أوراق عمرنا تتساقط عن شجرة حياتنا سنة بعد سنة بل يوما بعد الْيَوْم.
إنه المصير الوحيد الذي ليس بيدنا أن نضبط إيقاعه ولا أن نوقف الريح التي تدفعه في اتجاهات لا نقدر أن نختارها لا بل وقد تُفرض علينا. إننا في مركب العمر سائرون وقدرُ هذا المركب أن يبحر ويبحر ويبحر في نهر هذه الحياة المتدفق بصخب إلى محيط الحياة الكبير الآتي.
شجرة عمرنا الجميلة لم تُزرع لتَيبس ولم تُخلق لتموت. إنها أبدية في الأساس ولكننا بخياراتنا اخترنا لها بيئة مائتة وريحاً مميتة وسماءً سوداء تخلو من النجوم.
أعياد ميلادنا عدّاد يجري وعقارب ساعة تنهار وعمر يذوب.
على ماذا يبارك لنا الناس ؟ على عمر نخسره وشباب يزول وشمس تغرب. هل ثمة من يفرح على خسارة وهل ثمة من يبتهج لموت ؟
أيامنا تمضي وسنونا تزول وأعيننا لا تزال شاخصة إلى الخلف منشغلة عن العمر الهارب إلى الأمام.
نعيش في خوف دائم ونتمسك بشباب نريده غير زائلٍ لأننا لم ندرك المحبة التي ” تنفي الخوف ” التي تريدنا أن نكبر بفرح وتوق إلى مصدر المحبة وجمال وجهه المنتظر في النهاية – البداية ليستعيد شجرة الحياة فينا وليصلحها وليغرسها مججداً حيث يليق بها في المكان الذي أُعد لها منذ إنشاء العالم.
من حفظ جذور شجرته في تربة الملكوت تزهر على ضفاف ماء المعمودية وترتوي من دموع أمطار التوبة يفهم هذا الكلام ويفرح في الخريف الحاصل دون توقف لأنه يحيا سرياً في الربيع الدائم الذي لن يكتمل إلا بعد أن تتساقط كل الأوراق ، هذا هو الحكيم المستنير الذي تخطى الخوف من النهاية ورأى فيها البداية التي لن تنتهي حيث الربيع الدائم المعد لأبناء الحياة منذ إنشاء العالم.
أعياد القديسين هي يوم رقادهم أو استشهادهم لأن كل فرح في العالم كان ناقصا على قلوبهم التي استنارت بالنعمة من نبع الفرح ونبع الحياة.
كل تعزية في أعياد ميلادنا هي مؤقتة لكننا نحتاجها لأن إنساننا ضعيف. نتشارك هذه الحياة لنتقوى علنا لا نتأثر بقوة الموج التي تضرب مراكبنا. جميعنا في العاصفة وجميعنا في الخريف الدائم وجميعنا يحتاج إلى صديق يهدئ من دوار الرحلة ويساعده للوصول إلى الربيع الدائم، صديق.………. ذاق المحبة وأحبها.
الأب ثاوذورس داود