هوى صُعُدًا!"، كلمة قالها سعيد عقل في رحيل فؤاد افرام البستاني. لم أجد كلمة أجلى منها في رحيل المطران الزَّايك. غيري سيكتب سيرته ويتوسَّع في سرد أعماله وكتاباته ونشاطه الرَّسوليِّ.
"أحتفظُ لنفسي بذكريات لها فيَّ من الحياة ما يجعلني أختلجُ لها حتَّى اليوم. هو مطران "غير شكل" كما كنَّا نختصره بعد زيارة له أو زيارة منه.
نجح في تأسيس أوَّل أبرشيَّة مارونيَّة في الولايات المتَّحدة مع ما يتطلَّب ذلك من سهرٍ وجهدٍ وحكمةٍ وحنكةٍ وحُسنِ تدبيرٍ وصبرٍ وحيطةٍ. زرع الكنائسَ كمَن يزرع الزُّهور في الحديقة. فأصبح للموارنة رعايا في أنحاء بلاد العمِّ سام. عملتُ لأجل أبرشيَّته بناءً على رغبته في ترجمة الألحان المارونيَّة الشَّعبيَّة إلى الإنكليزيَّة كي يتسنَّى للموارنة المولودين في تلك البلاد الشَّاسعة أن "يتوغَّلوا" في تراثهم لا من طريق ترجمة النُّصوص الطقسيَّة فحسب بل من طريق ترجمة ألحانها، تلك الَّتي ترافق الماروني من المهد إلى اللَّحد.
وكانت ثقته حافزًا لي لاقتحام المراحل النَّابعة من صعوبة نقل اللَّحن بأمانةٍ؛ فعملتُ محبَّةً به وبكنيستي، في تنقُّلٍ بين لبنان وأبرشيَّته. والميداليَّة الفضلى الَّتي تسلَّمتُها منه هي الرِّضى والتَّشجيع والكلام الَّذي يبني الفرح في العمل والحماسة في السَّهر لإنجازه في الوقت المحدَّد.
ولمَّا سألته عن سرِّ نجاحه في رعاية شعب مارون، حيث كلُّ فردٍ "راس"، قال بتواضعه المعهود وخفَّة دمه اللاَّفتة: "سمعت الكلمة من البابا يوحنَّا الثَّالث والعشرين!". قال لي عندما استقبلني قبل سفري: "اسمع يا صاحب السِّيادة، لكي تنجح في عملك، اعمَل مثلي. الكنيسة تخصُّ المسيح وليست تخصُّك. ثمَّ حاوِل أن تلتزم أموراً ثلاثة:
-1 – اشتغل.
-2 – شغِّل.
-3 – اترك غيرك يشتغل.
وهكذا صار… هكذا صار لنا أسقفان مارونيَّان اليوم، مولودان في الولايات المتَّحدة، نادران من حيث التَّقوى والغيرة الرَّسوليَّة هما: روبرت شاهين وغريغوري منصور.
كلُّ ما يُقال عن المطران الزَّايك قليل. ولم يكن يهمُّه قول النَّاس فيه، بل رضى الله عليه. تقواه فَرَح. حبُّه للعذراء مُعدٍ. كلامه عن القربان وحياته من القربان، مدرسة لكلِّ كاهنٍ أو طالب كهنوت.
هو يسمعني من سمائه. كان ينوي الذَّهاب إلى لورد في شهر أيَّار وقد هيَّأتُ له غرفةً في بيت مريم "نجمة الشَّرق"، وكان مسرورًا جدًّا، إنَّما نزولاً عند نصيحة الأطبَّاء لم يحقَّق حلمه.
ما همّ، فهو اليوم يزور لورد بعافية الأبرار. كما يزورنا في هيكلنا الدَّاخليِّ كلَّما طلبناه.
فأطلب منه بالدَّالَّة الَّتي كانت لي عليه أن يداوم السَّهر على كنيسته، وأبرشيَّته وأصدقائه، وأن يغفر لنا من سماه كلَّ تقصيرٍ بحقِّه.
