أطلقت الرابطة الثقافية، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالنائب سمير الجسر، معرض الكتاب الرابع والاربعين في قاعة معارض معرض رشيد كرامي الدولي.
اقيم بالمناسبة حفل خطابي في باحة المعرض الخارجية حضره إلى النائب الجسر الدكتور عبد الإله ميقاتي ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي ممثلا بالدكتور مصطفى الحلوة، رفلي دياب ممثلا رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، قائد سرية درك طرابلس العقيد عبد الناصر غمراوي، رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري، الرئيس السابق للمحاكم الشرعية رئيس مكارم أخلاق الميناء الشيخ ناصر الصالح ورئيس مجلس أمناء جامعة الجنان الدكتور سالم يكن وحشد شعبي.
بداية النشيد الوطني، ثم كلمة لنوري الصوفي اشار فيهاإلى “استمرار المعرض حتى في أصعب أيام المدينة”.
بعده ألقى رئيس الرابطة الثقافية رامز الفري كلمة أشار فيها إلى “أن المعرض غلبة للقرطاس والقلم وأنه حدث سنوي مهم في إطار الحياة العامة في طرابلس والشمال وان هذه التظاهرة الثقافية باوجه عديدة اقتصادية وثقافية، وان الرابطة ثابتة على إنجاح هذه الظاهرة وتؤكد إيمانها بجلال الكلمة قدوة للجميع في فتح أبواب الثقافة امام الناس “.
الجسر
ثم ألقى الجسر كلمة استهلها بالقول: “يسعدني أن ألتقي بكم في هذه الأمسية المباركة ممثلا لراعي الإحتفال الرئيس سعد الحريري الذي يقرؤكم السلام فردا فردا ويؤكد عهده ووعده لكم بأن طرابلس التي هي في موقع قلبه ستبقى كذلك وستنال من إهتمامه ومن مشاريع التنمية التي يسعى لها أكثر من أي وقت مضى… كما أنقل تحيات الرئيس سعد الحريري الى الرابطة الثقافية رئيسا وإدارة ومنتسبين، هذه الرابطة التي لعبت ولا تزال دورا ثقافيا مهما في تاريخ المدينة، إضافة الى دورها الوطني الكبير وبخاصة في فترات الحرب الأهلية، حيث كانت الحاضنة للتجمع الوطني للعمل الاجتماعي الذي رعى مصالح المدينة وأهلها يوم غابت الدولة عن ذلك بفعل الحرب.
اضاف : “إن معرض الكتاب، هذا (44) التي دأبت إدارة الرابطة على التمسك بإحيائه حتى أبان فترة الحرب الأهلية بما حملت من صعوبات ومشقات، إنما يعكس عزيمة أهل الرابطة وإدارتها على الخيار الثقافي نهجا للحياة في هذه المدينة التي إتهمت وإتهم أهلها زورا بالتطرف”.
أيها الأخوة،
لقد سبق لي في احتفالية العام المنصرم أن كشفت عن واقع القراءة والكتاب في العالم العربي ولبنان وبينت ضحالة القراءة قياسا على ما هي عليه بالأرقام.. كما بينت هزالة إصدارات الكتب في العالم العربي.
ولقد عمدت الى مراجعات في هذا الشأن علي أجد بعض التقدم فأصبت بخيبة أمل لأن الأرقام لا تزال هي هي تقريبا نفسها فكل (80) شخصا من العالم العربي يقرأ كتابا واحدا في السنة، في المقابل يقرأ المواطن الأوروبي نحو (35) كتابا والمواطن الإسرائيلي (40) كتابا في السنة. وجاء في تقرير “مؤسسة الفكر العربي” أن العربي يقرأ بمعدل (6) دقائق سنويا بينما يقرأ الأوروبي بمعدل (200) ساعة سنويا.. وقد لفتني أن الأرقام بين دراسة وأخرى في العالم العربي تتفاوت لأن بعض الدراسات تبني إحصائياتها على الكتب الثقافية فقط، في حين أن البعض الآخر أدخل قراءة الجرائد والمجلات والقرأن الكريم.. ولو أردنا ترجمة هذه الأرقام الى معادلة أخرى لوجدنا أن ما يقرأه الأوروبي في سنة يحتاج الى (2800) عربي لقراءته في نفس الوقت وما يقرأه الإسرائيلي في سنة يحتاج الى (3200) عربي لقراءته في سنة أيضا. واقع مؤلم نعم.. التعرف عليه واجب حتى نتمكن من العلاج”.
وتابع الجسر : “وإذا كان متوسط أوقات القراءة في لبنان متقدما عن بقية الدول العربية فالفضل يعود الى أمرين: مستوى الحريات في لبنان أولا والقراءة الإلكترونية ثانيا، وبخاصة تلك التي تنقلها وسائل التواصل الإجتماعي.. لكن ما يثير مخاوفي هو ما ينقل على وسائط التواصل الإجتماعي.. بدايةً أريد أن أقول أن التواصل هو أن يقوم الإنسان بالاتصال بالآخر بجو من الوئام والمحبة.. وإن ما تنقله وسائل التواصل الإجتماعي في هذا الزمن، وبخاصة في مواسم الانتخابات، هو تنابذ بكل ما للكلمة من معنى.. فبدلا من أن تكون وسائل التواصل الإجتماعي وسيلة لنقل ونشر القيم والمعلومات والمعرفة والكلام الطيب إذا بها وسيلة لنقل التهم والإفتراءات والتشهير”.
