أكد البابا فرنسيس في رسالة إلى المشاركين في مؤتمر حول فهرسة وإدارة الخيور الثقافية لجماعات الحياة المكرسة على أهمية هذه الخيور بالنسبة لرسالة الكنيسة، وارتباطها بكاريزما معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.
وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في مؤتمر بعنوان “الكاريزما والإبداع” بدأ اليوم الأربعاء ٤ أيار مايو ويستمر ليومين، ويهدف إلى فهرسة الخيور الثقافية لجماعات الحياة المكرسة وإدارة المشاريع المميزة بالتجدد فيما يتعلق بهذه الخيور. وينظم هذا المؤتمر مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية والمجلس الحبري للثقافة بالتعاون مع مجلس أساقفة إيطاليا وجامعة غريغوريانا الحبرية وجامعة بولونيا بمشاركة الاتحاد الدولي للرئيسات العامات واتحاد الرؤساء العامين وأمانة مساعدة الراهبات. وبدأ الأب الأقدس رسالته مذكرا بحديث العهد القديم عن تاريخ شعب إسرائيل الذي تلَقى الشريعة الإلهية، والتي هي في جوهرها المحبة إزاء الله وإزاء القريب. وتابع البابا أن هذا السرد يعكس اهتماما لا فقط بالأشخاص بل وأيضا بالأشياء المقدسة والتي تمثل رموز حضور الرب، إلى جانب كونها علامات هوية شعب اسرائيل مقارنة بالأمم التي يلتقيها. وتوقف الأب الأقدس عند ما جاء في سفر العدد حول العناية بالأشياء المقدسة: “وهذا ما يكونون مسؤولين عنه من حِملهم وسائر خدتهم في خيمة الموعد: ألواح المسكن وعوارضه وأعمدته وقواعده، وأعمدة الفناء التي حواليه وقواعدها وأوتادها وحبالها وجميع آنيتها وسائر خدمتها. وتضع قائمة بأسماء الأمتعة التي يتولون حملها. تلك خدمة عشائر بني مراري” (العدد ٤، ٣١-٣٣).
ثم واصل البابا فرنسيس مذكرا بدعوته منذ بداية حبريته إلى الاهتمام بإدارة خيور الكنسية، وذلك انطلاقا من أن الكنيسة، ومثل الأمين العاقل الذي عليه واجب العناية بما أوكل إليه (راجع لوقا 12، 42)، تعي مسؤوليتها عن حماية وإدارة خيورها بانتباه وذلك في ضوء رسالتها التبشيرية ومع اهتمام خاص بالمعوزين. وذكّر الأب الأقدس بعمل المجمع منذ سنوات على توجيه المعاهد فيما يتعلق بإدارة خيورها الكنسية في خدمة الإنسان ورسالة الكنيسة، وأشار قداسته إلى عدد من المؤتمرات والوثائق ذات الطابع العقائدي والعملي الساعية إلى تعزيز وعي أكثر نضجا حول إدارة هذه الخيور.
وفي حديثه عن هذا المؤتمر ثمرة تعاون دائرتين فاتيكانيتين قال البابا فرنسيس إنه يركز الانتباه على القيمة الكنسية والتاريخية والفنية والثقافية التي تميز الكثير من هذه الخيور. وذكَّر قداسته بكون معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية مشجعة للفن والثقافة في خدمة الإيمان، وحارسة لجزء هام من الإرث الثقافي للكنيسة وللبشرية. وأضاف البابا أنه يمكن القول اليوم إن قيمة هذه الخيور تكمن بشكل أساسي في القدرة على نقل معنى ديني وروحي وثقافي، هذا إلى جانب أن الاهتمام بالخيور يعني بالنسبة للمعاهد والجمعيات إدراك علاقة هذه الخيور بتاريخ وروحانية وتقاليد هذه الجماعات، أي الكاريزما. ويمكن اعتبار هذه الخيور شهادات تحفظ الكاريزما لإعلانها مجددا والتفكير فيه مجددا. ثم شدد الأب الأقدس على أن الأمانة للكاريزما المؤسِّسة، وبالتالي للإرث الروحي وأهداف كل معهد، تظل المعيار الأول لإدارة كل التدخلات التي تقوم بها المعاهد على المستويات كافة.
وفي ختام رسالته أكد البابا فرنسيس على أهمية فهرسة خيور الجماعات المختلفة كخطوة أولى للتعرف عليها، وبالتالي لدراستها وحمايتها والحفاظ عليها وتثمينها رعويا. شدد قداسته أيضا على أهمية مواجهة الجوانب المتعلقة بإدارة الخيور الثقافية سواء فيما يتعلق باستدامتها الاقتصادية أو بما يمكن أن تقدم من إسهام في الكرازة وتعميق الإيمان. تحدث البابا أيضا عن ضرورة أن تكون هناك رؤية متكاملة وبرمجة بعيدة المدى لإعادة استخدام العقارات غير المستخدمة أمام تراجع الجماعات من جهة والحاجة إلى توفير موارد ضرورية للعناية بالأخوة والأخوات المسنين والمرضى من جهة اخرى. وختم الأب الأقدس أن الكنيسة وكل الجماعات التي تتألف منها يمكنها أن تقدم عبر إدارة خيورها شهادة جيدة وأن تعلن إمكانية اقتصاد ثقافة وتضامن استقبال.