الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان اوسيب – لبنان
تشمل اشغال التأهيل الدرج الصخري التراثي، الذي شيّد العام 2004، والممتد من مواقف السيارات قرب كنيسة مار اسطفان نزولاً الى الحديقةK بطول 600 متر. وما يجري حالياً هو تنظيف حجاره الصخرية من رواسب الاتربة والاعشاب وسائر مخلفات السنين الماضية، ومن ثم تكحيلها لتمتينها وتجميلها.
كما لحظت اشغال الدرج اقامة سياج خشبي على جانبيه يسعف العابرين، وخصوصاً المتقدمين في السن، على عبور الدرج. والسياج اقيم من بقايا اخشاب الارز اليابسة المتراكمة في غابة ارز البطريركية في نطاق حدث الجبة ـ تنورين، وبتنفيذ فني جميل أضفى على الدرج طابعاً جمالياً اضافياً ورونقاً مميزاً.
الى جانب الدرج الصخري التراثي، تمّ تأهيل طريق ترابية للمشاة الذين لا يرغبون سلوك الدرج، وصوّنت حدود هذه الطريق بالحبال على جانبيها، وهي مضاءة اصلاً لإتاحة عبورها ليلاً، وسط التراتيل والالحان التقوية التي تغطي طول المسافة الممتدة من مواقف السيارات الى الحديقة ومحيطها، مروراً بطريق المشاة الترابية والدرج الصخري المؤديين اليها.
منسق انشطة حديقة البطاركة أمين النشر والاعلام في رابطة قنوبين للرسالة والتراث، الزميل جورج عرب اوضح ان الاشغال الجارية تنفذ بدعم الجامعة الاميركية للتكنولوجيا A.U.T. وتمويلها والتي اقامت الحديقة العام 2004، ولا تزال تسهم في رعايتها وتطويرها في صورة دورية متواصلة. ويضيف "ان هذه الاشغال تندرج في سياق تصميم عام فني وهندسي، يضعه خبراء مختصون، ترجمة لبروتوكول التعاون الموقع بين رابطة قنوبين المسؤولة عن ادارة الحديقة، وجمعية "أزاميل الالوان" التي يرأسها الفنان رودي رحمه. والبروتوكول يقضي بوضع هذا التصميم العام المتكامل لإقامة الممرات داخل الحديقة وفي محيطها، مع اشارات ارشاد باللغات العربية والفرنسية والانكليزية، واستكمال اقامة تماثيل البطاركة على الصخور الطبيعية الكائنة في محيط الارزات التي تحمل اسماءهم. والتصميم المذكور يوحّد شكل الصخور التي ستحمل التماثيل، ويلحظ على كل صخرة نصاً باللغات الثلاث يلقي اضواء على حياة البطريرك وولايته البطريركية. وبتمويل من عضو الهيئة الفخرية لرابطة قنوبين المهندس انطوان ازعور باشرت الورشة المختصة من مكتبه بأعمال المسح الهندسي للحديقة ومحيطها، من الطرق المؤدية اليها ومن المساحات المعدّة لتوسيعها". واشار عرب الى انه يتوقع تنفيذ الدراسة الفنية الموضوعة خلال ثلاث سنوات متتالية تنجز خلالها الممرات داخل الحديقة وشارات الارشاد المتعددة اللغات، ويستكمل انجاز تماثيل البطاركة الموارنة المعروفة صورهم، وعددهم 23 بطريركاً، نفذت تماثيل لخمسة منهم هم البطاركة نصرالله صفير، واسطفان الدويهي، ويوسف حبيش، والياس الحويك، ويوسف اسطفان، ويجري العمل حالياً على تمثال للبطريرك ارميا العمشيتي. كما باشر الفنان رودي رحمه، بتكليف من رئيسة الجامعة الاميركية للتكنولوجيا A.U.T. غادة حنين، نحت تمثال البطريرك بشاره الراعي. وسوف تزاح الستارة خلال احتفالات السنوية السابقة لحديقة البطاركة في شهر آب المقبل عن تمثال البطريرك الراعي وتمثالي البطريركين الياس الحويك ويوسف اسطفان، وربما البطريرك ارميا العمشيتي.
ان التصميم العام الهندسي الموضوع للحديقة سيحوّلها أحد اجمل المتاحف الطبيعية في العالم. وسوف تبرز من خلالها جوانب مغمورة من تراثنا الروحي والوطني الذي تختزنه مسيرة البطاركة الموارنة منذ عهد البطريرك الاول مار يوحنا مارون حتى عهد السابع والسبعين البطريرك بشاره الراعي.
وعن تمويل المشروع يقول عرب "ان رابطة قنوبين للرسالة والتراث، المسؤولة عن ادارة الحديقة، اعتمدت نهجاً للتمويل يقوم على اشراك عائلات البطاركة ورعاياهم في تكاليف اقامة التماثيل العائدة لكل منهم. وقد وجهت رسائل للمعنيين بهذا الخصوص. وهي تتعاون حالياً مع جمعية "ازاميل الالوان" المتخصصة في هذا الشأن البيئي التراثي الفني لتأمين من يرعى استكمال هذا المشروع الرائد وتمويله. وباب المساهمة مفتوح امام كل المهتمين بشؤون البيئة والتراث، ليساهموا مادياً في استكمال هذا المشروع الفريد، وسيصار الى الاعلان عن كل مساهمة خلال الاحتفالات السنوية الصيفية لحديقة البطاركة، التي تفتتح في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والبطريرك الماروني مار بشاره الراعي".
