كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
د يكون بعض الذين هاجموا المطران موسى الحاج يجهلون أن فلسطين هي مهد المسيحية وأن فيها مسيحيين يعيشون على امتداد مساحتها، ويجهل هؤلاء أيضاً أن الكنيسة المارونية تهتم بأبنائها الموارنة هناك منذ مئات السنين وربما أدّى هذا الجهل إضافة إلى عملية غسل الأدمغة التي تعرض لها هؤلاء ولا سيما المسيحيون منهم إلى اتهام المطران الحاج بالعمالة، حتى أن بعض هؤلاء اتصلوا بنواب من التيار الوطني الحر مستنكرين البيان الصادر عن التيار المندد بما حصل مع مطران الأراضي المقدسة، مستغربين كيف أن التيار يدافع عن مطران يتحرك ذهاباً وإياباً بين لبنان وفلسطين، وقد فات هؤلاء أن هذا المطران ومن سبقه عيّنوا من قبل السلطة الكنسية وبرعاية فاتيكانية ومن الطبيعي أن يتنقلوا بين موقع خدمتهم الكنسية ومركز الكنيسة الأم في لبنان.
هؤلاء هم أنفسهم الذين هاجموا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عندما قام بزيارة لتفقد الرعية في الأراضي المقدسة، وكأن هؤلاء ينفّذون عن معرفة ما يرغب به الإسرائيليون وهو قطع التواصل بين رأس الكنيسة وأبنائها وسعيها إلى تثبيتهم في أرضهم والحفاظ على مقدساتهم، وقد كان حرياً بهؤلاء أن يطالبوا بأن يكون لكل مسيحي لبناني الحق في زيارة حج إلى الأراضي المقدسة إلى أورشليم القدس وبيت لحم والناصرة وغيرها من المواقع التي وطأتها أقدام المسيح ورسله.
أما في ما يخص تهمة التطبيع وخرق قانون مقاطعة إسرائيل، ففي مفهوم من أطلق هذه التهمة أن المطران يجب ألا يقيم الذبيحة الإلهية في كنيسة في داخلها مؤمنون يحملون جنسية إسرائيلية، كما يجب عليه ألا يركب سيارة تسير بوقود من شركة إسرائيلية، كما يجب أن يمتنع عن تناول أي طعام على علاقة لإسرائيل به في أي شكل من الأشكال، كما يجب أن يستخدم عملة خاصة به غير عملة الشيكل المتداولة في إسرائيل، وفي الخلاصة حتى لا يتهم المطران بالعمالة والتطبيع وخرق قانون مقاطعة إسرائيل عليه أن يتخلى عن مهمته وعمّا قام به كل أسلافه منذ مئات السنوات كي يثبت لدعاة الوطنية أنه من صنفهم.
لقد أُخذ على المطران موسى الحاج أنه نقل وينقل أموالاً وأدوية من لبنانيين فروا إلى إسرائيل في العام ألفين، إلى من تبقى من ذويهم وعائلاتهم في لبنان، وهنا لا بد من سؤال ينطلق من بعد إنساني، ماذا يفعل هؤلاء وهم يشاهدون ويسمعون أن البلد منهار والأزمة المعيشية والصحية مستشرية والغلاء يتصاعد؟ هل يتفرجون على من تبقى منهم في لبنان يجوع ويفقر؟ هل أتت تلك الأموال لتمويل تخريب في البلد يفوق التخريب الذي ارتكبه أركان السلطة في لبنان وفي طليعتهم من يردحون ليل نهار بالعداء لإسرائيل؟
لقد هاجر العديد من الذين فروا إلى إسرائيل إلى بلدان أوروبية وإلى الولايات المتحدة وكندا ويستمرّون من هناك في مساعدة أهلهم وذويهم ويرسلون لهم الأموال والأدوية وغيرها فهل سيعاقب الأهل هنا لأنهم يتلقون المساعدات من هؤلاء؟
لقد كان الأجدى بالدولة اللبنانية أن تجد الحل وتطبّقه لتعيد إلى لبنان كل الذين فرّوا إلى إسرائيل وفي مجلس النواب اللبناني قانون يحكم هذه القضية ووضع الآلية لعودة هؤلاء، والأهم أن تفاهم قاعة مار مخايل نص في إحدى فقراته على معالجة أوضاع من فرّوا إلى إسرائيل ولكن كل ذلك بقي حبراً على ورق ربما بانتظار تنفيذ وعد تطوير وتحسين التفاهم وهو وعد لم ولن يحصل.