تابع مؤتمر “هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط” الذي ينظمه “بيت المستقبل” بالتعاون مع “مركز ولفريد مارتن للدراسات الأوروبية” و”مركز القدس” ومجلس كنائس الشرق الأوسط، أعماله لليوم الثاني في “بيت المستقبل” – سراي بكفيا، في حضور نخبة من الناشطين السياسيين والمثقفين ورجال الدين من الأردن ومصر والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان.
وعقدت الجلسة الرابعة تحت عنوان: “المسيحيون العرب ونصوص الشأن العام الكنسية” التي نسقها مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية الإستراتيجية في مصر الدكتور وحيد عبد المجيد وتحدث فيها رئيس اساقفة الطائفة الكلدانية في البصرة العراق المطران حبيب هرمز، والمتخصص في العلاقات الإسلامية في فلسطين الأب بيتر مدروس، والأستاذ الجامعي المتخصص في القضايا المسكونية من لبنان الأب غابي هاشم، وتطرقت الندوة الى سبل استنهاض الأرث الكنسي والآفاق العملية لترجمته والتعاون المسكوني في هذا المجال.
أما الجلسة الخامسة والأخيرة فالتأمت تحت عنوان: “المبادرات الاسلامية وثقافة المساواة بمشاركة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار والباحث المتخصص في الشؤون الإسلامية والدكتور رضوان السيد وادارها الأستاذ جامعي في علم النفس الاجتماعي ميشال سبع.
الشعار
وشكر الشعار بداية كل من ساهم في “تنظيم هذا المؤتمر النوعي والذي يبدو للوهلة الاولى انه يعالج قضية مسيحية محضة تقلق المسيحيين على مستقبلهم في الشرق”. وقال: “في تصوري أن هذا المؤتمر يعالج قضية اسلامية بامتياز، لا لأن المسلمين أوصياء على غيرهم او رعاة وحماة للآخر، وانما لأن الحضارة الاسلامية يتوقف صدقها ووجودها وحضورها ونجاحها على مدى استيعاب الاسلام للآخر، ايا كان هذا الآخر، من اهل الكتاب او من سواهم حتى لو كان دهريا لا عقيدة له ولا انتماء. فكيف اذا كان الآخر أقرب الينا مودة كما قال الله تعالى لنبيه محمد “ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا انا نصارى ومنهم قسيسون ورهبان ولا يستكبرون”.
وقال: “للمسيحيين وأهل الانجيل أقول إن علاقة المسلمين بالمسيحيين تقوم على حسن التعامل وتحديد القاسم المشترك الذي يكسبهم حضورا ودورا ومشاركة في ادارة الدولة وتطويرها دون منة او عطاء او فضل من أحد. وتلاحظون أني لم أقل تأمين الحقوق لهم وانما عدم الاعتداء على حقوقهم المكتسبة من خلال انتمائهم الوطني، فضلا عن الانسانية التي اكسبتها الحقوق والواجبات”.
وأضاف: “اللافت في عنوان مؤتمركم أنه يتناول مستقبل المسيحيين في الشرق وفي صيغة الاستفسار، وتعلمون جميعا أن الشرق حاضن للعرب مسلمين والمسيحيين معا ومعهم اقليات من اليهود، إضافة إلى سواهم من الملل والمذاهب، وكأن المقصود من العنوان: هل للمسيحيين مستقبل مع المسلمين؟. لن أتسرع في الجواب لأقول طبعا، ولا اريد ايضا العودة الى الوراء لأذكر بما ذكرته النهار في 19 نيسان 1981 ان الذين اضطهدوا المسيحيين ثلاثة، لكنني اريد من موقعي الديني والفكري والثقافي ان اعلن ما يلي: أولا: المسيحيون ليسوا طارئين على شرقنا العربي، بل هم اصلاء لانهم اسبق وجودا، باعتبار ان المسيحية قبل الاسلام، والمسيحيون اصحاب رسالة سماوية نؤمن نحن المسلمين بها وبإنجيلها وبنبيها.
ثانيا: نؤمن ان النبي عيسى هو كلمة الله القاها الى سيدة العالمين مريم عليها السلام، وعدم الايمان بذلك يخرج صاحبه من دائرة الاسلام.
ثالثا: نعلن ان المسيحيين لا يقاس وجودهم بالعدد انما بحضورهم الانساني وانتمائهم الوطني. من هذه الاعتبارات كانت المحافظة على وجودهم ووجود غيرهم جزءا من حضارة الاسلام التي تتسم بالانسانية. فرسالة الاسلام تقوم على استيعاب الآخر كما يضمن الإسلام حرية المعتقد والتدين والعبادة والممارسة وحرية التعبير والاسلام هو العدل والمساواة وهذا ما يبينه القرآن الكريم في الآية: “يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم”.
وقال: “لا بد من بيان قاعدة أساسية في وجود المسيحيين في شرقنا وعالمنا: هذه القاعدة هي أن الرسالات السماوية تتكامل مع بعضها ولا تتضارب، اي كل رسالة تتم التي قبلها وبينها وبين التي قبلها قاسم مشترك كبير، وهي واحدة في أصولها وفي قيمها”.
وتابع: “ما ذكرته هو بيان سريع لمضمون وسمة الحضارة الاسلامية الحاضنة للآخر وللغير، لأنها حضارة انسانية بامتياز ومضمونها الانسان وتكريمه وحفظه وصون دمه وماله وعرضه، وهو مكرم في الأرض والسماء، ولذلك جعله الله خليفة له في ارضه. وهي حضارة تستوعب الانسان على مر العصور والزمان والمكان حتى يرث الله الارض ومن عليها وبذلك تتبدد الفوارق ويسود العدل وتقوم دولة الانسان.
في نهاية المطاف، لا بد لي من ان اذكر باختصار ان الحل السريع للقضية التي نحن بصددها، حلها هو في أن يعرف المسلمون دينهم وان يعرف المسيحيون دينهم، لان في ذلك طمأنة للطرفين، لأن من أنزل الدينين هو الله. لا يسعني ألا أن اكرر الشكر الى فخامة الرئيس الذي اصبح رمزا لهذا الفكر المستنير”.
الجميل
واختتم الرئيس أمين الجميل المؤتمر بكلمة شكر فيها من ساهم فيه من متحدثين ومستمعين. وقال: “استمعنا الى كلام أساسي وكلام مؤسس تخلله كلام قاس ومن الضروري متابعة الجهد مع مركز القدس وان نستخلص العبر من هذا الكلام لنبني عليه وسنستكمل البحث في هذا الموضوع. ونحن في العالم العربي وبمعزل عن الانتماء الديني والعقيدة الدينية لدينا قيم مشتركة كثيرة تجمعنا أكان في الكتب المقدسة او القيم العربية او الأدبيات المستنيرة علينا الإنكباب على تعزيزها رغم كل المآسي المحيطة وهذه مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة”.
وطنية