ثلاث قنوات عوض واحدة، إخبارية ودينية وترفيهية… إنها شبكة atv الأردنية التي تنطلق قريباً، والتي مُنِعت من البث قبل أشهر من دون أسباب واضحة… فكيف ستكون الإطلالة الجديدة؟ وهل حقاً ستنجح كأول مؤسسة مرئية مستقلّة في البلد؟
من المنتظر أن يشهد ربيع العام المقبل، ولادة أول قناة تلفزيونية أردنية مستقلّة (جادة وغير مخصصة بالأغاني فقط)، تبثّ برامجها أرضياً وفضائياً. المحطة هي atv التي تأجلّ ظهورها قرابة عامين لأسباب عدة. أسباب يمكن فهمها، كما تردد في الأوساط والكواليس الإعلامية آنذاك، بالمحافظة على توازنات إعلامية في دولة أمنية كالأردن. لكن مهلاً… بدلاً من قناة واحدة، ستتحول atv إلى شبكة، مع إطلاق ثلاث محطات دفعةً واحدة، وفق ما أكّد رئيس هيئة المديرين في المحطة عدنان العواملة. وذلك، بعدما استقرّت 86 في المئة من ملكيتها في يد صاحبها الجديد: طلال العواملة، المدير التنفيذي لـ«المركز العربي للإنتاج السمعي والبصري».
القناة الأولى ستكون قناة إخبارية وتتضمن أخباراً محلية ودولية. ويتوقع لها عواملة أن تنافس برامج «الجزيرة» و«العربية»، مراهناً على إعطاء قضايا الوطن العربي والشرق الأوسط، الأولوية القصوى. كما ستولي القناة اهتماماً خاصاً بقضايا الاقتصاد، نظراً لما يشهده العالم اليوم من أزمات اقتصادية، وتغيّرات تؤثّر على سياسية المنطقة.
أما المحطة الثانية فهي قناة منوعة للمسلسلات العربية والأردنية والبرامج الترفيهية والثقافية المختلفة، وخصوصاً أن عواملة يملك واحدة من أبرز شركات الإنتاج التلفزيوني في العالم العربي («المركز العربي للإنتاج السمعي والبصري»). وأغلب الظن أن شركته ستكون رافداً أساسياً للمحطة.
وفي ما يتعلق بالقناة الثالثة، فهي دينية، يصفها عواملة بـ«الوسطية»، على غرار قنوات الفتاوى التي بدأت تنتشر أخيراً في الفضاء التلفزيوني العربي.
ويُذكر هنا أن شبكة atv قد زُوّدت، في انطلاقتها الثانية، بأحدث الاستديوهات والتقنيات. ما يعدّه عدنان عواملة سبباً أساسياً لتأخر إطلاق القنوات الثلاث، بعدما كان مقرراً في كانون الثاني (يناير) المقبل.
هذا عن القنوات الفضائية، فماذا عن المحطة الأرضية؟ ستكون قناة أردنية محلية بامتياز. ذلك أن المواطن الأردني بحاجة إلى إعلام خاص، وخصوصاً أن التلفزيون الأردني الرسمي قد أثبت فشله منذ سنوات، في استقطاب المشاهدين، نظراً للخطاب الفقير والمعتم الذي يقدمه، والذي عمل فيه لتلميع صورة ممارسات الدولة. وهنا، يُطرح سؤال: هل ننتظر من atv أن تكون مؤسسة إعلامية مستقلة بالمعنى الفعلي للكلمة؟ وهل يمكن أن يكون هناك إعلام مستقل وخاص في الأردن؟ وما الذي يعنيه ذلك؟
■ بداية القصة
كانت المحطة قد تأسّست في عام 2006، على يد رجل الأعمال المعروف محمد عليان. لكن، بعد بدء العد العكسي لانطلاقتها، مُنعت من البثّ، من دون إعلان الأسباب. ثم بيعت إلى شركة «العجائب» لصاحبها راضي الخص الذي ما زال يملك 13 في المئة منها.
وقد تزامن كل ذلك مع مشاكل وإضرابات لموظفين بلا رواتب، صاروا كأنهم مشتركون في ناد ولكن بعضوية مجمدة. أما اليوم، فقد حلت المشاكل العالقة مع الموظفين (إداريين وإعلاميين). وقد تقلّص عددهم، مع بقاء بعضهم في عمله، وحلّ بعضهم الآخر أموره العالقة مع المؤسسة بـ«الاتفاق والتراضي».
إذاً، سيدخل الأردن أخيراً السباق الفضائي. إلا أنّ استمرارية الفضائيات الجديدة وتفعيل دورها، سيبقيان رهن عوامل كثيرة، لا يتمتع المناخ الإعلامي المحلي بها. ولعلّ أولها الحرية التي يرى عواملة أن «سقفها السماء»، مستشهداً بعبارة الملك عبد الله الثاني عن حرية الإعلام الأردني.
لكن شتان بين ما قيل وما يشهده الواقع الإعلامي من تقلص وانتهاك للحريات الإعلامية في السنوات الأخيرة. وهنا، يضيف العواملة مبيناً: «نحن لا نسعى إلى التمرد على أحد، هدفنا نقل الحقيقة، نريد أن نشجع المواطن على ممارسة نمط جديد من الحياة»!
■ موضة «تحرير الإعلام»
شهدت بداية هذه الألفية موضة جديدة في القطاع الإعلامي في الأردن. إذ يكثر الحديث عن «تحرير الإعلام» أو الإصلاح الإعلامي الآتي على يد مؤسسات أميركية، تحت ما يسمى بـ«مشروع تطوير الإعلام الأردني»، الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وتزامن ذلك مع فورة في عشرات المحطات الإذاعية الخفيفة، فضلاً عن الإذاعات الوطنية الرسمية التي تعنى بـ«أردنة» المواطنين على الطريق الصحيح. كما ظهرت قنوات فضائية للأغاني والمنوعات مثل «نورمينا» و«سيفن ستارز» و«اللورد»… وصولاً إلى مبادرة إنشاء atv. ويبقى السؤال أخيراً: ما الذي جعل الرقيب يغيّر رأيه، ويسمح اليوم في إطلاق الشبكة الجديدة، بعدما منع ظهورها قبل مدة. سؤال لن تعرف إجابته إلا بعدما يبدأ بثّ atv، وخصوصاً قناتها الإخبارية، وما ستحمله للمشاهد العربي في فضائيتها، وللأردني في أرضيتها.
نوال العلي- جريدة الأخبار 17.12.2008