الى ذلك اشار الزميل عرب الى ان الفنيين المختصين من رابطة قنوبين حدّدوا الموقع المناسب لتسمية احدى الارزات المعمرة باسم البطريرك السابع والسبعين مار بشاره بطرس الراعي، كما حددت الصخرة التي سيرفع عليها تمثاله. وارزة البطريرك الراعي وصخرة تمثاله تليان مباشرة ارزة البطريرك الكاردينال صفير وصخرة تمثاله. وموقع ارزة وتمثال البطريركين صفير والراعي يطل مباشرة على وادي قنوبين، وهذه المواقع هي قبالة دير سيدة قنوبين الكرسي البطريركي الذي اقام فيه البطاركة الموارنة من العام 1440 حين انتقل اليه البطريرك يوحنا الجاجي حتى العام 1823 حين انتقل منه الى الديمان البطريرك يوحنا الحلو. ومثلما اقيم تمثال الكاردينال صفير بتبرّع السيدة حنين، كذلك بوشر العمل بتمثال البطريرك الراعي بتبرّعها ايضاً.
في موازاة الورشة القائمة في حديقة البطاركة في الديمان المتصلة بالوادي المقدس، قامت وحدات من الجيش اللبناني بتأهيل طريق المشاة، الممتدة من حديقة البطاركة نزولاً الى كنيسة سيدة الكرم، ومنها الى دير مار يوحنا آبون، احد اهم الاديار الكائنة في عمق الوادي. وقد عملت وحدات الجيش، بالتنسيق مع رابطة قنوبين للرسالة والتراث، واهلت الطريق الممتدة بطوال زهاء 6 كلم التي تعبر مجموعة من اهم معالم الوادي المقدس.
وتنطلق الطريق من واحة جورج افرام للتأمل والصلاة في نطاق حديقة البطاركة غرباً نزولاً الى محاذاة مغارة الصيام وقطين الرواديف، حيث وجد اول كتاب للصلاة المارونية العام 1283، وفق البطريرك المكرم اسطفان الدويهي، ومغارة عاصي حدث الجبة اهم معالم الوادي، حيث عثر على المومياءات العائدة الى العام 1283 سنة حصار المماليك لأهالي الحدث والجوار خلال غزوتهم جبة بشري في ذلك العام.
وتكمل طريق المشاة الى كنيسة سيدة الكرم، التي بناها البطريرك بولس مسعد السنة 1882، ومنها الى كنيسة مار سمعان المبنية السنة 1903، فالى دير مار يوحنا أبون احد اهم اديار الوادي المهجورة. وقد ارتبطت به أديار حدث الجبة والديمان، وصولاً الى بقرقاشا. وورد ذكره مع البطريرك الدويهي مرات عدة، واشارته الى انه عثر فيه على كتاب شحيمة للصلاة. والدير مقصود من آلاف السياح اللبنانيين والاجانب، مما اوجب العمل على تأهيل طريق المشاة اليه، وعلى تنظيف داخله القائم في اربعة كهوف ضمن تجاويف صخرية في احدها كنيسة مبنية بالحجارة الرملية المنحوتة. وبتأهيل طريق المشاة هذه تكون قد انجزت طرق المشاة الرئيسية التي تربط الوادي المقدس بالقرى المحيطة به، حيث عرفت هذه الطرق تاريخياً، وخصوصاً في الديمان وحدث الجبة وحوقا وبلوزا وحدشيت وحصرون وبشري.
وفي سياق تعزيز البعد الروحي لحديقة البطاركة، وتسهيلاً لاقامة القداس السنوي الذي تفتتح به نشاطات الحديقة السنوية، ولسواه من الانشطة الروحية، بوشرت الاشغال بإقامة مذبح في واحة جورج افرام للتأمل والصلاة من الحجر الصخري التراثي المستعمل في ادراج الحديقة وساحاتها، ومساحته 50 متراً مربعاً، والى جانبه منصة لجوقة الخدمة والترتيل.
ويجري توسيع الواحة المذكورة وتأهيل ساحتها وتكحيل بلاطها الصخري تأميناً لمزيد من نظافتها ولسلامة العبور والحركة. ويمول هذه الاشغال رئيس جمعية الصناعيين في لبنان نعمت افرام في سياق متابعة مؤسـسة جورج افرام الاجتماعية لوضع حديقة البطاركة حيث للمؤسـس الراحل وللجمعية بعده مبادرات متنوعة متوالية. ويتوقع انجاز الاشغال قبل موعد افتتاح نشاطات السنوية السابعة لحديقة البطاركة أواسط آب المقبل.
طوني فرنجية النهار
