لمناسبة الاحتفال بعيد القديس أغناطيوس دي لويولا مؤسس الرهبنة اليسوعية والذي يُحتفل به في كل عام في الحادي والثلاثين من تموز يوليو أجرى القسم الإسباني في إذاعة الفاتيكان مقابلة مع الرئيس العام للرهبنة اليسوعية الأب أرتورو سوزا الذي ترأس قداساً احتفالياً للمناسبة في “كنيسة يسوع” بروما عند الساعة السابعة من مساء أمس الاثنين. تطرق سوزا في حديثه لإذاعتنا إلى أهم التحديات التي تواجهها الرهبنة اليسوعية اليوم والتي أبصرت النور برغبة من القديس أغناطيوس دي لويولا في القرن السادس عشر وبالتحديد في العام 1534.
تحدث سوزا عن ضرورة أن يتفهّم الجميع الإسهام الذي تقدمه هذه الرهبنة في إطار رسالة المصالحة التي تقوم بها الكنيسة الكاثوليكية، والتي تشمل ثلاثة أبعاد: المصالحة مع الله والمصالحة بين البشر أنفسهم والمصالحة مع الخلق والتي هي جزء من المصالحة مع الرب. وقال إن الرهبنة تسعى إلى مقاسمة هذه الرسالة التي أُسندت إلى الكنيسة، واليسوعيون هم جزء من الكنيسة. وقال إن هذا التعاون لديه ركيزة أساسية وهي الإيمان: هذا الإيمان التي يتأتى من اللقاء مع الرب ومن اختبار الله. ولفت إلى أن الرب شاء أن يلاقينا بمبادرة منه، وجعلنا نختبر رحمته ومحبته. ولهذا السبب يتعين علينا أن نضع ثقتنا الكاملة به وانطلاقا من هذا الإيمان نستطيع أن نساهم في رسالة المسيح.
وأوضح أرتورو سوزا أن الرب يسوع كشف لنا الآب وجعلنا نتعرف عليه وهذا الله حاضر اليوم ويعمل في التاريخ البشري وما يزال في وسطنا. واعتبر أن التحدي الأكبر بالنسبة لكل مؤمن مسيحي، وبالنسبة للرهبنة اليسوعية بنوع خاص، يتمثل في التمييز والتعرف على المكان الذي يعمل فيه الله في هذه المرحلة بالذات من تاريخ البشرية وكيف يعمل كي نكون فعلاً أداةً بين يديه وكي نساهم في عمله.
وتابع الرئيس العام للرهبنة اليسوعية حديثه للقسم الإسباني في راديو الفاتيكان مؤكدا أن اختبار الله، الذي يشكل أساساً لإيماننا، يحررنا، وهذه الحرية تحملنا على رؤية الرب يسوع في “صلبان” عالمنا المعاصر، مدركين أن بلوغ المصالحة يصبح مستحيلا في ظل غياب العدالة الاجتماعية، لأن العدالة الاجتماعية شرط أساسي من أجل توفير حياة لائقة وحرة، هذه الحياة التي يحتاج إليها جميع الأشخاص والشعوب.
وقال سوزا إن الإسهام في تحقيق المصالحة بكل أبعادها يضعنا أمام تحدي تعلّم الحوار، لاسيما الحوار ما بين الأديان والثقافات. وأكد أن هذه هي الأولويات بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، وبالنسبة للرهبنة اليسوعية على وجه الخصوص، لافتاً إلى أن الرهبنة هي اليوم جسم متعدد الثقافات وهذا الأمر يساعدها على تنمية هذه الخبرة: أي خبرة التنوع الداخلي وأن تكون مرآة للبشرية برمتها. واعتبر سوزا أنه عندما نقر ونعترف بالتنوع الثقافي نستطيع السير قدماً باتجاه وحدة الجنس البشري.
وفي سياق حديثه عن الحوار ما بين الأديان قال أرتورو سوزا إن هذا الحوار بالغ الأهمية لأنه يُفسح المجال أمام مختلف الديانات كي تقدّم إسهامها في عملية المصالحة وسط أعضاء العائلة البشرية. ورأى أن الديانات يمكن أن تلعب دوراً هاماً على هذا الصعيد، مشيراً في الوقت نفسه إلى خطر جعل الله جزءاً من الصراعات القائمة، في وقت يدعونا فيه الله ـ وفي كل المذاهب الدينية ـ لأن نكون أخوة وأخوات. وثمة تحد كبير مطروح أمامنا على هذا الصعيد.
وتحدث الرئيس العام لليسوعيين عن تحد آخر يتمثل في جعل الرهبنة اليسوعية تتأقلم مع زماننا المعاصر كي تصير الرهبنة قادرة على تحقيق أهدافها ومواجهة التحديات بطريقة أنجع. وقال إن أعضاء الرهبنة يمكن أن يقدموا شهادة على علاقات الأخوة التي يعيشونها مشيراً إلى أن المحبة التي يكنونها للرب تحملهم على تعزيز علاقات الأخوة فيما بينهم وتوحدهم وتساعدهم على تخطي الاختلافات القائمة بين الأفراد.
إذاعة الفاتيكان