كتب الأب طوني خضره
المشكلة الكبيرة في حياة البشر كجماعة، والإنسان كفرد، هي الإنقسام الداخليّ جماعةً وأفرادًا.
نفعل عكس ما نقول، ونقول عكس ما نفعل على أرض الواقع. كلّنا نريد حلّ مشاكلنا، بينما يصعب علينا البدء بالخطوة الأولى من رحلة الألف ميل وهي المصالحة مع الذات ومع الآخر، والوحدة مع الذات ومع جماعتي مهما كانت (سياسيّة، طائفيّة، إجتماعيّة …).
أمّا على الصعيد الشخصيّ فلم أعد أصدّق لا فردًا ولا جماعةً، لا في الخطابات الدينيّة ولا في الخطابات السياسيّة والإجتماعيّة، إذا كان المتحدّث منقسمًا على ذاته في فعله وفي كلامه.
العالم يتحدّث عن حقوق الإنسان، والإنسان مذلول، مذبوح، جائع، مشرّد …
الدول العربيّة تتحدّث عن “جامعة” عربيّة وكلّ يغنّي على ليلاه، مثلاً: تحالف مع إسرائيل، وعداء لها ….
في لبنان كلّ اللبنانيين يريدون الوطن ووحدة أرضه وشعبه والإنقسامات الداخليّة هي الواقع الحقيقيّ المرير.
إنقسامات في تحديد الرؤية للبنان، وإنقسامات في السياسات الداخليّة والخارجيّة، إنقسامات في الأحزاب: قدامى وجدد، إنقسامات في الطوائف والكنائس والجوامع.
وأنتم أيّها المسيحيّون في لبنان وضعكم ليس أفضل من هؤلاء وكأنّكم كالذين لا إله لهم.
أوقفوا التحدّث عن الحلول، أصمتوا ولو قليلاً واسمعوا صدى كلامكم الجارح تجاه بعضكم البعض، وشمّوا رائحة نتانة تشرذمكم عند شعبكم المتألّم. لم يعد لديكم أيّ رؤية موحّدة ولا أيّ وحدة توحّد. ونسيتم أنّ المسيح دعاكم لتكونوا واحدًا كما أنّ أباكم السماويّ واحد، فيما أنتم اقتسمتم ثيابه واقترعتم على مصير شعبه. الوحدة، قوّة وتفاعل وحلّ وشهادة ساطعة لوحدة الآب والإبن.
أوقفوا تشرذمكم، وحّددوا رؤيتكم للبنان، إرحموا هذا الشعب الذي ضاقت به سبل الحياة. توحّدوا أو إرحلوا، بعدما رحلتم من ضميرنا وقلوبنا وأملنا وأحلامنا، كما ترحل شظايا كلامكم المتناقضة ورائحة تشرذمكم الدائم مع شبابنا وعائلاتنا من مطار بيروت إلى كافّة أصقاع العالم.