واردف الجسر : “أريد أن أضيف شيئا يتعلق بالترجمة.. وللتذكير فقط إن النهضة العربية الأولى قامت بدايةً على الترجمة، وكذلك النهضة العربية الثانية في منتصف القرن التاسع عشر قامت على الترجمة أيضا.. أما حال الترجمة في العالم العربي اليوم بحسب تقرير اليونسكو فهو هزيل للغاية.. وإن ما يترجم سنويا في العالم العربي مجتمعا يبلغ خمس ما يترجم في اليونان الصغيرة وحدها.. والحصيلة الكلية لما ترجم الى العربية منذ عصر الخليفة العباسي المأمون الى العصر الحالي تقارب (10000) كتاب وهذا العدد يساوي ما تترجمه اسبانيا في سنة واحدة.
وفي منتصف الثمانينات من القرن الماضي كان متوسط الكتب المترجمة في العالم العربي على مدى خمس سنوات (4.4) كتاب لكل مليون مواطن أي أقل من كتاب في السنة لكل مواطن عربي بينما بلغ متوسط الترجمة في هنغاريا (519) كتابا في السنة لكل مليون مواطن وفي اسبانيا (920) كتابا لكل مليون.
أرقام مأسوية تعكس حال الضعف والهوان في الأمة التي كانت في زمن ما قِبلة العلم والمعرفة.
ومع ذلك فأنا أؤكد أننا نستطيع أن نلحق بركب الحضارة والعلم والتقدم والثقافة، لكن علينا أن نأخذ بالأسباب.. وأضيف أن وسائل التكنولوجيا من شأنها تسهيل الوصول الى المعلومات والى مصادر العلم والثقافة بلمح البصر كما هي أيضا قد تكون وسيلة مهمة وسريعة لأعمال الترجمة.
إن الأمر يتطلب تفكر وتدبر وورش عمل تبحث فيها المشاكل وتوضع لها الحلول تتبعها محطات قياس لأثر التدابير وفعاليتها من أجل تصويب مستمر لمسيرة الثقافة.
لقد كنت تمنيت في العام الماضي على إدارة الرابطة أن تخصص ورشة عمل لهذا الأمر.. أتمنى لو تكون قد حصلت، على أن تستتبع بإنشاء أندية تساعد على تشجيع وتنمية القراءة بين الصفوف الناشئة.. وإن إعادة النظر بالمناهج التربوية أمر واجب بحيث تتضمن الزامية التشجيع على القراءة وعلى أن تكون علامات المكافأة على القراءة مضاعفة.
وقال الجسر : أيها السادة،
إننا على أبواب مؤتمر “سادر Cedre” الذي نعول عليه كثيرا لإعادة بناء وترميم البنى التحتية وتوسعتها.. وما رحلات الرئيس الحريري الأخيرة إلا لتأمين الاشتراك في هذا المؤتمر وحمل المؤتمرين على مساعدة لبنان.نعم إن الوضع الاقتصادي في لبنان مأزوم.. ولكننا جزء من منطقة مأزومة حتى في اقتصادها وكذلك جزء من عالم يعيش أزمات اقتصادية.. لكننا في مدرسة الرئيس سعد الحريري لا نلطم بل نعمل على الخروج من الأزمات ومداواة الجراح. لقد فقد لبنان منذ ثورات الربيع العربي الكثير من مداخيله وبخاصة تلك المتأتية عن السياحة وبشكل خاص السياح العربي نتيجة ما حصل من خطف على طريق المطار وفي مختلف المناطق اللبنانية، كما فقد لبنان مصدرا مهما من مداخيله وهي تلك المتأتية من التحويلات المالية للأبناء المنتشرين في كافة العالم بخاصة في دول التعاون الخليجي نتيجة اقتصادية الحرب التي يعيشها العالم العربي. وإن مشروع إعادة بناء البنى التحتية المتوزع على (250) مشروعا ممتد على كافة الأراضي اللبنانية من شأنه إذا ما تأمن له التمويل، وسيكون ذلك إن شاء الله، أن يعيد ضخ الأموال في السوق وتحريك عجلة الاقتصاد وفتح فرص العمل بالآلاف. وإني لأعجب من أولئك الذي يطلبون تأجيل المؤتمرات الى ما بعد الانتخابات النيابية في ظل الحكومة الجديدة.. وكأن العالم والدول الكبرى لا عمل لها سوى انتظارنا على هوانا.. ومتناسين أيضا أن الفرص لا تأتي مرتين وإن الحكم استمرار.
هذا هو منهج الرئيس سعد الحريري الذي شهد له كل الأفرقاء السياسيين كما الدول العظمى أنه يشكل عامل استقرار للبنان، والى الذين يتفننون في الإفتراءات ويتباهون بها نقول أن الوطن أغلى والوطن بحاجة للجميع.. فمن كانت له كلمة طيبة ومفيدة فليقلها أو فليقلع عن التجني لأنه لن يحصد سوى الخيبة.
وختم : ” علينا أن ننشر ثقافة التفاؤل ثقافة “ان بشِّروا ولا تنفروا” والله ولي الأمر والتوفيق. مبروك لكم معرضكم السنوي وعلى أمل ان نرى جديدا في كل عام كما عودتمونا نتمنى لكم المزيد من النجاح والتوفيق.
ثم قص الجسر الشريط التقليدي وجال والحضور في أنحاء المعرض.
وطنية