شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | التحوّلات الفنية المعاصرة في بطرسبورغ – روسيا نزار ضاهر يلقي الضوء الباهر على الفن الروسي الزاهر
التحوّلات الفنية المعاصرة في بطرسبورغ – روسيا نزار ضاهر يلقي الضوء الباهر على الفن الروسي الزاهر
التحوّلات الفنية المعاصرة في بطرسبورغ - روسيا نزار ضاهر يلقي الضوء الباهر على الفن الروسي الزاهر

التحوّلات الفنية المعاصرة في بطرسبورغ – روسيا نزار ضاهر يلقي الضوء الباهر على الفن الروسي الزاهر

لا يعرف جمهورنا المهتم بأمور الفن سوى القليل عن التحولات الحاصلة في الفن الروسي المعاصر، خلال الفترة الواقعة بين عامي 1990 و2010. وتنحسر هذه المعرفة إلى حدودها الدنيا حين يتعلّق الأمر بفئة كبيرة من الجمهور العادي، الذي يتتبع أخبار الفن من بعيد، بعدما اختلط عليه الأمر في زمن صار لقب “فنان” يُطلق جزافاً، هنا وهناك، على العاملين في مجالات لا تمت بصلة إلى الفن التشكيلي، ومن دون مقاييس أو معايير. كتاب “التحولات الفنية المعاصرة في بطرسبورغ – روسيا” للفنان والباحث والأستاذ الجامعي نزار ضاهر يلقي ضوءاً على هذا الفنّ.

هذا الأمر المتعلّق بالضعف الحاصل في الثقافة الفنية عموماً، حتى في صفوف بعض العاملين في نطاق التشكيل، لم يكن في إمكاننا تجنّب ذكره نظراً إلى ما نعانيه في هذا المجال، مما يؤكّد ضرورة الأبحاث الآيلة إلى إلقاء الضوء على التجارب القائمة في أماكن عديدة من العالم. في سبيل تعويض هذا النقص، يحاول نزار ضاهر في كتابه عن التحولات الفنية المعاصرة في مدينة بطرسبورغ بروسيا إيفاء الموضوع بعضاً من حقّه، وفي جانبه المتعلّق بالمدينة التي اعتُبرت دوماً كإحدى المدن الأكثر “أوروبية” بين مدن روسيا، وهي التي بنى الكثير من عماراتها العريقة مهندسون أوروبيون كان بطرس الأكبر ومَن خلفه على العرش استقدموهم لهذا الغرض، خلال القرن الثامن عشر.
موضوع الكتاب شيّق من دون شك، فالمدينة التي ضمًت، في بدايات القرن العشرين، مجموعة من الفنانين أمثال ماليفيتش وفيلونوف ورودشنكو، ممّن كان لهم دور أساسي في إطلاق تجارب الفن الطليعي الروسي، اضطر بعض فنانيها، خلال المرحلة الستالينية وما تلاها، إلى “مسايرة” الإتجاه الفني الذي فرضته الإيديولوجيا خلال ما يقرب من 70 عاماً، ضمن ما يُسمّى الواقعية الإشتراكية، في حين انزوى الباقون، وهاجر بعضهم إلى الغرب ليساهموا بشكل فاعل في تطوّير تيارات الحداثة الفنية. أنجزت خلال تلك الفترة أعمال لا غبار على تقنياتها، لكن موضوعاتها لم تخرج على الإطار الذي شجّعته السلطات، التي لم تبخل على صانعيها بالمساعدات المادية، كما يشير ضاهر في كتابه. هذا الواقع تغيّر بدءاً من النصف الثاني من ثمانينات القرن المنصرم، وكان أحد مظاهره إقامة معرض “فنون العشرينات والثلاثينات” في المتحف الروسي بمدينة بطرسبورغ (1989)، حيث خرجت إلى العلن، للمرة الأولى، أعمال لفنانين طليعيين كانت مخبأة لفترة طويلة، عكست إرهاصات الفن الروسي خلال بداية القرن الماضي.
وكما هي الحال في أكثر من مكان، يفيد ضاهر في كتابه أن الفن الروسي المعاصر يضمّ تيارين متباينين: الأول هو تيار الفن البصري، الذي يعرفه جيداً المشاهد الأوروبي، والذي يتجلّى في مظاهره كافة، كالتجهيز والتصميمات الفنية المتنوعة، مع ما يحمله هذا التيّار من طابع كوسموبوليتي. أما الثاني فهو التيار الروسي المعاصر الذي التزم، بدرجات متفاوتة، تقاليد القرنين التاسع عشر والعشرين في محافظته على تقاليد فنيّة معروفة. ويبدو أن هذا التيّار هو الأوسع انتشاراً، نظراً إلى ما تتمتع به أعمال الفنانين الروس من مهارة تقنية عالية مستندة إلى تربية أكاديمية عريقة، ونظراً، أيضاً، إلى طبيعة المتلقي الروسي الذي يعرف الفن الكلاسيكي جيداً، ويُعجب به. هذا الإنقسام انسحب كذلك على النقّاد في روسيا، كما يذكر نزار ضاهر، فمنهم مَن يشدّد على الفن التقليدي، في حين يتعاطف آخرون مع مظاهر “ما بعد الحداثة”، وهؤلاء هم الأكثر عدداً، كما يبدو، ويتمتعون بـ”أصوات عالية”، مما يحمل على الإعتقاد أنهم أقرب إلى الخطباء منهم إلى النقّاد. في هذا الإطار يستشهد ضاهر بعبارة لأحمد يوسف تقول: “إنه لمن الغريب أن يحاول بعض النقاد الجدال حول تحديد مدى الجرأة الفنية بكونها مقتصرة على تجارب تجري حول مظهر الشكل والتشكيل… حتى لو بلغ ذلك التضحية بكل أثر قديم… وحتى لو أدى ذلك إلى عزل الفنون عن الحياة”.
إلى ذلك، ثمة كلام في الكتاب عن سوق الفن في روسيا، ووصف للمراكز الفنية في بطرسبورغ، إضافة إلى الدور الذي يلعبه إتحاد الفنانين (أكبر الإتحادات الفنية في روسيا)، وصولاً إلى الحديث عن معرض “بلا حدود”، الذي اعتبر من أكبر المعارض التي استطاعت أن تغطّي النشاط الفني بين 1985 و2000، مع ما تضمنته هذه الفترة من متغيرات وهزّات وكوارث ومحاولات الهدم، التي تعبّر عنها في شكل مؤثر عبارة الأديب تشاداييف في القرن التاسع عشر: “إن تاريخ روسيا يتشكّل ليس من طريق الثورة، وإنما من طريق التهديم والهزّات والكوارث”.
ينبغي أن نذكر، نهاية، أن نزار ضاهر استطاع أن يحيط جيداً بالوضع الفني القائم في المدينة التي كان تابع دراسته فيها، أي بطرسبورغ، خلال ثمانينات القرن الماضي، وفي أكاديمية الفنون العريقة التي تخرّج فيها معظم الفنانين العاملين في مجال التشكيل، ونضيف أيضاً أن كتابه، الذي أصدرته الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، جاء بطباعة أنيقة، ومرفداً بصور لأعمال فنية كثيرة ومعبّرة عن الموضوع المعالج.

■ فنان وناقد وأستاذ جامعي
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).