دخلت شجرة التفاح اللبنانية واستطراداً موسم التفاح العكاري، عصر الإستغاثة أو ما يمكن تسميته «عصر الإنحطاط» بعدما كانت هذه الشجرة قبل سنوات، تُعتبر لدى الكثيرين «الذهب الأحمر» الذي يعيل آلاف العائلات.أهم 4 مواسم زراعية يعتمد عليها أبناء عكار وتشكل بالنسبة إليهم دخلاً أساساً هي: التفاح، الزيتون، الحمضيات والتنباك. كلّ هذه المواسم تعاني اليوم وأصحابها يصرخون، لا تصريف، لا أسعار ولا اهتمام أو دعم من الدولة.
التفاح العكاري
يُعدّ التفاح العكاري من الأنواع المفضلة ذات الجودة العالية والمذاق الطيب. ويزرع في العديد من البلدات، وبشكل أساسي في فنيدق، مشمش، القبيات وعكار العتيقة. ويشار إلى أنّ فنيدق وحدها تنتج ثلث التفاح اللبناني.
بدأت أزمة تصريف التفاح تستفحل قبل نحو 5 سنوات تقريباً ورافقها تدنّي الأسعار بشكل كبير، وبلغت ذروتها في السنتين الماضيتين. فالتفاح اللبناني يحتاج إلى التصريف الخارجي المتعثّر بسبب انسداد الخطوط التصريفية في الأسواق الخارجية خصوصاً الخليجية وعدم وجود برّادات، إضافةً إلى ارتفاع كلفة الإنتاج ودخول التفاح المستورد المنافس.
عند كل بداية موسم تفاح، يدخل المزارع العكاري في سجال طويل مع الألم والأمل واليأس والرجاء. مشاعر متناقضة تخالجه في الوقت نفسه. فهذا الموسم بالنسبة إليه هو الأمل مع اقتراب المدارس وفصل الشتاء، وعينه على تصريف الإنتاج وأين سيكون وهل سيكون؟
يشرح عدد من المزارعين كيف «أنّ التفاح العكاري كان مقصد التجار من كل المناطق اللبنانية والخارج، وكيف كان يتمّ شراءُ المحصول وهو لا يزال في شجره. اليوم تغيّرت الأحوال، والأزمة أثّرت في كل شيء وتدنّي الأسعار إلى ما دون الكلفة جعل حبّات التفاح تتساقط من على شجرها إلى الأرض أو اضطرت المزارع للبيع بأقل من سعر الكلفة بنحو 300 ل. ل للكيلو الواحد في حال وُجد مَن يشتري».
وفي محاولة للإحاطة بالأزمة، تداعت فاعليات فنيدق ومزارعوها وتمّ تشكيل لجنة لمتابعة الأمر مع المزارعين في المناطق الأخرى ومع المعنيين في الدولة من أجل الوصول إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذُه من هذا الموسم حيث انتصف شهر أيلول ولا يزال الموسم في انتظار الفرج ودعم الدولة.
البعريني: لتحرُّكٍ شعبي واسع
رئيس بلدية فنيدق أحمد عبدو البعريني الناشط هذه الأيام على خط الحلّ، أوضح في حديث لـ«الجمهورية» أنّ «موسم التفاح في فنيدق يعتمد عليه السكان بشكل أساسي وتنتج فنيدق وحدها ثلث إنتاج التفاح في لبنان. للأسف هذا الإنتاج مهدَّد كل سنة بالمشكلات وفي طليعتها غياب التصريف وتدنّي الأسعار».
وأضاف: «ننذر المسؤولين في الدولة اللبنانية، إذا لم يتمّ العمل بأقصى سرعة على إنقاذ الموسم من الضياع، فإننا وبالتعاون مع كل الفاعليات والمزارعين في المناطق التي تنتج التفاح، في صدد التحضير لتحرّكٍ شعبي احتجاجي واسع في الأيام المقبلة».
خطةٌ إنقاذية
وفي انتظار الحلّ الموعود وبعد اجتماعٍ لمسؤولين من فنيدق مع وزير الزراعة غازي زعيتر تناول ثمار التفاح، ولم يؤتِ ثماره بعد، يقول رئيس جمعية «جيل الأمل» وصاحب بستان تفاح في فنيدق لـ«الجمهورية» إنّ «معاناة مزارعي التفاح وكذلك الموسم ومشكلاته هي نفسها تتكرّر كل سنة.
ما يحتاجه موسم التفاح في لبنان عموماً وفي عكار خصوصاً، دعم الدولة عبر سياسة إنقاذيّة كاملة متكاملة وإستباقية في الوقت نفسه، بحيث تأخذ في الاعتبار تأمين مجالات التصريف من جهة وحاجة السوق المحلّي من جهة ثانية، مع مراعاة عدم الإستيراد طالما هناك إنتاج يكفي السوق المحلّي. هذا موسم أساسي لآلاف المزارعين وفي بلدتنا بشكل أساسي وبالتالي ضياع الموسم يؤدّي إلى ضياع هذه العائلات التي لا ذنب لها سوى أنها متمسّكة بأرضها وزراعتها ومواسمها».
في المحصّلة، هذه هي حال موسم التفاح في عكار وفي فنيدق الأكثر إنتاجاً واعتماداً عليه، وإذا لم توضع خطة إنقاذية للموسم هذه السنة فسيكون مصيره كبقية المواسم، فيما المواطن هو المتضرّر الأكبر.
مايز عبيد
الجمهورية