كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
كما في كل القضايا والمسائل التي تربك الساحة اللبنانية، يزايد المسؤولون اللبنانيون والقيادات على بعضهم البعض، وفي هذا المجال دخلت بقوة قضية عودة النازحين السوريين بعدما أعلن الرئيس نجيب ميقاتي أن لبنان سيعمل على إعادة هؤلاء.
موقف ميقاتي هذا كان سبباً آخر للسجال بينه وبين التيار الوطني الحر الذي اعتبر أن ما قام به رئيس حكومة تصريف الأعمال أتى متأخراً وأنه لو اتخذ هو وغيره مواقف كهذه في سنوات سابقة لكانت مسألة النازحين السوريين قد انتهت ولما تكبد لبنان كل هذه الأعباء التي انهكته وتنهكه.
إن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ليست قراراً يقتصر على السلطات اللبنانية، بل إن القرار الأساسي في ترجمة هذه العودة إلى واقع يعود إلى النظام السوري و»حزب الله»، وفي هذا المجال لا بد مثلاً من إعادة سكان منطقة الزبداني وسكان القصير وغيرهما من القرى والبلدات المهجرة إلى مناطقهم بغض النظر عما إذا كان هناك من إمكانية حالية لإعادة الإعمار وتأمين البنى التحتية، فإن كانت النوايا صادقة لدى النظام السوري وحلفائه في إعادة هؤلاء فعليه أن يؤمن لهم أماكن إقامة موقتة ريثما يعيدون بناء منازلهم المهدمة.
لقد أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أن لبنان سيعيد 15 ألف نازح سوري شهرياً إلى بلادهم ولكن السؤال الأساس كيف سيحصل ذلك فهل وافقت السلطات السورية على عودتهم؟ ومتى تبدأ هذه العودة؟
من المؤكد أن لا الوزير شرف الدين ولا التيار الوطني الحر ولا «حزب الله» ولا الرئيس ميقاتي يستطيعون الجزم بأن السلطات السورية وافقت على عودة النازحين من دون استثناء، ومن المؤكد أن كل هؤلاء لن يستطيعوا تحديد تاريخ لبدء هذه العودة، والأهم أن بعض هؤلاء لن يستطيعوا أن يفرضوا على النظام السوري أجندتهم في هذا الموضوع، وأن بعضهم في المقابل هو نصير لأجندة هذا النظام في موضوع عودة النازحين ومصيرهم.
لقد أسفرت الحرب في سوريا عن تغيير ديموغرافي وعن تسوية مناطق بالأرض وعن مصادرة أملاك لمئات الآلاف إن لم يكن لملايين السوريين، والقرارات هذه لم يتخذها من قاموا بعمليات التهجير والتطهير من أجل العودة عنها.
إصبروا تروا صحة هذا الكلام.