ترأس راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران كميل زيدان قداسا احتفاليا لمناسبة عيد الطوباوي يعقوب الكبوشي، في باحة الضريح في دير الصليب – جل الديب، بمعاونة لفيف من الكهنة ومشاركة السفير البابوي غبرييللي كاتشا، الرئيسة العامة لراهبات الصليب الأم جانيت أبي عبدالله، رئيسة المستشفى الأم أرزة الجميل، رئيس بلدية جل الديب ريمون عطية وحشد من راهبات الصليب والمؤمنين.
بعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى زيدان عظة من وحي المناسبة سأل فيها “من هو الأعظم في ملكوت السموات”، وقال:”يجمعنا الليلة أبونا يعقوب لنحتفل معا بهذه الذبيحة الإلهية ونصلي معا ملتمسين بشفاعته أن يفيض بركاته على هذا المكان وعلى زائريه وعلى جميع العاملين فيه، وبنوع خاص نحمل الليلة بصلواتنا كل المرضى والمتألمين الذين يخدمون في هذا المكان”.
اضاف:”كلمة أبونا يعقوب “ما في محبة … ما في نجاح…” تذكرنا أنه من دون المحبة لا دخول لملكوت السماوات، ومن دون “الله بيدبر” ما في دخول لملكوت السماوات، كلمتان مأثورتان عن أبونا يعقوب”.
وتابع:”إنجيل هذا اليوم بالذات، الذي يبدأ بهذا السؤال “من هو الأعظم في ملكوت السموات؟” يذكرنا جميعا بهاتين العبارتين “ما في محبة … ما في نجاح…” و”الله بيدبر”، ماذا فعل يسوع؟ لم يعطنا الرب يسوع نظريات فلسفية حول ملكوت الله، أعطانا صورة بسيطة:أخذ طفل ووضعه في الوسط وقال:”إن لم تعودوا مثل هذا الطفل لن تدخلوا ملكوت السموات”.
وسأل:”وما فضيلة الطفل؟” ليجيب:”فضيلة الطفل إستسلامه لأهله، لمن يحبونه، يستسلم لهم لأنه كله ثقة بأن أبواه لن يؤذياه إذا كانا فعلا أبوين صالحين، ولذلك يستسلم لهما”.
وأشار الى أن “العظيم في ملكوت السموات هو الذي يتعاطى مع الله كما يتعاطى الطفل مع أبويه. يستسلم لعناية الرب ويقبل منه ما يريد أن يعطيه إياه ولذلك عندما علمنا الرب يسوع أن نصلي مذا قال لنا؟ “لتكن مشيئتك”، لافتا الى ان “هذا الإستسلام لعناية الرب مبني على المحبة، المحبة التي تبدأ بمبادلة الله المحبة، وهو كما يردد لنا القديس يوحنا في رسالته الأولى:”الله أحبنا أولا وينتظر منا أن نبادله هذا الحب”.
وأضاف زيدان “إذا دخلنا بهذه العلاقة مع الله، مبادلة الحب، الثقة، لا نستطيع أن نبقى دون انطلاق إلى الآخرين كي نعبر عن هذه المحبة، وهذا ما فعله أبونا يعقوب. إمتلأ من روح الله، اكتشف محبة الله، وثق به، ألله بيدبر وأحب. وبنوع خاص أحب المريض، أحب الذين قست عليهم الحياة، أحب التعبين ومتقدمي السن، أحب المرضى، وأحب أن يكون في وجه يسوع. يسوع الشافي، يسوع المؤاسي، يسوع المحب ويسوع المخلص”.
وعن المناسبة الثانية، قال زيدان “الذكرى المئوية للمجاعة في لبنان، وقد خسر الجبل ثلث سكانه، خاصة في سنة 1917، كانت الأقسى في الحرب العالمية الأولى، وخسر الجبل ثلث سكانه، وبنوع خاص المسيحيين. الأب يعقوب كان من الذين عملوا على إغاثة الكثيرين، كان من الذين عملوا على الإهتمام بالأولاد والأطفال، عمل على فتح المدارس لتعليمهم، عندما كان مجتمعنا الذي أنهكته الحرب، أماتته الحرب، سعى ليساعد الجميع على النهوض”.
وتابع:”لذلك، نحن نحتفل بعيد أبونا يعقوب، يجب أن نتذكر تاريخنا، والمآسي التي عشناها في هذا البلد، لا ننساها. الذاكرة أمر مهم، أقول أمر مقدس، يجب أن نتذكر النعم التي أعطانا إياها الله والتجارب التي مررنا بها كي نتذكر اليوم، وبنوع خاص في عصر البحبوحة وبالرغم من كل التحديات والصعوبات التي نواجه، أن آباء وأمهات لنا عاشوا الجوع، أقرباء لنا عاشوا الموت، لنذكرهم هذه الليلة، كثيرون منهم ماتوا جوعا بسبب إيمانهم، فقط لأنهم مسيحيون اشتد الحصار عليهم وقضوا جوعا”.
وختم:”أحبائي، الأعظم في ملكوت السموات هو من يحب، هو من يعطي، هو من يعطي حتى ذاته وحتى النهاية، بذل الذات كاملة. لذلك نصلي الليلة ونحن نحتفل بعيد أبونا يعقوب، نصلي طالبين شفاعته، طالبين من الرب أن يبارك الراهبات، هذه الجمعية التي أسسها وهي استمرار لخدمته، للمحبة التي شهد لها وللاتكال على العناية الذي عاشه أبونا يعقوب. نصلي من أجل مجتمعنا، من أجل المسيحيين الذين في هذه المنطقة يستشهدون اليوم أيضا بسبب إيمانهم. نصلي من أجل الجلدين والقتلة كي يلمس الله قلوبهم ويغير قلبهم الحجري الحاقد القاتل فيعود قلبا بشريا فيه شيء من روح الله. نصلي شاكرين الرب على كل نعمة طالبين منه أن يجعلنا أهلا لدخول ملكوته بالمحبة والتواضع والثقة به”.
وطنية