استهل قداسة البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي ظهر الأحد مشيرا إلى أن إنجيل اليوم (مرقس ١٠، ١٧ – ٣٠) يحدثنا عن رجل غني أسرع إلى يسوع وسأله ” أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالح، ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟” (مرقس ١٠، ١٧). فدعاه يسوع إلى أن يترك كل شيء ويتبعه، ولكن ذاك الرجل انصرف حزينًا لأنه – كما يقول النص -” كانَ ذا مالٍ كثير” (مرقس ١٠، ٢٣).
وتابع البابا فرنسيس كلمته متوقفا عند ما فعله هذا الرجل: ففي البداية أسرع للقاء يسوع، ولكن في النهاية انصرف حزينًا. وأشار إلى أن هذا الرجل أسرع إلى يسوع، كما لو أن شيئا في قلبه يدفعه: ففي الواقع، وعلى الرغم من امتلاكه الكثير من المال، فهو غير راض، يحمل في داخله قلقًا ويبحث عن حياة أكمل. وكما يفعل غالبا المرضى والممسوسون (راجع مرقس ٣، ١٠؛ ٥، ٦) ارتمى على قدمَي المعلّم؛ هو غني ولكنه يحتاج إلى الشفاء. وقد حدّق إليه يسوع بمحبة؛ ثم اقترح عليه “علاجًا”: أن يبيع كل ما يملك، ويعطيه للفقراء ويتبعه. ولكن ذاك الرجل اغتمّ وانصرف. كانت رغبته في لقاء يسوع كبيرة ومندفعة، وكان ذهابه باردًا وسريعًا.
وأشار البابا فرنسيس من ثم إلى أننا نحن أيضا نحمل في قلبنا حاجة ملحة للسعادة ولحياة مليئة بالمعنى؛ ومع ذلك من الممكن أن نقع في وهْم الاعتقاد بأن الجواب يكمن في امتلاك الأشياء المادية وفي الضمانات الأرضية. وأضاف أن يسوع يريد أن يعيدنا إلى حقيقة رغباتنا ويجعلنا نكتشف أن الخير الذي نتوق إليه هو الله نفسه، محبّته لنا والحياة الأبدية التي هو وحده يستطيع أن يعطينا إياها، فالغنى الحقيقي هو أن ينظر إلينا بمحبة، كما فعل يسوع مع ذاك الرجل، ونحب بعضنا بعضا جاعلين من حياتنا عطية للآخرين. ولذا، أضاف البابا فرنسيس يقول، يدعونا يسوع إلى أن نعطي كل شيء للفقراء، أي أن نتجرد من ذاتنا وضماناتنا الزائفة، وأن نهتم بمن هو في عوز ونتشارك خيورنا، ليس فقط الأشياء إنما مواهبنا، صداقتنا، ووقتنا.
وتابع البابا فرنسيس قائلا لنسأل أنفسنا، ما الذي يتعلق به قلبنا؟ كيف نشبع توقنا إلى الحياة والسعادة؟ أنعرف كيف نتشارك مع الفقير، ومَن يعاني من مصاعب أو مَن يحتاج إلى القليل من الإصغاء، إلى ابتسامة، إلى كلمة تساعده على إيجاد الرجاء؟ لنتذكّر بأن الغنى الحقيقي ليس خيور هذا العالم. الغنى الحقيقي أن نكون محبوبين من الله ونتعلّم أن نحب مثله.
وفي ختام كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي ظهر اليوم الأحد، قال البابا فرنسيس لنطلب شفاعة العذراء مريم كي تساعدنا لنكتشف في يسوع كنز الحياة.