خلال التحضير للأعراس، يقع العروسان في حيرةٍ كبيرةٍ ناجمةٍ عن عادات إجتماعيّة مرتبطة بسرّ الزواج. فيتمّ اثقال “اليوم الكبير” بعاداتٍ اجتماعيّةٍ عديدة لا تمتّ إلى جوهر سرّ الزواج بصلة. من هنا فلنستعرض رأي القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ حول هذا الموضوع، خاصّةً أنّ الذهبيّ الفمّ عاش في عصره أوضاعًا مشابهةً جدًّا لعصرنا.
ادعوا المسيح إلى عرسكم!
يدعو القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفمّ في أحاديثٍ حول الزواج (الحديث الأوّل)، إلى دعوة المسيح إلى أعراسنا. كما فعل أهل قانا الجليل. إذ يعتبر أنّ المسيح يأتي إلى العرس ويجلب معه أجمل الهدايا وهي هدية تحويل الماء إلى خمر. ويمكننا أن نفهم أنّ الذهبيّ الفمّ يحثّ على ذلك لأنّ الخمر هو علامة الفرح وبالتالي يحمل المسيح معه الفرح إلى عرسنا. ويعتبر أنّ دعوة المسيح تتمّ بشكلٍ خاصّ عبر دعوة خدّام المسيح أي كهنته، ومن يفعل ذلك يكون: “استقبل المسيح ذاته في وسطه مع والدته وتلاميذه” بحسب قول الذهبي الفمّ.
ادعوا الفقراء إلى عرسكم!
يقول الذهبي الفمّ أيضًا: ادعوا الفقراء إلى عرسكم. ويقول: “أتخجلون من دعوة الفقراء؟ يا لها من مخالفة للمنطق رهيبة! عندما تدخلون الشيطان إلى بيوتكم لا تخجلون، ولكن عندما نقول لكم أن تدخلوا إليها المسيح، تجدون في هذا شيئًا مخجلاً! فعندما تدخلون الفقراء إلى منازلكم، إنّما تدخلون المسيح نفسه”. ويعتبر أنّ تعزية الفقراء تبعد عنّا الضربات وتساعدنا على الخروج من التعاسة إن كنّا غارقين فيها.
من هنا يقول: “تصوّروا ما يمكن أن يكونه دخول العروس إلى بيت عريسها عندما ترى نفسها حاملة بركة صلوات الفقراء. ألا نراها توازي كثيرًا من المجوهرات؟ وتفوق الغنى والمقتنيات؟ […] إنّ الفقراء الذين تعطونهم، يباركونكم، ويستمطرون لكم بصلواتهم كلّ أنواع النِعَم. أمّا الذين يملأوا أجوافهم من طعامكم وخمركم فهم يتقيّأونها على رأسكم بذاءات ورذائل ويتخاصمون فيما بينهم، بقبيح الكلام، حتّى كأنّهم يتنافسون فيمن يصبّ على الزوجين الألفاظ القبيحة، ويزيد في تخجيلهما وحيرتهما”.
ما أطلبه قاسيًا ولكن…
أخيرًا في معرض حديثه عن الزواج ودعوة الفقراء إلى العرس يقول القدّيس الذهبيّ الفمّ: “إنّي أعرف أنّ ما أطلبه منكم، سيظهر قاسيًا للكثيرين منكم. إنّه من الصعب التنكّر للعادات القديمة. هذا لا يهمّني كثيرًا، لأنّي لا أفتّش عن إرضائكم، وإنّما أفتّش عن خيركم، ولا ألتمس ثناءكم وولاءكم، وإنّما أبتغي كمالكم وخلاصكم”.
كما يقول هذا القدّيس الكبير: “لكن قد تقولون ما من أحدٍ في المدينة يتّبع هذه العادة! ماذا نعمل؟ ولكنكم أنت ستدخلونها، وستكونون أوّل من يتّبعها، وسيكون الخلف الذي يأتي بعدكم مَدينًا لكم على ادخالكم هذه العادة […] فإذا سَأَلَتْ الأجيال المقبلة بعضها بعضًا: من أدخل هذه العادة؟ فسيجيبون: إنّ فلانًا هو أوّل من أدخل هذه العادة الجميلة”.
إذاعة الفاتيكان