كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
ليست القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان ووفق القرار 1701 حالياً، قوة عسكرية جرّارة ومقاتلة، وعناصرها ليسوا مستفزّين ومعادين بل هم وكما يقال في العامية «بدن السترة»، ورغم كل ذلك لا يرغب البعض في تجنيب القوات الدولية ولبنان المزيد من المشاكل فيعمد عن سابق تصوّر وتصميم إلى الاعتداء على هذه القوات غير عابئ بالنتائج وانعكاسها على لبنان ولا سيما على علاقاته بدول العالم، فيما هو يسعى في هذه الأيام إلى تحسين صورته في المجتمعين العربي والدولي.
وجود القوات الدولية في جنوب لبنان هو مؤشّر على مدى اهتمام المجتمع الدولي بأهمية استمرار الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان، من خلال قوّة تستطيع كلّ الأطراف الحديث معها عند أي توتر أو إشكال، ولكنّ تكرار حوادث الاعتداء على القوات يشير إلى أنّ هناك رغبة لدى البعض في إخراجها من الجنوب اللبناني ولذلك يتم استخدام العنف تجاهها بذرائع لا تمتّ إلى الواقع بصلة، وقال متابعون لهذا الوضع إنه إذا كان من يريد «تهشيل» اليونيفيل يريد أن يحلّ مكانها في ضمان الأمن والاستقرار عند الحدود فلا بأس في ذلك شرط أن تعلن هذه الأطراف ما تضمره في هذا المجال علانية. أمّا إذا كان يُراد «تهشيل» اليونيفيل من أجل توتير الوضع في جنوب لبنان وفتح الجبهة مع إسرائيل فهذا سيكون كارثياً على لبنان واللبنانيين الذين يعانون الأمرّين في هذه الأيام.
لم تعد الاعتداءات على اليونيفيل مقتصرةً على منطقة عملها في جنوب الليطاني فالحادثة التي أسفرت عن مقتل جندي إيرلندي حصلت في بلدة العاقبية على مقربة من مدينة صيدا أي خارج منطقة عمل هذه القوات، ما يعني أن اليونيفيل أصبحت هدفاً مشروعاً لاعتداءاتٍ مماثلةٍ في أي منطقةٍ تتحرك فيها ولا سيما على الطريق أو الطرقات التي تربط الجنوب ببيروت.
هذا الواقع يفرض على المسؤولين في الدولة أن يتحرّكوا جدياً هذه المرة لمواجهة هذا الخطر والتحدي الذي يوضع لبنان فيه فالسلطة في لبنان ملزمة بحماية هذه القوات وملاحقة ومحاسبة الضالعين في هجمات ضدها، وهذا ما لم تقم به السلطات في أيٍ من الاعتداءات السابقة وكأنّها في الحقيقة إمّا عاجزة عن مواجهة المعتدين وإمّا أن بعض من فيها متورّط مع المعتدين.
لا يمكن لليونيفل أن تعمل في بيئة معادية، ولا يمكنها أيضاً كلّما حاولت أن تحرك جندياً أو آليةً أو دوريةً أن تستعين بالجيش اللبناني كي يرافقها في منطقة عملها وفي خارجها، وإزاء هذا الواقع قد يجد مجلس الأمن الدولي نفسه ملزماً بسحب هذه القوات من لبنان وعدم تجديد انتدابها وقد تفرض الدول المشاركة في هذه القوات قراراً من هذا النوع أو أنها ستطلب ضمانات تتيح لها حرية الحركة الآمنة وسترخي حادثة العاقبية بظلالها على الزيارة العتيدة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الناقورة إذا حصلت، وستكون هذه الحادثة أيضاً ذريعةً أخرى بيد إسرائيل تطالب من خلالها بتعزيز صلاحيات وقدرات اليونيفيل لمواجهة «حزب الله».