قام فريق فني من تلفزيون الـB.B.C. البريطاني بتصوير قداس يوم الأحد في كنيسة مار جرجس للسريان الأرثوذكس في حلب بتاريخ 12 تشرين الأول، حيث تم التركيز على الألحان السريانية الرهاوية التي توارثها الشعب الرهاوي عبر أجيال وحافظو عليها ونقلوها معهم من مدينة الرها/ أديسا/ أورفة إلى مدينة حلب شمال سوريا.
وعن هذه المهمة تحدث إلينا رئيس البعثة البروفسور "دارميد ماكولوش Diarmiad Maculloch" أستاذ تاريخ الكنيسة في كلية اللاهوت من جامعة أوكسفورد البريطانية فقال: إنها سلسلة تلفزيونية مكونة من ست حلقات وثائقية عن تاريخ المسيحية المفقودة من قبل الشعوب الأوروبية والغربية ( Lost Christianity)، وكل حلقة تتألف من ساعة كاملة، تم تحديد حلقة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وألحانها الرهاوية التي تحمل تراث مار أفرام السرياني وغيره كحلقة أولى للسلسلة وأيضاً سيتم تصوير دير مار سمعان العمودي قرب حلب، وسيكون عنوان السلسلة "Lost Christianities " بحيث يتم الاعتماد على الحلقة الأولى لتحفيز البريطانيين على مشاهدة السلسلة وجذبهم لمتابعة باقي الحلقات، فالفكرة العامة للسلسلة هي تقديم ما فات الغرب عن المسيحية الأولى خلال نشأتها ومن ثم انتشارها.
دير في الصين اسمه "تاكين" ومعناه سوريا بفضل الآشوريينويتابع ماكولوس: الفريق يتألف من منتج ومصور وخبير صوت إضافة إليه، وسوف يزور مصر والقدس ولكن سوريا هي الزيارة الأساس لأنها تشمل على كل الأشكال الأولى لليتورجيات والألحان الموسيقية الكنسية التي عاشت مع المسيحية، وإنه لشيء رائع وفاخر بأن يكون هنا ويلتقي بسهولة مع أحفاد المسيحيين الأوائل، وسوف تصور السلسلة في الصين أيضاً حيث سيتم تصوير الكنيسة المشرقية (الآشورية) في الصين واسمها "جيان" التي تتضمن مبان وأديرة فيها دير حديث البناء للكنيسة المشرقية يدعى "تاكين" والذي يعني سوريا باللغة (الماندولية)، وستأخذهم نهاية السلسلة إلى يومنا هذا.
وقال دارميد عن أن إشهار وبث هذه الحلقات سوف يفيد الألحان السريانية من خلال مشاهدتها من قبل عدد كبير جداً في العالم أجمع، وبذلك سيعرف الغربيون بأنه توجد أمور ثمينة جداً في هذه المنطقة، وإذا كان من الممكن للمراكز الثقافية في الغرب بأن تقوم بالمزيد من الدراسات والنهل من هذه الأصول والاستفادة منها، وكذلك الإطلاع على عيش أصحاب الديانات جنباً إلى جنب بطريقة ملهمة كما هو الآن في سوريا بالتحديد.تشرين الأول 2009وستذاع الحلقات في شهر تشرين الأول 2009 أي بعد 12 شهراً من الآن كونها سلسلة وثائقية ضخمة جداً وتحتاج كل حلقة فيها إلى ثلاثة أشهر من التصوير، حيث قال "دارميد" بأن الفريق كان قد بدأ مهمته منذ نيسان عام 2007، فقد تم تصوير ثلاث حلقات عن الكنيسة المعاصرة وهي القسم الأسهل في السلسلة
وكان الفريق قد صور في زيوريخ وجنيف عن القرن السادس عشر (عصر الإصلاح في الكنيسة)، ومن ثم تم التصوير في البرازيل والمكسيك التي تُمثل رد الفعل الكاثوليكي على البروتستانتية، وهي الانتشار الواسع للمسيحية في القرن الخامس عشر في أمريكا من خلال الكنيسة الكاثوليكية وليس البروتستانتية، ثم انتقل إلى البرازيل والمكسيك و الولايات المتحدة الأمريكية في وسط بنسلفانيا ومن ثم أوروبا في ألمانيا وبولندا وغيرها، وعن هذا الفريق تحدث دارميد بأنه فريق لا يُضيع أي دقيقة من وقته فلذلك لا تجدهم يضيعون أي وقت في عمل غير مفيد!!!.البروفسور "دارميد" يُعد كتاباً عن المسيحية بشكل عامأوضح دارميد بأنه يعمل على إصدار كتابٍ حول نفس موضوع السلسلة وبنفس الفترة عن المسيحية بشكل عام وسيصدر الكتاب أثناء عرض السلسلة ومن إصدار دار "بنكوان للنشر" بحيث سيكون بمقدور المشاهد البريطاني من أن يرى السلسلة ويقتني الكتاب معاً سعياً للمزيد من الاستفادة والتوثيق.
وكان فريق البي بي سي قد صور قداساً للكنيسة الآشورية في دمشق والذي كان غالبية الحضور فيه من الإخوة العراقيين الذين هجروا من منازلهم خلال الأزمة العراقية التي يعاني منها العراق منذ سنوات وإلى الآن، وسوف يقوم الفريق بزيارة لعدة كنائس أخرى بدمشق كدير مار أفرام السرياني بمعرة صيدنايا وتصويره وتصوير قداس فيه وتصويرالدير وحياة الرهبان فيه واللقاء مع غبطة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وتسجيل شهادته.
وتعتبر الرها/ أديسا/ أورفة الواقعة اليوم في جنوب تركيا اليوم، هاجر شعبها المسيحي في عشرينيات القرن الماضي وسكنوا حلب ولقبوا بالأورفلية ومن حلب توزع الكثير منهم إلى دول كثيرة في العالم، ولا تزال تلك الألحان والتراتيل الأولى تُرتل في كنيسة السريان اليوم والتي حملها أبناء الرها خلال هجرتهم أيام الحكم العثماني في عام 1924 حاملة معها تراث الرها وتراث مار أفرام السرياني.
في نهاية القداس عبر "دارميد" عن سعادته ونشوته بسماع الألحان الرهاوية الرائعة والفريدة حسب وصفه وخاصة الصلاة الربانية الملحنة التي تابعها من خلال كراس خدمة المؤمن الموجود في الكنيسة وذلك شيء لم يكن يتوقعه حسب قوله، وأنه قد وجد ما كان يطمح إليه ويبحث عنه لتصوير حلقته، كما عاين الثريا النفيسة المعلقة في الكنيسة التي أهدتها الملكة فيكتوريا ملكة انكلترا كواحدة من ثلاث ثريات كريستال مع جرس كنيسة ضخم للشعب الرهاوي الذي كان يبني كنيسة في مدينة الرها حينها، بعدها حمل الشعب الرهاوي هذه النفائس معه إلى حلب خلال الهجرة الأليمة ولازال ذلك الجرس يقرع يومياً عند كل صلاة.
أما "جيليان" منتجة العمل والتي كانت تشرف على كل حركة لفريق التصوير فقد رفضت الإفصاح عن ميزانية العمل ولكن قالت بأن المصروف كبير جداً وأنه سيكون عملاً مهماً جداً ومحترماً أيضاً.
ريمون جرجي- حلب
موقع أبونا الأردن 17.10.2008