شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | دور الأب في بناء شخصيّة أبنائه
دور الأب في بناء شخصيّة أبنائه
العائلة

دور الأب في بناء شخصيّة أبنائه

شجّعت التقاليدُ المتوارثة عبر الأجيال كلَّ والدٍ على تأدية دور الدركي في البيت. هو يُراقب، ويُصدر الأوامر، ويُرهب الأولاد، حتّى إنّ الوالدة حين تيأس «من عدم سماعِهم الكلمة» تُخيفهم بالوالد، وتُهدّدهم بالإجراءات التي سيتّخذها بحقّهم.تاريخياً لطالما تَركّزَ عملُ الوالد الأساسي خارج المنزل. هو المعيلُ الذي يَجلب المال للأسرة، بينما مهمّة التربية ومتابعة الأبناء تقع على الأم. تَطوُّرُ الذهنيات بدأ يُحوّل دورَ الوالد من «دركي» إلى مُحِبّ ومهتمّ، لا سيّما في أوساط الآباء ذات التحصيل العلمي العالي.

وتدعم هذا التطوّر العديدُ من الدراسات حول أهمّيةِ تواجدِ الأب إلى جانب الأبناء. ولكن، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ التوازنَ في تقسيم الأدوار المنزلية والتربوية بين الأبِ والأمِ لازال بعيدَ التحقّق.

كيف يتصرّف الأب؟

يؤكّد بعضُ الخبراء أنّ الآباءَ يتصرّفون بشكل منطقي؛ مثلاً، عندما يَشعر الطفلُ بالبرد وهو نائم، يضع والدُه بطانيةً عليه ويذهب، وغالباً ما لا يُدرك الوالد أهمّيةَ تواجدِه إلى جانب الطفل.

مع الفتاة الصغيرة

للوالد دورٌ مهمّ في حياة طفلته، بفِعل عقدة أوديب. هذه العقدة تَدفعها منذ بلوغها الـ18 شهراً إلى الجلوس على رجلي والدها، وأخذِ نظّارته لتضعها على عينيها… هي تحتاج لوجوده ليجيبَها بوضوح عن كلّ الأسئلة ذات الطابع الجنسي التي تخطر في بالها وحول الفَرقِ بين الجنسين لتَحظى بأمانٍ عاطفيٍّ كافٍ، وتُحدّد هويتَها الجنسية فيما بعد.

إلى جانب الصبي

بدوره، عندما يبلغ الصبي الصغير سنّ الثالثة يميل إلى تقليد والده الذي يشكل مثله الصالح. يريد أن يفعل مثله في كل المواقف. عندما يعرض عليه الوالدُ الذهابَ لشراء الجريدة سوياً، أو يعلّمه ركوبَ الدراجة الهوائية الصغيرة… وعندما يرى الطفلُ والدَه وهو يشوي اللحم خلال عطلة نهاية الأسبوع… يكتسب شيئاً فشيئاً هويّته كرجل. وينطلق الصبي الصغير إلى مستقبل أفضل بعد أن يشفي عقدةَ أوديب بحنان والدته الحاضرة إلى جانبه ويرتوي من مثال أبيه الحاضر في حياته.

معالمُ المستقبل

تذهب دراسةٌ هولنديةٌ حديثة إلى أبعد من ذلك لتثبتَ أهمية تواجد الوالد إلى جانب الأبناء وأوّلية دوره في التربية. تنبّه الدراسةُ من أنّ بقاءَ الآباء لساعات في العمل بعد الظهر وليلاً قد يزيد الأبناءَ كسلاً. فلطالما اعتقد الأهلُ أنّ مثابرة الأبناء في المدرسة تحدّد مدى نجاحهم في العمل والحياة حين يكبرون.

ولكن، بحسب هذه الدراسة إنّ علاقة الآباء بالأبناء هي التي تحدّد مدى نجاحهم في المستقبل. وتكشف الدراسة أنّ الأبناء الذين يحظون بعلاقاتٍ حارّة مع الآباء يتمتعون بأخلاقياتٍ أعلى من غيرهم في العمل مستقبلاً، ويعبّرون عن نشاط وإيجابية مهنيّة وتميّز. وكلما كان الأبناءُ أقرب من الوالد كلما كانت مبادِئهم المهنية أقوى.

وبحسب الدراسة لا يحمل الآباء أبناءَهم إلى حبّ العمل إن أدمنوا هم تمضية الوقت في المكتب بل يمكن أن يغرسوا في أولادهم قيَمَ التطوّر المهني، إن خصّصوا الوقت خلال الأمسيات وعطلة نهائية الأسبوع للحوار مع الأبناء وإقامة النشاطات سويّاً ما يعلّمهم الكثير.

تعويضُ الوقت

صحيحٌ أنّ كسبَ العيش ليس مهمّةً سهلةً بالنسبة للكثيرين. وقد يضطر الآباء إلى العمل خلال دوامين في عملين مختلفين حتّى يتمكّنوا من إعالة عائلاتهم ما يحتّم عليهم العمل لساعاتٍ إضافية.

ولكن، يشير الخبراء إلى إمكانية تعويض الآباء الوقت بالجلوس مع الأبناء في أوقات الفراغ المتوفّرة وخصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويمكن أن يسعى الآباءُ إلى توزيع الوقت بين العمل والبيت وحتّى «سرقة» الوقت لمنحِه لعائلاتهم. حتّى قراءة الوالد للكتب أو للجريدة في المساء، يمكن أن يمارسَها إلى جانب الطفل الذي يغفو بدل الجلوس في الصالون.

ذلك، يرتدّ بالمنفعة على علاقته بالطفل ويزيد من التفاعل بينهما. أمّا مبادرة الوالد إلى حمل صغاره، تغيير حفاضاتهم، اللعب معهم وحتّى إطعامهم عوامل تساهم في نسج العلاقات بينه وبينهم منذ الأشهر الأولى من حياتهم.

سابين الحاج
الجمهورية

عن ucip_Admin