الليلة، تنطلق الدورة الرابعة من «مهرجان طرابلس للأفلام»، تحتلها صورة ابن المدينة، السينمائي التسعيني جورج نصر. «أب السينما اللبنانية» الذي أخذ الفن السابع المحلي إلى «كان» مرتين، سيحضر من خلال إقامة عروض لأبرز أعماله، وتوقيع كتاب عنه. مروحة واسعة من الأفلام تشارك في الحدث الذي يقام في أماكن متفرقة من عاصمة الشمال، معيداً إياها إلى عصرها الذهبي
يطلّ السينمائي اللبناني جورج نصر (1927) في نهاية الإعلان الترويجي لـ «مهرجان طرابلس للأفلام» (27 نيسان/ابريل -4 أيار/مايو )، لدعوة الناس إلى المشاركة في فعالياته التي تنطلق اليوم. هكذا، اختارت الدورة الرابعة من المهرجان أن تتصدّر واجهتها صورة «أب السينما اللبنانية» الذي كان أحد الشهود الأساسيين على بدايات الفن السابع المحلي، وأحد صانعيه أيضاً.
في عزّ «مصرنة» السينما اللبنانية مع المخرج محمد سلمان في الخمسينيات والستينيات، جهد نصر لتقديم سينما محلية خالصة وكان أول مَن وضع السينما اللبنانية على الخارطة العالمية. هكذا، ستستعاد أبرز أفلامه أيضاً، بعدما كان ضيف شرف عليه في السنوات الثلاث الماضية. ويتزامن هذا التكريم مع مرور ستين عاماً على اختيار فيلمه «الى أين؟» (1957) رسمياً في «مهرجان كان السينمائي الدولي». مع تصدّر شخصية بحجم نصر واجهة الدورة، سيبدأ القائمون على المهرجان، بإرساء هذا التقليد سنوياً، على أن ترفع الدورة المقبلة صورة المخرجة الراحلة (ابنة طرابلس أيضاً) رندا الشهال (1953-2008).
45 فيلماً اختيرت من بين 400 عمل، آتية من 30 دولة من القارتين الأوروبية والأميركية وآسيا. اختيرت للمشاركة في مسابقة المهرجان، التي تتوزع بين الوثائقي والروائي القصير، على أن يتولّى المخرج فيليب عرقتنجي رئاسة لجنة التحكيم بعضوية كل من الممثلة جوليا قصّار، والمخرج هادي زكّاك، والناقد السينمائي المصري أحمد شوقي، والمنتج سام لحود. وكان من المفترض أن يحل السينمائي المصري الراحل محمد خان (1942 ـــ 2016)، مكرّماً وعضواً تحكيمياً في اللجنة، إلا أنّ رحيل صاحب «زوجة رجل مهم» حال دون تحقيق هذه الأمنية. أما فعالية المسابقة، فسيحتضنها «مقرّ الرابطة الثقافية» في طرابلس، على أن يقام الاحتفال الختامي في «مركز العزم الثقافي- بيت الفن الميناء».
«المنتدى المتخصص» الذي يفعّل للمرة الثانية على التوالي في المهرجان، سيجمع خريجين شباب مع مخرجين مخضرمين، على مدى يومين، لفتح نقاشات حول المهنة، من ضمنها إشكالية الإنتاج السينمائي في لبنان، وفرص التمويل المتاحة. تترافق هذه النقاشات مع ورش عمل ستجمع أصحاب الاختصاص بهؤلاء الشباب. في السنوات الماضية، شاهدنا ثمرة هذا المنتدى من خلال ولادة أفلام قصيرة شبابية، وصل بعضها الى المنابر العالمية.
طرابلس تحاول اليوم استعادة دورها الريادي على الصعيد الثقافي من خلال أنشطتها الفنية والسينمائية، هي التي تحوي 29 صالة سينمائية مقفلة. ها هي تجهد من خلال هذا المهرجان لاستعادة هذا البريق ولو سنوياً، واقتحام الأماكن المهمشة هناك، من خلال عرض للأفلام في نقاط تماس سابقة، كما حصل العام الماضي في «باب التبانة». وهذا العام، ستحتضن منطقة «القبّة» عروضاً للأفلام في الهواء الطلق، وتستقطب بالتأكيد سكان المنطقة، وتلقى تفاعلاً لافتاً.
وفي هذه الدورة، ستكّرم الممثلة المصرية هنا شيحة، التي ستكون حاضرة في المهرجان الشمالي، إلى جانب عرض الفيلم اللبناني «فيلم كتير كبير» للمخرج ميرجان بو شعيا، الذي توّج بالعديد من الجوائز في المهرجانات العربية والعالمية. وسيحضر فريق العمل العرض، على أن يفتح بعده باب للنقاش مع الجمهور.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، حرص القائمون على «مهرجان الأفلام في طرابلس»، على تخصيص حيّز لافت للأفلام التسجيلية التي تحاكي الراهن، من قضايا المرأة الى الشباب. وهذه السنة، ستكون قضية اللجوء محور العروض، مع تقديم سلسلة أفلام تسجيلية قصيرة (7 أفلام) لمخرجين لبنانيين وغير لبنانيين تدور حول ضمن تيمة «لاجئون ونزاعات» في «غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس». ولن يقتصر الحديث عن اللجوء على السوريين فقط، بل سيطال جنسيات أخرى عانت من هذه المأساة، من بينها فيلم عراقي يتحدث عن اللجوء المزدوج للعراقيين الى سوريا، وللسوريين الى العراق.
رئيس المهرجان ومؤسسه الياس خلاط، يشدد في حديث مع «الأخبار»، على أهمية هذا المهرجان في تأسيس ما اسماه «ثقافة السينما» في طرابلس، مع ازدياد ارتياد أهل هذه المدينة وحتى من المدن اللبنانية الأخرى، عروض الحدث، وتموضع الأخير على «الساحة اللبنانية والعربية»، مع اهتمام لافت من قبل الصحافة العربية بهذه الفعالية على حدّ تعبيره.
زينب حاوي
الأخبار