تحقيق – لينا يونس
تتنوع حضارة الشعوب وثقافتها بين الامم وبلدانها بتعدد ابداعاتها وتنوعها… وقد انتشرت الحضارات وإبداعاتها عن طريق البشر والحجر وكان نصيب لبنان بالحجر والبشر على السواء…
من منا لا يذكر جوهرة مسارح بيروت “قصر البيكاديللي”، فهو اسم لطالما ارتبط بوجداننا وذاكرتنا وذاكرة آبائنا وأجدادنا، وحنيننا الى ايام الزمن الجميل من عز ومجد مدينة بيروت، حيث صدح المسرح بصوت فيروز الملائكي واعمال الاخوين رحباني وعمالقة الفن اللبناني والعربي والعالمي، فتميزت بيروت كعاصمة للثقافة والفن في الشرق وفق ما جاء في اغنية فيروز “وطني يا حكاية… بالعز مضواية” و “السهرة عا بابك اغلى من سني.. وبحبك يا لبنان يا وطني بحبك”.
حكاية البيكادللي بدأت في الستينيات، حيث احتضن اهم وارقى الاعمال المسرحية للاخوين رحباني وفيروز، منها “هالة والملك” “صح النوم”، “ميس الريم”، “لولو”، “بترا”، “ناس من ورق”، “يعيش يعيش” و “المحطة”. كما عرض احدث الافلام الاجنبية والعربية، واستضاف المسرح الفرق الفنية العالمية مثل “باليه البولشوي” و”الكوميدي فرانسيز” و”رويال باليه”. كما غنت على هذا المسرح الفنانة داليدا وقدم عادل امام على خشبته “مدرسة المشاغبين” و”شاهد ما شافش حاجة”.
وقد شهد هذا المسرح ظروفا قاسية خلال الحرب الاهلية في لبنان حيث اضطر الى اغلاق ابوابه امام جمهوره بين الحين والاخر، وكان يتصدى للصعوبات ويفتح ابوابه مجددا، الى ان تعرض الى حريق هائل في آب عام 2000، ما ادى الى توقفه عن العمل حتى اليوم. إلا ان بادرة امل اطلقها مؤخرا وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري حيث قام بزيارة تفقدية الى قصر البيكاديللي في منطقة الحمرا، في خطوة ايجابية جدا لاعادة الامل بافتتاح هذا الصرح التاريخي، الذي لا يمكن فصله عن ذاكرة وحنين اللبنانيين والعرب عن صوت فيروز والعمالقة الاخرين.
وزير الثقافة
“الوكالة الوطنية للاعلام” كان لها لقاء خاص مع وزير الثقافة لمعرفة المزيد من التفاصيل، ونية الوزارة المساهمة في اعادة الحياة لقصر البيكادللي، ولماذا هو بالذات، قال الخوري: “اولا ان قصر البيكاديللي مرتبط بذاكرة اللبنانيين، فهو قصر الفرح وأهم عمالقة الفن ان كانوا لبنانيين او عربا او اجانب، قدموا اعمالهم على مسرحه، وبيروت محرومة حاليا من مسرح حقيقي يكون فيه اطلالات لفنانين من هذا المستوى، نحن اذا أردنا اعادة افتتاح هذا المسرح لاننا نريد اعادة مجد بيروت الثقافي، ومجد بيروت الثقافي يكون عبر احياء هذا المسرح التاريخي، بزيه وحلته كما كان وبنفس مستوى الفنانين الذين كانوا يزورنه ليعودوا مجددا”.
وردا على سؤال، إذا كان هناك خطة مبرمجة لهذا الغرض، قال: “نعم هناك خطة موضوعة الان في عهدة هيئة ضمان الودائع، والتواصل مستمر مع الهيئة لاعادة ترميم هذا المسرح بالشراكة بين وزارة الثقافة والهيئة، ونحن نتولى الادارة الثقافية وهذا الموضوع الان هو قيد الدرس وان شاء الله قريبا يبصر النور ونبدأ به”.
وسئل عن مدى تفاؤله بافتتاح قريب لقصر البيكاديللي أمام جمهوره الذي طالما انتظر ذلك، قال: “سننجز العقود خلال اسابيع، ومن ثم سنطلق حملة لاعادة احياء قصر البيكاديللي وحفلة تبرع لاننا نحب ان يشارك جميع اللبنانيين في إعادة احياء هذا المسرح، وطبعا سنحتاج الى اشهر ليكون المسرح حاضرا لاستقبال الضيوف”. وأمل ان “يتم العمل بشكل سريع”.
وسألته الوكالة: هل ستكون السيدة فيروز حاضرة خاصة انها كانت أيقونة مسرح البيكاديللي؟
أجاب: “هذا صحيح، والسيدة فيروز مرحب بها في اي لحظة، وهذا الامر في عهدتها، وكلنا يتمنى ان تعود لاحياء المسرحيات التي عودتنا عليها”.
الاشهر القليلة المقبلة كفيلة بتحقيق آمال جميع اللبنانيين بعودة الحياة الى مسرح قصر البيكاديللي بهمة ومبادرة وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري الذي سلط الضوء مجددا على معلم ثقافي كمسرح البيكاديللي لتعود بيروت الى عزها ومجدها الثقافي المميز بين محيطها ….. فلننتظر ونتفاءل.
وطنية