللبنانية، نقابتا الصحافة والمحررين، و3 اعضاء من الناشطين في حقوق الانسان تسميهم اللجنة النيابية من ترشيحات مقدمة من منظمات المجتمع المدني. وتتمتع بالاستقلال الاداري والمالي، وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة اللاحقة، وتتكون ايراداتها من الاعتمادات المرصدة لها في الموازنة ومن التبرعات والهبات واي دعم مالي من جهات محلية او دولية او اي موارد اخرى، شرط ألا تكون مقيدة بما لا يتوافق مع استقلاليتها، وأن تراعي القوانين المرعية.
مي عبود أبي عقل
النهار