إنَّه من جبلة آبائنا القدِّيسين العظماء. سوف تُدرَّس سيرته وكتاباته. ولكنَّ الأهمَّ هو أنَّه سمع اليوم معلِّمَه يقول له: "ادخُل فرحَ سيِّدك لأنَّك كنتَ أمينًا على ما أوكلتُه إليكَ، فسأجعلكَ أمينًا على أكثر من ذلك".
النهار / بقلم الأب منصور لبكي
نجح في تأسيس أوَّل أبرشيَّة مارونيَّة في الولايات المتَّحدة مع ما يتطلَّب ذلك من سهرٍ وجهدٍ وحكمةٍ وحنكةٍ وحُسنِ تدبيرٍ وصبرٍ وحيطةٍ. زرع الكنائسَ كمَن يزرع الزُّهور في الحديقة. فأصبح للموارنة رعايا في أنحاء بلاد العمِّ سام. عملتُ لأجل أبرشيَّته بناءً على رغبته في ترجمة الألحان المارونيَّة الشَّعبيَّة إلى الإنكليزيَّة كي يتسنَّى للموارنة المولودين في تلك البلاد الشَّاسعة أن "يتوغَّلوا" في تراثهم لا من طريق ترجمة النُّصوص الطقسيَّة فحسب بل من طريق ترجمة ألحانها، تلك الَّتي ترافق الماروني من المهد إلى اللَّحد.
وكانت ثقته حافزًا لي لاقتحام المراحل النَّابعة من صعوبة نقل اللَّحن بأمانةٍ؛ فعملتُ محبَّةً به وبكنيستي، في تنقُّلٍ بين لبنان وأبرشيَّته. والميداليَّة الفضلى الَّتي تسلَّمتُها منه هي الرِّضى والتَّشجيع والكلام الَّذي يبني الفرح في العمل والحماسة في السَّهر لإنجازه في الوقت المحدَّد.
ولمَّا سألته عن سرِّ نجاحه في رعاية شعب مارون، حيث كلُّ فردٍ "راس"، قال بتواضعه المعهود وخفَّة دمه اللاَّفتة: "سمعت الكلمة من البابا يوحنَّا الثَّالث والعشرين!". قال لي عندما استقبلني قبل سفري: "اسمع يا صاحب السِّيادة، لكي تنجح في عملك، اعمَل مثلي. الكنيسة تخصُّ المسيح وليست تخصُّك. ثمَّ حاوِل أن تلتزم أموراً ثلاثة:
-1 – اشتغل.
-2 – شغِّل.
-3 – اترك غيرك يشتغل.
وهكذا صار… هكذا صار لنا أسقفان مارونيَّان اليوم، مولودان في الولايات المتَّحدة، نادران من حيث التَّقوى والغيرة الرَّسوليَّة هما: روبرت شاهين وغريغوري منصور.
كلُّ ما يُقال عن المطران الزَّايك قليل. ولم يكن يهمُّه قول النَّاس فيه، بل رضى الله عليه. تقواه فَرَح. حبُّه للعذراء مُعدٍ. كلامه عن القربان وحياته من القربان، مدرسة لكلِّ كاهنٍ أو طالب كهنوت.
هو يسمعني من سمائه. كان ينوي الذَّهاب إلى لورد في شهر أيَّار وقد هيَّأتُ له غرفةً في بيت مريم "نجمة الشَّرق"، وكان مسرورًا جدًّا، إنَّما نزولاً عند نصيحة الأطبَّاء لم يحقَّق حلمه.
ما همّ، فهو اليوم يزور لورد بعافية الأبرار. كما يزورنا في هيكلنا الدَّاخليِّ كلَّما طلبناه.
فأطلب منه بالدَّالَّة الَّتي كانت لي عليه أن يداوم السَّهر على كنيسته، وأبرشيَّته وأصدقائه، وأن يغفر لنا من سماه كلَّ تقصيرٍ بحقِّه.
إنَّه من جبلة آبائنا القدِّيسين العظماء. سوف تُدرَّس سيرته وكتاباته. ولكنَّ الأهمَّ هو أنَّه سمع اليوم معلِّمَه يقول له: "ادخُل فرحَ سيِّدك لأنَّك كنتَ أمينًا على ما أوكلتُه إليكَ، فسأجعلكَ أمينًا على أكثر من ذلك".
النهار / بقلم الأب منصور لبكي