لا الثرثرة والنميمة التي هي طاعون حياة الأشخاص والجماعات، بل النصح الأخوي الذي يدعو إليه يسوع، هذا ما تحدث عنه البابا فرنسيس اليوم الأحد إلى المؤمنين في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي. كما وجدد قداسته القرب من الشعب المغربي والصلاة من أجل أوكرانيا المتألمة.
تلا البابا فرنسيس اليوم الأحد ١٠ أيلول سبتمبر صلاة التبشير الملائكي، وتأمل قداسته أولا مع المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس حول النصح الأخوي الذي يحدثنا عنه إنجيل اليوم حسب القديس متى. ووصف البابا النصح الأخوي بالتعبير الأسمى عن المحبة مشيرا أيضا إلى كونه أمرا ليس سهلا. وتابع أنه حين يرتكب أخ لك في الإيمان خطأً إزاءك ساعده من خلال النصح بدون حقد. وأشار قداسته أن أول ما يحدث لمن يخطئ هو مع الأسف تعرضه للنميمة، حيث يبدو أن الجميع يعرفون هذا الخطأ بكثير من التفاصيل باستثناء مَن يعنيه الأمر. وأراد البابا هنا التأكيد على أنه لن يكل عن تكرار أن الثرثرة هي طاعون حياة الأشخاص والجماعات، وذلك لأنها تؤدي إلى الانقسام والمعاناة والفضيحة ولا تساعد أبدا في التحسن أو النمو.
ثم انتقل الأب الأقدس إلى تعليم يسوع فقال إن يسوع يعلِّمنا بالأحرى أن نتصرف بشكل مختلف، وذكَّر هنا بكلمات المسيح من إنجيل اليوم “إذا خَطِئَ أَخوكَ، فَاذهَبْ إِليهِ وَانفَرِدْ بِه ووَبِّخْهُ”. وتوقف البابا بالتالي عند التحدث مع الأخ الذي خطئ بشكل انفرادي لمساعدته على أن يفهم أين أخطأ ومن أجل خيره، وذلك بالتحلي بالشجاعة الحقيقية التي لا تعني الحديث عن الآخرين في غيابهم بل قول الأشياء وجها لوجه بتواضع ولطف.
ولكن يمكننا أن نتساءل، قال البابا، وإن لم يكن هذا كافيا؟ إن لم يفهم؟ في هذه الحالة علينا البحث عن مساعدة، أجاب الأب الأقدس. إلا أنه أراد التحذير من طلب المساعدة من المجموعة المشاركة في الثرثرة، بل، وكما يقول يسوع “وإِن لم يَسمَعْ لَكَ فخُذْ معَكَ رجُلاً أَو رَجُلَين”، أي، وكما تابع البابا، طلب المساعدة من أشخاص يريدون بالفعل مد اليد لهذا الأخ الذي أخطأ أو لهذه الأخت التي أخطأت. وماذا لو لم يفهم بعد؟ قال الأب الأقدس، وتابع: إذن فلنُشرك الجماعة حسبما قال يسوع. ولكن هنا أيضا علينا أن نكون واضحين، فهذا لا يعني فضح الشخص على الملأ بل توحيد جهود الجميع لمساعدته على التغير. وتابع البابا فرنسيس أن توجيه أصابع الاتهام إلى الأشخاص ليس فعلا جيدا، بل هو غالبا ما يجعل أكثر صعوبة بالنسبة لمن أخطأ أن يعترف بخطئه. على الجماعة بالأحرى، ومع إدانة الخطأ، أن تجعل مَن أخطأ يشعر بقربها منه بالصلاة وبالمشاعر، وباستعدادها لتقديم المغفرة والتفهم وللبدء من جديد.
وتابع البابا داعيا إلى التساؤل: كيف عليّ أن أتصرف مع مَن يخطئ بحقي، وواصل: هل أحتفظ بالأمر في داخلي وأدع الحقد يتراكم؟ هل أجعل هذا مبررا للثرثرة حول هذا الشخص في غيابه أم لدي الشجاعة كي أسعى إلى التكلم معه؟ هل أصلي من أجله أو من أجلها وأطلب مساعدة من أجل فعل الخير؟ كما وتساءل قداسته إن كانت جماعاتنا التي تتولى أمر مَن سقط، لتمكينه من النهوض مجددا ومن أن يبدأ حياة جديدة، توجه أصابع الاتهام أم تفتح الأذرع. وتابع قداسته: ماذا تفعل أنت؟ أتوجه إصبع الاتهام أم تفتح ذراعيك؟
ثم ختم البابا فرنسيس حديثه إلى المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي طالبا أن تساعدنا مريم، والتي واصلت المحبة رغم سماعها إدانة الأشخاص لابنها، على أن نبحث دائما عن طريق الخير.
هذا وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي جدد البابا فرنسيس القرب من شعب المغرب العزيز حسبما ذكر قداسته عقب الزلزال المدمر الذي ضرب هذا البلد، وأكد صلاته من أجل الجرحى ومَن فقدوا حياتهم ومن أجل عائلاتهم، كما وجدد الشكر لعناصر الإنقاذ وجميع العاملين من أجل تخفيف معاناة الناس. وأكد البابا أن المساعدة الملموسة من قِبل الجميع يمكنها أن تدعم شعب المغرب في هذه اللحظة المأساوية، ودعا إلى القرب من الشعب المغربي. أشار قداسته أيضا إلى الاحتفال اليوم بتطويب عائلة أولما البولندية، أي الوالدَين يوزيف وفيكتوريا وأبنائهما السبعة الأطفال الذين قتلتهم النازية سنة ١٩٤٤ بسبب تخبئتهم عائلتين يهوديتين. وأضاف أن هذه العائلة قد أجابت على العنف والكراهية بالمحبة الإنجيلية، ودعا إلى أن تكون هذه العائلة لنا جميعا مثالا يُقتدى به. وشدد قداسته أيضا على ضرورة أن نشعر بكوننا مدعوين إلى الرد على قوة السلاح بقوة المحبة وعلى العنف بقوة الصلاة وخاصة من أجل البلدان الكثيرة التي تعاني بسبب الحرب، ودعا البابا إلى تكثيف الصلاة بشكل خاص من أجل أوكرانيا التي تتألم كثيرا. هذا وذكَّر الأب الأقدس من جهة أخرى باحتفال اثيوبيا في الثاني عشر من أيلول سبتمبر بالعام الجديد، ووجه قداسته لهذه المناسبة تحية قلبية إلى سكان اثيوبيا جميعا معربا عن الرجاء أن يبارَكوا بعطايا المصالحة الأخوية والسلام.