وحطّت رحالها في الأردن. كما غيّرت جذريّاً برمجتها، وخلعت ثوب القناة الإخباريّة المتخصّصة وصارت محطة منوّعة ولم يبق من الحلة الإخباريّة سوى اسمها Arabic News Broadcasting. تحسنت الصورة قليلاً، ونقلت شعارها من يمين الشاشة إلى يسارها.
لدى انطلاقتها قبل ثماني سنوات، وعدت هذه المحطة بمتابعة هموم المواطن العربي (لم تنفّذ منها شيئاً تقريباً)، لكن ها هي تقف اليوم أمام مفترق حاسم في مسيرتها. وضعها المالي المأزوم وسوء إدارتها فرضا اتخاذ سلسلة خطوات وإجراءات. فمنذ أن اختلف الشريكان العراقي نظمي أوجي واللبناني بطرس الخوري، تراجعت موازنة المحطة وجاء انتقال مبناها الرئيسي إلى عمّان قبل شهرين، ليفاقم الأزمة، لكن ليس ماديّاً فقط هذه المرّة بل تقنياً أيضاً.
منذ تولي ماجد السامرائي إدارة القناة، تعاني المحطة إرباكاً واضحاً ازداد مع إسناده المهمات التقنية إلى فريق تنقصه الخبرة، كما تعاني ضعفاً في اختيار البرامج البديلة، إذ استبدلت البرامج الصباحيّة الإخباريّة إلى برامج فنيّة هزيلة. ورغم الكلام عن الأزمة المالية الذي لا يتوقف وصرف الموظفين في بيروت، يجيب مدير مكتب بيروت جورج بشير عن سؤال «الأخبار» باستغراب.
يرى أنّ المؤسسة لا تعاني من أزمة «بل إنّ الإجراءات التي اتخذناها تندرج ضمن خطة التوسع وفتح سوق جديد في الأردن». ويعرب عن أسفه لاضطرار القناة الاستغناء عن بعض الكفاءات اللبنانيّة، «لكن هذه ضريبة الانتقال إلى سوق مواز»، مشيراً إلى أنّ «الشركة إنكليزية وتملك استديوهات في لندن. وبيروت وعمان، وبرامج في العواصم الثلاث». وبينما يخشى البعض إقفال مكتب بيروت في غضون الأسابيع المقبلة، يعتبر بشير أنّ «مالكي المحطة يرفعون رأسمالها ويخططون لإطلاق فضائيات أخرى، لذا اضطروا لتقليص عدد الموظفين في بيروت». وعن عدم تسديد المستحقات لهؤلاء المصروفين، يعد بـ «تسديد الديون حتى آخر قرش، ولن أتساهل في هذا الأمر»، شارحاً أنّ «أيام العدوان الإسرائيلي على لبنان، لم تتأخر المحطة في دفع المستحقات لـ 500 موظف من دون أن تأكل قرشاً واحداً على أي منهم».
الوضع سيء في anb، وحده بشير يراه زهرياً. ورغم أنّ المحطة حرصت في بدايتها على التعاقد مع مجموعة إعلاميين لبنانيين وعرب واستعانت بخبرة الإعلامي غيّاث يزبك، فإن من تبقى منهم اليوم، يعدّون على أصابع اليد الواحدة. غادرها البعض بحثاً عن فرص أفضل وصُرف البعض الآخر، ومن تبقى منهم يظلمون في الظهور على قناة حيث نسبة مشاهدتها شبه معدومة، وتحاول أن تصنع قاعدة جماهيريّة في الأردن.
من شعارها السابق «لبنان مركزاً للإشعاع الاعلامي»، ارتأت إدارتها الاستغناء عن الكفاءات اللبنانيّة التي تستنجد بها المشاريع الإعلاميّة الضخمة عادة، وتعاقدت مع أشخاص ذوي خبرة متواضعة في العمل التلفزيوني، وحوّلتها إلى قناة منوّعة (تتكل على المسلسلات المصريّة والسوريّة المعادة)، علها بذلك تنهض بها وتقلّ مصاريف البرامج السياسيّة التي أخذ عليها دوماً أنها تعاني فقراً إنتاجيّاً واضحاً. أثارت هذه النقلة جدلاً بين الإداريين، إذ كان بعضهم يعارض المشروع ويعتبره «دعسة ناقصة». وحده بشير يراه توسعاً وخطوة إلى الأمام.
في المقابل، ثمة من يرى الصورة سوداوية جداً. ويؤسفه أنّ القناة لم تعد تتمتع بأي حضور إخباري في بيروت، لافتاً إلى أن «الحدث السياسي لم يعد متابعاً إلاّ بالقدر الذي يعني الإدارة على المستوى الشخصي، بخلاف الأمر في الماضي يوم كان الشريك السابق بطرس الخوري، يعطي توجيهاته لمواكبة التطورات البارزة لبنانيّاً». وها هي المحطة تقسم بثّها بين عمّان وبيروت، ويتولى جورج بشير إدارة مبنى المحطة في منطقة الرابية في بيروت أو ما تبقى منه، وتعرض من خلاله برنامج «وجهاً لوجه» مع جورج عون (الثلاثاء 20:30)، و«إلى أين» مع زينة فيّاض (الأربعاء 20:30)، إضافة إلى «سجالات» مع محمد القوّاص (الجمعة)، و«حال الأمة» مع نتالي حبيب بعد إيقاف برنامجها «حديث لبنان» . ومن الأردن، يقدم ماجد السامرائي برنامج «حوار في قضية عراقية» (ليل الإثنين). واستعيض عن البرامج الإخباريّة الصباحية بالأغنيات وبرنامج «قهوة الصباح» الذي يخاطب الشارع الأردني فقط في ظلّ ما يتردّد بأنّ القناة تحابي السلطة في المملكة.
بين عمان وبيروت
الأزمة التي ترخي بظلالها على عاملي anb في بيروت، لا تنسحب على الفريق الجديد في عمّان، لأن الموظفين الجدد يقبضون رواتبهم من دون تأخير، وهو ما يبدو مستغرباً عند موظفي بيروت الذين تأخّرت الإدارة في دفع رواتبهم الشهر الماضي، ولم تدفع لهم فلساً واحداً هذا الشهر، حتى أنّ هؤلاء يعانون نقصاً فادحاً في التجهيزات اللوجستية. كما تتجاهل الإدارة دفع تعويضات ومستحقات الموظفين المصروفين من الخدمة منذ استفحال الأزمة قبل أربعة أشهر تقريباً. وبات معروفاً أنّ القناة بدأت عمليات «التشحيل» في صيف 2009، يوم وقع الخلاف بين الشريكين، فدفع الثمن يومها 20 موظفاً. لكنّ بشير يؤكد لـ «الأخبار» إنّ «الرواتب ستدفع إلى الموظفين خلال اليومين المقبلين».
باسم الحكيم / الأخبار